تزايدت خلال الأسبوع الماضي وتيرة الهجمات على رجال الأمن في
مصر، حيث بات رجال الجيش والشرطة هدفا يوميا لاعتداءات دامية تتنوع بين تفجير عبوات ناسفة وإطلاق نار.
ومنذ الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013، قُتل أكثر من 500 من أفراد الجيش والشرطة، كما تعرضت منشآت أمنية لهجمات وتم حرق المئات من مركبات الشرطة والسيارات الخاصة بالضباط.
وأخذت تلك العمليات طابعا جريئا بمرور الوقت، كان آخرها تعرض منزل والدة وزير داخلية اللواء محمد إبراهيم بمحافظة السويس لهجوم بأسلحة آلية صباح الجمعة.
وبينما نفت وزارة
الداخلية وقوع الهجوم، نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية عن مصدر أمني بالمحافظة وشهود عيان تأكيدهم إطلاق مجهولين النار على المنزل.
الهجمات لا تتوقف
وأكدت وزارة الداخلية فى بيان لها الأحد - تلقى "عربي 21" نسخة منه - مقتل نقيب شرطة ومجند من الأمن المركزى في هجوم فجر الأحد على قوة مشتركة من الجيش والشرطة على طريق مصر السويس الصحراوي بالقرب من مدينة بدر.
وفجر السبت، تعرضت وحدة تابعة للشرطة في حلوان - تضم نقطة شرطة ومطافي - لهجوم مسلح من مسلحين ملثمين أدى إلى إصابة 3 مجندين، وإحراق 8 سيارات شرطة وأجزاء من الوحدة.
ولم يكن ضباط الجيش بمنأى عن هذه الاعتداءات، حيث أصيب ضابط بالقوات المسلحة وصهره فجر السبت، برصاص أطلقه عليهما مجهولون أثناء سيرهم بالسيارة بمدينة ميت غمر التابعة لمحافظة الدقهلية.
وامتدت الهجمات لتشمل أيضا ضباط المرور الذين لا يتعاملون مع التظاهرات، حيث لقي ضابط شرطة قد لقي مصرعه مساء الجمعة إثر تفجير عبوة ناسفة في كشك مرور فى ميدان لبنان بمحافظة الجيزة، كما أصيب شرطيان في هجوم استهدف نقطة مرور في القاهرة الثلاثاء الماضي.
وفي كل تلك الحوادث تقريبا، يتمكن المهاجمون من الفرار بعد إطلاق الرصاص أو تفجير عبوات ناسفة.
ونعى إبراهيم محلب رئيس الوزراء الأحد، قتلى القوات المسلحة والشرطة الذين سقطوا فيما أسماه معركة "الكرامة" التي تخوضها مصر ضد الإرهاب، مشددا في بيان له على أن الدولة بكل أجهزتها متيقظة وعازمة على وقف تلك الأعمال الإجرامية واستكمال خارطة المستقبل. ??
الظواهري يحرض والإفتاء تندد
من جهته، أعلن زعيم تنظيم "القاعدة"، أيمن الظواهري مباركته للهجمات التي تستهدف قوات الشرطة والجيش في مصر، مطالبا - فى مقابلة مسجلة صوتيا مع موقع السحاب التابع للقاعدة- الجهاديين بانتقاء عملياتهم بدقة".
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، استنكارها لعمليات قتل رجال الشرطة، مؤكدة تأييدها لجهود الحكومة المصرية للتصدى للإرهاب.
وكانت جماعة أنصار بيت المقدس التي تنشط في سيناء أعلنت مسؤوليتها عن هجمات في القاهرة ومدن أخرى.
لكن مجموعة جهادية غير معروفة تطلق على نفسها اسم "
أجناد مصر"، توعدت قوات الأمن الجمعة الماضية بمزيد من الهجمات ثأرا لانتهاكات تحدث ضد النساء.
وقالت الجماعة، في مقطع فيديو بثته على الإنترنت تحت عنوان "القصاص حياة"، إنها نفذت ثماني هجمات كلها في العاصمة القاهرة منذ 20 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، كان آخرها التفجيرات التي وقعت أمام جامعة القاهرة قبل أسبوعين وأسفرت عن مقتل عميد شرطة وإصابة ستة آخرين.
بدورها، استنكرت دار الإفتاء المصرية بشدة دعوة أيمن الظواهرى، زعيم تنظيم القاعدة، لأنصار التنظيمات الإرهابية فى مصر باستهداف قوات الأمن من رجال الجيش والشرطة، ومباركته تلك العمليات.
وأكدت دار الإفتاء فى بيان لها - تلقى "عربي 21" نسخة منه - أن أن الشرع أكد على حرمة الدماء ورهب ترهيبا شديدا من إراقتها، محذرة من الاستجابة لتلك الدعوات "الغادرة" التى تحض على قتل الأبرياء والاعتداء على رجال الجيش والشرطة.
الشرطة منهكة
من جانبه اعترف الخبير الأمني اللواء عبد الرحيم السيد إن وزارة الداخلية تتحمل فوق طاقتها وأن أفراد وضباط الشرطة يشعرون بالإنهاك بسبب العمليات "الإرهابية" المتكررة والمظاهرات التى لا تهدأ على حد قوله.
وأكد في تصريحات لصحيفة اليوم السابع أن تلك العمليات ستستمر لعدم وجود استقرار سياسي في البلاد.
وأصدرت وزارة الداخلية تعليمات مشددة لأفرادها بضرورة ارتداء السترات الواقية من الرصاص أثناء العمل، واتخاذ الاحتياطات اللازمة خلال تنقلاتهم بعد مواعيد العمل الرسمية من بينها ارتداء ملابس مدنية لمنع استهدافهم.
وبعدما كان رجال الشرطة وعائلاتهم يتفاخرون بعملهم، أصبح الحذر والقلق عنصرين أساسيين في حياتهم حيث يتعمدون عدم الكشف عن هوياتهم أمام أي شخص ويزيلون أي علامات فوق سياراتهم أو منازلهم أو حتى حساباتهم على موتقع التواصل الإجتماعي تكشف انتمائهم الشرطة.
وتتناقض مشاعر الحذر التي يعيشها رجال الشرطة في الأونة الأخيرة مع ما كانوا يعيشونه سابقا من نفوذ يجعل الكثيرين يهابون الاحتكاك بهم، خاصة بعد تعرض أسر ضباط لتهديدات عقب نشر صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي أسماء وعناوين عدد منهم.
ومع توالي الهجمات، زادت وزارة الداخلية من إجراءات تأمين مقراتها الشرطية فقامت ببناء جدران خرسانية حولها وأغلقت العديد من الطرق المؤدية للأقسام والمديريات، لكن ذلك لم يكفي لإشعار رجال الشرطة بالطمأنينة، وظل أغلبهم ينتظر الموت في أي لحظة.