بالتوزاي مع التقدم في المعارك في منطقة
الراموس التي تهدف لقطع طريق الإمداد لقوات النظام السوري في غرب
حلب، بدأ الثوار فجر الخميس هجوما على
ثكنة هنانو العسكرية الاستراتيجية شرق حلب، ضمن المعركة التي أطلق عليها اسم "
معركة الاعتصام" في حلب.
وبدأ الهجوم على الثكنة بعدما تمكن الثوار من حفر ثلاثة أنفاق تحت تحت الثكنة ثم تفجيرها، تبع ذلك اشتباكات عنيفة ما زالت متواصلة حتى الآن، كما امتدت الاشتباكات إلى قلعة حلب التي تتمركز فيها قوات النظام السوري وتبعد عن الثكنة نحو كيلومتر واحد.
وقالت الفصائل المشاركة، وتضم الجبهة الإسلامية وجبهة النصرة، إنها تمكنوا من التقدم داخل الثكنة. ونشر المقاتلون تسجيلات تظهر اقتحامهم لبوابات الثكنة قبل أن يدخلوا إلى بعض المباني داخل الثكنة التي بنيت في العهد العثماني.
أما إعلام النظام السوري فقد سارع للتقليل من شأن الذي أحرزه الثوار، حيث نقل التلفزيون الرسمي أن "وحدة من الجيش العربي السوري والدفاع الوطني تحبط محاولة تسلل العصابات الارهابية اثر تفجيرها ثلاثة انفاق في محيط ثكنة هنانو في حلب في محاولة لدخولها"، زاعما ان قوات الأسد "قضت على اعداد من الارهابيين" حسب قول التلفزيون.
وثكنة هنانو من بين أكبر الثكنات العسكرية في
سورية، وتعد ذات اهمية استراتيجية كونها تقع على مرتفع يشرف على الأحياء الشمالية والشرقية لحلب. ويقول مراقبون إن سيطرة الثوار على هذه الثكنة التي سبق أن هاجمها الجيش الحر في أيلول/ سبتمبر 2012؛ تتيح الاشراف على طريق إمداد أساسي لهم من ريف حلب الشمالي، كما أن سيطرة المقاتلين عليها تتيح لهم تأمين مناطق وأحياء يسيطرون عليها في شرق المدينة.
وتستمر المعارك في منطقة الراموس جنوب غرب حلب، في إطار سعي الثوار لقطع الإمدادات عن قوات النظام السوري غرب المدينة، عبر قطع الطريق الواصل من مطار حلب، فيما تتقدم الكتائب المقاتلة باتجاه مبنى فرع المخابرات الجوية في منطقة جمعية الزهراء، حيث بات المقاتلون على بعد بضعة أبنية من المقر. كما تقع الراموسة على مقربة من الطريق الدولي المؤدي إلى دمشق.
أما وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا)، وكعادتها، فقد قالت إن قوات الأسد "تخوض اشتباكات عنيفة مع المجموعات الارهابية في منطقة الراموسة (جنوب) وتتمكن من دحرها (...) تمهيدا لتأمين الطريق العام".
وفيما دارت اشتباكات أيضا في حي الإذاعة وحي سيف الدولة، قصفت طائرات النظام السوري حيي الزبدية وكرم الجبل، ومحيط سجن حلب المركزي حيث يحرز الثوار تقدما باتجاه السجن، إضافة إلى بلدة حريتان في ريف حلب الشمالي.
كما تدور اشتباكات في منطقة الشيخ نجار الصناعية شرق حلب، حيث تمكن الثوار من استعادة عدة نقاط كانت قد سيطرت عليها قوات النظام في الأسابيع الماضية.
صواريخ تاو:
وفي الأثناء، أعلن مصدر في الفصائل المقاتلة أن المقاتلين حصلوا على 20 صاروخا امريكي الصنع من طراز "تاو" المضاد للدبابات من "جهة غربية" لم يسمها.
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس ان "عناصر منضبطة ومعتدلة من حركة حزم" التي تعد جزءا من الجيش السوري الحر حصلت" على هذه الصواريخ.
