قال الرئيس
السوداني، عمر
البشير، مساء الأحد: "إن حكومته ستسمح لكل القوى السياسية بممارسة نشاطها السياسي بحرية في كل ولايات البلاد"، بحسب ما أذاعه التلفزيون الرسمي.
كما وجه البشير بإطلاق سراح كل
المعتقلين السياسيين الذين لم تثبت عليهم جناية في الحق العام، أو الخاص بعد التحقيق.
جاء ذلك ضمن قرارات اتخذها البشير خلال اجتماعه مع زعماء
أحزاب معارضة للتشاور بشأن تشكيل آلية لإدارة الحوار الذي دعا إليه في يناير/ كانون ثان الماضي، ضمن خطة إصلاحية، وتسببت في انقسام أحزاب
المعارضة ما بين مؤيد ومعارض.
كما شملت القرارات توفير ضمانات لقادة الحركات المتمردة في الغرب والجنوب، للمشاركة في الحوار داخل البلاد وحرية الإعلام دون قيود.
ومن أبرز المعارضين الذين شاركوا في الاجتماع، بحسب التلفزيون السوداني، زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي، وزعيم حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي، وزعيم حركة الإصلاح الآن، التي انشقت عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، غازي صلاح الدين.
وقال البشير، بحسب التلفزيون الرسمي: "إن هذه القرارات تأتي لرغبتي الصادقة في تهيئة المناخ الملائم، لإنجاح الحوار الوطني الجامع".
وأضاف: "أجدد الدعوة لأولئك الذين تقاصرت بهم الخطى عن تلبية دعوة الحوار، أن يستجيبوا لنداء الوطن؛ لأن علاج مشاكل السودان يتطلب تكاتف ومشاركة الجميع".
فيما أشاد الترابي بقرارات البشير، ودعاه إلى تعزيزها بإطلاق سراح السياسيين المحكومين، وإعلان وقف إطلاق النار من طرف واحد في مناطق الحروب، مع حق الجيش في الدفاع عن نفسه، في حال تعرضه لهجوم إلى حين التوصل إلى اتفاق مع الحركات المسلحة، مع منح قادتها حصانات، مثل الحصانات الدبلوماسية للمشاركة في الحوار داخل البلاد، بحسب المصدر ذاته.
وطالب غازي صلاح الدين بـ"تشكيل لجنة للاتصال بالأحزاب الرافضة للحوار"، فيما رأى الصادق المهدي أن "نجاح الحوار يتطلب الجدية للتوافق على نظام جديد".
وانقسم تحالف المعارضة السودانية، الذي يضم نحو 20 حزبا إزاء دعوة وجهها البشير إلى الحوار، وذلك ضمن خطة إصلاحية يتبناها من 4 محاور هي "وقف الحرب وتحقيق السلام، والمجتمع السياسي الحر، مكافحة الفقر، وتعزيز الهوية الوطنية".
فبينما قبل أكبر حزبين الدعوة، وهما الأمة القومي والمؤتمر الشعبي، اشترطت بقية الأحزاب لقبول تلك الدعوة تنفيذ 4 شروط، أبرزها إلغاء القوانيين المقيدة للحريات وتشكيل حكومية انتقالية تشرف على صياغة دستور دائم وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
ويعتقد على نطاق واسع أن مساع البشير الإصلاحية سببها الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في سبتمبر/ أيلول الماضي، بسبب خطة تقشف حكومية؛ مما خلف عشرات القتلى، في أقوى احتجاجات واجهها البشير منذ وصوله للسلطة عبر انقلاب عسكري، مدعوما من الإسلاميين، عام 1989، علاوة على عجز الحكومة عن إيجاد معالجات للأزمة الإقتصادية.
ويواجه نظام البشير أزمة اقتصادية طاحنة منذ انفصال جنوب السودان في 2011 وفقدانه لغالبية حقول النفط، يفاقمها الكلفة العسكرية الباهظة للحرب مع المتمردين، والتي يقدرها خبراء بنحو 65 % من الميزانية العامة.
على صعيد أخر، أعلن مسؤول محلي سوداني، أن الجيش السوداني استعاد منطقتين في إقليم دارفور المضطرب، غربي البلاد، من قبضة المتمردين.
وقال والي شمال دارفور، عثمان يوسف كبر، في تصريحات صحفية: "إن القوات المسلحة تمكنت اليوم من دخول منطقتي "بير مزة" و"بير ديك"، في ولاية شمال دارفور، وطرد المتمردين، فيما لم يحدد الحركة التي ينتمون إليها منها".
وأضاف أن "المنطقتين تعدان آخر المعاقل الحصينة التي ظل المتمردون يحتمون بهما طيلة السنوات الماضية".
وأشار إلى أن "الحركات المسلحة في دارفور باتت الآن في أضعف حالاتها، والانتصارات الأخيرة للجيش تمثل بداية النهاية لها".
وبين أن وفدا حكوميا يتقدمه وزير الدولة في وزارة الدفاع، يحيى محمد خير، الذي يزور ولاية شمال دارفور هذه الأيام، تفقد المنطقتين عقب تحريرهما .
ولم يقدم والي شمال دارفور مزيدًا من التفاصيل بشأن وجود ضحايا من عدمه خلال تحرير المنطقتين، كما لم يصدر عن المتمردين أي تعليق رسمي بشأن ما صرح به الوالي.
وشهدت ولايتي شمال وجنوب دارفور في الأسابيع الماضية اشتباكات هي الأشد منذ سنوات، وفي مناطق حيوية، بين الجيش والمتمردين، بجانب نزاعات قبلية شردت عشرات الآلاف.
ومنذ عام 2003، تقاتل ثلاث حركات متمردة في دارفور الحكومة السودانية، هي: "العدل والمساواة" بزعامة جبريل ابراهيم، و"جيش تحرير السودان" بزعامة مني مناوي، و"تحرير السودان" التي يقودها عبد الواحد نور.
كما تنشط في دارفور عصابات نهب وقتل واختطاف ضد الأجانب العاملين في الإقليم؛ طلبًا للفدية في مقابل إطلاق سراحهم.
وبسبب نزاع دارفور، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية عام 2009 مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير؛ بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، قبل أن تضيف إليها عام 2011 تهمة الإبادة الجماعية، وهو ما ينفيه البشير.