رأى الكاتب التركي، "إبراهيم قره غُل"، أن الاستعدادات جارية للتدخل في نيجيريا من أجل السيطرة على النفط، بذريعة الفتيات المختطفات، من قبل تنظيم "بوكوحرام"، معتبراً أن "عملية الرحمة هذه، ليست من أجل الفتيات المخطوفات، بل من أجل النفط".
وأضاف قره غُل، في مقال له بعنوان، " تنظيم بوكو حرام والفتيات المخطوفات"، في صحيفة "يني شفق" التركية، الجمعة، أن العالم يتساءل منذ أيام عن مصير الفتيات، فيما تصريحات ممثل التنظيم الذي أعلن أنهم سيبيعونهن كرقيق، تشير إلى أي منزلق ينزلقون.
وأردف الكاتب أن "بوكو حرام"، هي جزء من حرب قذرة، وامتداد لسيناريو تقاسم موارد نيجيريا، من خلال استغلال الصراعات بين المسلمين والمسحيين.
وفيما يريد معظم النيجيريين أن تتلقى حكومتهم مساعدة من الخارج، لإنقاذ الطالبات المختطفات اللاتي أصبحت قضيتهن تحظى باهتمام عالمي في الوقت الراهن، فإن قرار السماح لقوات أجنبية -ولا سيما الأمريكيين- بالمشاركة في عمليات البحث على الأرض يبدو أنه يدق ناقوس الخطر.
وينظر الكثير من المحللين والنشطاء النيجيريين إلى نشر قوات أمريكية في بلادهم بمثابة حلم تحقق بالنسبة للاستراتيجيين الأمريكيين، واصفين إياه بـ"الاستعمار الناعم".
وفي حديث لوكالة الأناضول، قال الناشط الحقوقي البارز، "أبيودون أريمو" إن "هذا استعمار ناعم يتحقق من خلال الباب الخلفي. وهو بالنسبة لهم بمثابة حلم يتحقق".
وسارع المحللون بالإشارة إلى طلب الولايات المتحدة عام 2007 إنشاء قيادة أفريقية- ثكنة عسكرية وهو ما لاقى معارضة شديدة من الرأي العام النيجيري آنذاك.
والكثيرون، مع ذلك، يعتقدون أن الولايات المتحدة لا تزال تأمل في إنشاء القاعدة.
وأوضح "معاذو" الخبير في شؤون "بوكو حرام": "بشأن قضية القيادة الأفريقية، أنا أعلم أن الناس يريدون قول إن حالة التمرد ربما صنعتها الولايات المتحدة، وبعد ذلك سوف يخلقون وضعا صعبا للغاية بالنسبة لنا لدرجة أننا سنستنفد الخيارات، وسيصبح هذا أساسا لهم لتشكيل القيادة الأفريقية بقاعدة نيجيرية".
وأضاف: باستثناء السعي لتحقيق مصالحها الخاصة، لا شيء جيد يمكن أن ينتج عن تدخل الولايات المتحدة في نيجيريا.
وتابع: "نحن لا نريد الأمريكيين على أرضنا، وهم ليسوا قادمين لمساعدتنا. سيكون مجيئهم مؤذ لنيجيريا، وأمريكا تسعى فقط لمصلحتها وليس مصلحة نيجيريا".
اختطاف 200 تلميذة
وكان مسلحون يرجّح أنهم ينتمون إلى مجموعة "بوكو حرام"، اختطفوا نحو 200 تلميذة من مدرسة في شمال شرق نيجيريا.
وذكرت وسائل إعلام محلية، أن عشرات الفتيات اختطفن في الهجوم الذي استهدف مدرسة في ولاية برونو.
وقال شهود وأهالي الفتيات إن المسلّحين هاجموا مهجع الفتيات واختطفوا الفتيات اللواتي وضعوهن على متن أربعة عربات.
"علماء المسلمين" يدين اختطاف الطالبات
من جهته ندد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بخطف ما يزيد عن 200 فتاة في نيجيريا منتصف شهر أبريل/ نيسان الماضي من مدرستهن في ولاية بورنو (شمال شرق) على يد عناصر جماعة "بوكو حرام" المسلحة، واعتبر ذلك " عملاً إجراميًا محرمًا وفسادًا في الأرض"، وطالب الجماعة بالعودة إلى رشدها.
ودعا الاتحاد، في بيان أصدره اليوم الخميس وزيل بتوقيع رئيسه يوسف القرضاوي وأمينه العام علي القرة داغي وصل وكالة "الأناضول" نسخة منه، إلى إطلاق سراحهن فوراً .
وقال الاتحاد إنه "تلقى نبأ خطف البنات من مدارسهن، والمستمر منذ 14 أبريل الماضي وحتى اليوم في نيجيريا، على يد جماعة (بوكو حرام) ببالغ الحزن والأسف، لما آلت إليه قلوب وأفعال بعض المسلمين من الابتعاد الكامل عن شريعة الإسلام، التي نزلت رحمة للعالمين، وتحرم تلك الجرائم".
وأكد الاتحاد "على أن الإسلام بريء تماماً من تلك الأفعال البعيدة كل البعد عن تعاليمه وأحكامه ، بل يعد الاتحاد تلك الجرائم تسيء للإسلام وتزيد الكراهية ضد المسلمين" .