وتضم حركة حزم عددا من ضباط الجيش والجنود السابقين الذين انشقوا عن قوات الأسد وانضموا للجيش الحر.
وأضاف المصدر ان المعارضة تلقت وعدا بإمدادها بمزيد من الصواريخ في حال استخدمت "بطريقة فعالة"، مضيفا ان هذه الصواريخ استخدمت حتى الآن في مناطق ادلب وحلب واللاذقية شمال سورية.
وأظهر تسجيلات مقاتلين يخرجون العديد من الصواريخ، وهي من طراز "بي.جي.إم-71 تاو" ويعبئونها ويطلقونها في مواقع غير محددة في المناطق الريفية السورية.
وقال مسؤول في الجيش الحر ان معظم الاهداف كانت من الدبابات، مضيفا انه تم استخدام هذه الصواريخ 20 مرة بفعالية 100% حيث اصابت اهدافها.
وتحدث بعض المحللين عن احتمال قدومها من دولة أخرى مثل السعودية -حليفة الولايات المتحدة- بموافقة واشنطن على الأرجح.
وأحجم المسؤولون الأمريكيون عن التحدث عن الصواريخ التي ظهرت في سوريو في ذات الوقت تقريبا الذي ذكرت فيه وكالة رويترز أن واشنطن قررت المضي في خطط زيادة المساعدات لمقاتلي الجيش الحر بما في ذلك تقديم أسلحة أقل مستوى.
ويقول المسؤولون الأمريكيون في أحاديثهم الخاصة إنه لا تزال هناك حدود واضحة للدعم الذي يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة للمعارضة السورية، بحجة الخشية من الأسلحة بأيدي الإسلاميين. وخضع اقتراح بتزويد المعارضة بصواريخ مضادة للطائرات من طراز مانباد للبحث لكنه رفض.
وصرحت برناديت ميهان المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي بأن إدارة أوباما تقدم دعما لم تحدده. وقالت ردا على سؤال بشأن التسجيلات التي ظهرت فيها الصواريخ: "الولايات المتحدة ملتزمة ببناء قدرات المعارضة المعتدلة باستخدام وسائل منها تقديم العون لأعضاء المعارضة المسلحة المعتدلة الذين تم التحري عن سجلهم". وأضافت: "كما نقول دوما.. نحن لا نسرد بالتفصيل كل نوع من أنواع المساهمة التي نقدمها".
ويقول محللون إنه على الرغم من أن عدد الصواريخ الأمريكية التي شوهدت لا يزال ضئيلا، فإن الأنباء التي تتحدث عنها تنتشر سريعا.
وقال تشارلز ليستر، الزميل الزائر بمركز بروكينجز الدوحة وأحد أوائل الخبراء الذين حددوا نوع الصواريخ: "مع رؤية صواريخ تاو الأمريكية الصنع المضادة للدبابات في أيدي ثلاث جماعات في شمال سورية وجنوبها.. يمكننا أن نقول إن هذا أمر جلل". وأضاف ليستر قائلا إن أول ثلاثة تسجيلات مصورة أذيعت في الأول والخامس من نيسان/ أبريل. وأزيل اثنان منها من على المواقع لكن ما زال هناك واحد على موقع يوتيوب.
وقد نشر صورا ثابتة أكثر وضوحا على مدونة لحساب هافنجتون بوست الأسبوع الماضي.
واستعرض أيضا خبراء أسلحة آخرون ومدونون عن الحرب في سورية التسجيلات المصورة. من بين هؤلاء إليوت هيجنز المتخصص الهاوي في الأسلحة وشرائط الفيديو والمقيم في بريطانيا والذي برز كواحد من أشهر المرجعيات بشأن قوة النيران الأجنبية التي تصل سورية. وتحمل مدوناته اسم "براون موزيس".
ولم يعلق الفصيل المقاتل الذي ظهر وهو يتعامل مع الصواريخ الأمريكية في التسجيلات الأولى، وهو فصيل علماني يحمل اسم "حركة حزم". لكن واحدا من النشطاء المعارضين المقيمين في جنوب شرق تركيا وكان عضوا سابقا في حركة حزم قال إن الصواريخ قدمها الأمريكيون.