خلفية تاريخية للصراع
مدير تحرير مجلة قراءات إفريقية رأفت صلاح الدين يرى أن الصراعات القبلية والعقدية والاقتصادية تمثل السمة الغالبة على كثير من المجتمعات الإفريقية، والتي يراد لها أن تعيش دائما في أتون صراعات تمنع الاستقرار، مما يسهل على الطامعين في مقدرات هذه الدول من استغلال وسرقة خيراتها موقع قراءات إفريقية الذي يصدر عن مؤسسة المنتدى الإسلامي.
ويؤكد صلاح الدين أنّ ما يحدث في نيجيريا هو حلقة من حلقات هذا الصراع المسيّس، فنيجيريا هي من أكبر وأغنى البلدان الإفريقية، وهى تعد من الدول الغنية بالبترول، ليس على مستوى إفريقيا فحسب، بل على مستوى العالم، ومع ذلك تعد من أفقر دول العالم.
ويضيف أن نيجيريا تعتبر من أكبر البلدان الإفريقية من حيث عدد السكان، حيث يبلغ تعدادهم حوالي 160 مليون نسمة يشكل المسلمون أكثر من 60% من السكان، الذين يتركزون بشكل كبير في الشمال ويتركز النصارى في الجنوب، وتعيش أقليات دينية نصرانية ومسلمة بأعداد كبيرة في أغلب المدن في الشمال والجنوب، كما توجد أقلية ذات معتقدات وثنية، يطلق عليهم أصحاب الديانات الطبيعية.
ويؤكد صلاح أن الصراع في نيجيريا قديم ومستمر ففي ستينيات القرن المنصرم حدثت حرب أهلية عرفت بـ "حرب بيافرا" كانت عبارة عن نزاع مسلح استمر من 16يوليو 1967 حتي 13يناير 1970 في محاولة من ولايات الجنوب الشرقي النيجري للاستقلال عن الدولة الاتحادية في نيجريا وإعلان جمهورية بيافرا، وراح ضحيته أكثر من مليون شخص، حتى استطاعت الحكومة المركزية من القضاء عليه.
الملفت للانتباه بحسب صلاح الدين أن منظمات حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات الدولية لم تعترض أو تتطرق للحديث عن هذه الإعدامات وانتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت، لأن الضحية في هذه الحالة مسلم لا بواكي له.
ويشير إلى أمر جدير بالملاحظة هو تركيز الإعلام على القتلى من النصارى فقط، ويتم التجاهل عن عمد لقتلى المسلمين، والحديث المستمر عن وحشية اعتداءات المسلمين علي النصارى، وعن المهلة التي منحتها بوكو حرام للمسيحيين لمغادرة شمال البلاد دونما إشارة للعنف المتبادل بين الجانبين.
و يختم صلاح الدين بالقول هذه صورة إعلامية مكررة حيث يتم صناعة فزاعة يتم تخويف الناس منها، ويلصقون بها كل شيء، حتى اعتداءات المعتدين عليهم، وما فزاعة الإرهاب عنا ببعيد، فقد نسبوا الإرهاب لكل شيء حتى صلاة المسلمين في المساجد، وحجاب المرأة المسلمة إرهاب.
بوكو حرام
من الجدير بالذكر أنّ بوكو حرام هي جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد المعروفة بالهوسية باسم بوكو حرام أي "التعليم الغربي حرام"، وهي جماعة إسلامية نيجيرية مسلحة تعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا.
القائد الحالي لها هو أبو بكر الشكوى، وسميت هذه الجماعة بـ"طالبان نيجيريا" وهي مجموعة مؤلفة خصوصا من طلبة تخلوا عن الدراسة وأقاموا قاعدة لهم في قرية كاناما بولاية يوبه شمال شرقي البلاد على الحدود مع النيجر.
تأسست الجماعة في كانون اول/ يناير 2002، على يد محمد يوسف، وهو الذي أسس قاعدة الجماعة المسماة أفغانستان، في كناما، ولاية يوبه. يدعو يوسف إلى الديموقراطية وإلى تغيير نظام التعليم، وعلى حسب قوله: "هذه الحرب التي بدأت الآن سوف تستمر لوقت طويل".
في باوتشي عرف عن الجماعة رفضها الاندماج مع الأهالي المحليين، ورفضها للتعليم الغربي والثقافة الغربية، والعلوم. وقد انضم لهم قادمون من تشاد ويتحدثون فقط اللغة العربية.
وعند تأسيسها كانت الحركة تضم نحو مئتي شاب مسلم، بينهم نساء ومنذ ذلك الحين تخوض من حين لآخر مصادمات مع قوات الأمن في بوشي ومناطق أخرى بالبلاد.
في تموز/ يوليو 2009 بدأت الشرطة النيجيرية في التحري عن الجماعة، بعد تقارير أفادت بقيام الجماعة بتسليح نفسها. تم القبض على عدد من قادة الجماعة في باوتشي، مما أدى إلى اشتعال اشتباكات مميتة بين قوات الأمن النيجيرية وقدر عدد الضحايا بحوالي 150 قتيلا.