وقال الناشط السوري الذي عرف نفسه باسم سامر محمد إن حركة حزم تلقت عشرة صواريخ مضادة للدبابات هذا الشهر قرب حلب وإدلب اللتين مزقهما قتال عنيف وتقعان بالقرب من الحدود الشمالية مع تركيا.
وأضاف أن حركة حزم أطلقت خمسة من هذه الصواريخ لتدمير أربع دبابات والفوز بمعركة دارت في ضاحيتي بابولين والصالحية في ريف إدلب، وأن هذه كانت المرة الأولى التي تظهر فيها مثل هذه الأسلحة الأمريكية في القتال السوري.
وقال ليستر إن تسجيلات فيديو أظهرت الصواريخ وهي في أيدي "جبهة ثوار سورية" وجماعة أخرى هي ألوية وكتائب الشهيد أحمد العبدو. ويدرج الفصيلان أيضا ضمن "الفصائل المعتدلة" حسب التصنيف الغربي.
وقال ليستر إنه إذا كانت واشنطن تعزف عن تقديم صواريخ تاو بنفسها فسيكون المصدر في الغالب هو السعودية التي لديها آلاف المقذوفات المضادة للدبابات في ترسانتها. وسيكون لزاما على السعودية بموجب شروط عقد البيع الأصلي أن تبلغ واشنطن إن كانت ستنقلها إلى أي طرف ثالث.
وقال ليستر: "بالنظر إلى الجماعات التي شوهدت بالفعل وبحوزتها هذه الأنظمة الصاروخية ومع الأخذ في الاعتبار ما يعرف عن السعوديين بالفعل عن تقديم أسلحة لجماعات... معتدلة يبدو أن السعودية هي المرشح الأكثر ترجيحا في هذه المرحلة".
ويقول محللون إن قطر - المؤيد الرئيسي الآخر في المنطقة لمقاتلي المعارضة السورية - لا تملك على الأرجح مثل هذه الصواريخ في مخازنها العسكرية المعتادة، وربما تكون قد اشترت سلاحا صينيا من مكان آخر - ربما السودان - لنقله إلى مقاتلي المعارضة العام الماضي.
ويقول خبراء سلاح إن صواريخ "اتش.جيه-8" الصينية الصنع الموجهة المضادة للدبابات ما زالت أحد المكونات المألوفة نسبيا في ترسانة الثوار. وظهرت هذه الصواريخ بوضوح في أيدي مقاتلين إسلاميين في أوائل العام الماضي وربما تكون قد جاءت من قطر.
ورصدت شحنات في الآونة الأخيرة في أيدي فصائل تميل إلى العلمانية نسبيا، ويعتقد المحللون أنها مقدمة من السعودية.
يقول مراقبون إن استخدام إسلاميين لصواريخ مانباد المضادة للطائرات تضاءل في الأشهر الأخيرة. ووصلت هذه الصواريخ العام الماضي ويعتقد أيضا أنها جاءت من قطر في تطور أثار قلق الدول الغربية بوجه خاص.
وقال المدون براون موزيس: "أعتقد أن هناك موجتين من الأسلحة الصينية تتجهان إلى الجماعات المختلفة.. الأولى من قطر والثانية من السعودية".
وتشعر الدول الخليجية بالانزعاج أيضا لتزايد علامات الدعم الإيراني لجيش الأسد. وعن أحدث قطعة من السلاح الإيراني ظهرت على أرض المعركة، وهي الطائرة شاهد 129 التي تنطلق في الأجواء بلا طيار والتي التقطت صور لها فوق دمشق، تقول إيران إنها تحمل أسلحة وتقوم بمهام مراقبة.
وقال براون موزيس إن التطور المهم الآخر الذي حدث على ساحة الصراع السوري هذا العام هو تزايد استخدام قوات الأسد لقاذفات الصواريخ "بي.إم-27" و"بي.إم-30" الروسية الصنع لإسقاط قذائف عنقودية. ففي حين أنه من المعروف منذ فترة أن النوع الأول يمثل جزءا من ترسانة الأسد، لا ينطبق الأمر على النوع الثاني.