أثارت صورة تم تدوالها للعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز البالغ من العمر 90 عاما يظهر فيها أنبوب تنفس رفيع يخرج من أنفه بينما كان يلتقي الرئيس الأمريكي باراك اوباما، يوم الجمعة الماضي، تكهنات بشأن قيام العاهل السعودي بتنحيه عن الحكم نظرا لحالته الصحية.
وارتقى الملك عبد الله سدة الحكم في أغسطس/ آب عام 2005 بعد وفاة شقيقه الملك فهد، وعبد الله هو الابن الثاني عشر للملك الراحل المؤسس عبد العزيز آل سعود.
وفيما استبعد مراقبون خطوة اعتزال العاهل السعودي، التي لو تمت ستكون سابقة في تاريخ
السعودية الحديث، اعتبر آخرون أن هناك 4 مؤشرات تدل على قرب اتخاذ تلك الخطوة.
وأشاروا إلى أن أولى هذه المؤشرات القرار الملكي الأخير باستحداث منصب جديد بمسمى ولي ولي العهد، وتعيين الأمير مقرن بن عبد العزيز (69 عاما) بذلك المنصب.
وأصدر العاهل السعودي، الخميس، أمرا ملكيا بتولي الأمير مقرن بن عبد العزيز، وليا لولي العهد الحالي الأمير سلمان، على أن "يبايع ولياً للعهد في حال خلو ولاية العهد ، ويبايع ملكاً للبلاد في حال خلو منصبي الملك وولي العهد في وقت واحد".
ومقرن الأخ غير الشقيق للعاهل السعودي، ويشغل حاليا منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، والمستشار والمبعوث الخاص للملك عبد الله بن عبد العزيز.
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تعيين ولياً لولي العهد في المملكة، وهو ما يفسر على أن الأمير مقرن في طريقه إلى العرش السعودي وذلك في ظل كبر السن والظروف الصحية للعاهل السعودي وولي عهده.
وبحسب الأمر الملكي، الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، جاء تعيين الأمير مقرن بأغلبية كبيرة تجاوزت ثلاثة أرباع عدد أعضاء هيئة البيعة.
وضمن آليات الخلافة التي أقرت قبل بضعة أعوام، عين الملك عبد الله أعضاء هيئة البيعة ووضع على رأسها أخيه غير الشقيق الأمير مشعل بن عبد العزيز.
وتضم الهيئة 34 أميرا من أبناء وأحفاد الملك عبد العزيز مهمتهم تأمين انتقال الحكم ضمن آل سعود لا سيما عبر المشاركة في اختيار ولي العهد.
ومن المقرر أن يتلقى الأمير
مقرن بن عبدالعزيز ولي ولي العهد، البيعة في قصر الحكم بالرياض في وقت لاحق اليوم الأحد وغداً بعد صلاة الظهر.
المؤشر الثاني، الذي يعزز احتمالية اعتزال عاهل السعودية، يعود إلى صحته التي أضحت تؤثر على أدائه بعض المهام ولا سيما خارج المملكة.
وأجرى الملك عبد الله (90 عامًا) في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 عملية جراحية في مدينة الملك عبد العزيز الطبية للحرس الوطني بالعاصمة السعودية الرياض لتثبيت رابط مثبت بفقرات الظهر بعد أن اكتشف الأطباء وجود تراخٍ به.
ومنذ إجراء العملية يغيب العاهل السعودي عن أي مناسبات رسمية خارج الدولة كان آخرها القم العربية التي عقدت في الكويت في مارس / آذار الجاري، والقمة التي سبقتها بالدوحة في مارس/ آذار 2013 ، كما أصبح ولي العهد السعودي يترأس غالبية جلسات مجلس الوزراء بالمملكة.
والعملية الجراحية الأخيرة هي رابع عملية جراحية للملك في السعودية خلال عامين، وسبق أن أجرى عملية جراحية مماثلة في المستشفى نفسه لإعادة تثبيت تراخي الرابط المثبت حول الفقرة الثالثة في أسفل الظهر في أكتوبر/تشرين الأول 2011.
وفي 2010 أعلن الديوان الملكي أن عبد الله يعاني من وعكة صحية ألمت به في الظهر تتمثل بتعرضه لانزلاق غضروفي. وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، أجريت له عملية جراحية في الظهر بمستشفى في نيويورك، تم خلالها "سحب التجمع الدموي وتعديل الانزلاق الغضروفي، وتثبيت الفقرة المصابة"، ثم أجريت عملية جراحية بعدها بـ 10 أيام لتثبيت عدد من فقرات الظهر، وسبق أن وجّه الملك عبد الله الديوان الملكي لأن يعلن "بكل شفافية" ما يتعلق بحالته الصحية.
المؤشر الثالث، بحسب المراقبين، يعود إلى شخصية الملك عبد الله نفسها التي دائما ما تتخذ خطوات غير تقليدية وغير مسبوقة في سبيل الحفاظ على استقرار الحكم في بلاده، ومنع أي تنازع مستقبلي على السلطة، مدللين على ذلك باستحداث منصب ولي ولي العهد وما سبقه من خطوات لضخ دماء جديدة في شرايين السلطة، بدخول أحفاد الملك عبدالعزيز للمناصب العليا، وتدوير المناصب.
وأصدر العاهل السعودي في 14 يناير/كانون الثاني 2013 أمرين ملكيين أعفى بموجبهما أمير المنطقة الشرقية الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وعين بدلا منه الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود نجل ولي العهد الراحل.
كما أعفى أمير منطقة المدينة المنورة عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز آل سعود من منصبه، وعين بدلا منه الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، نجل ولي العهد الحالي.
كما أصدر العاهل السعودي في 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي أمرا ملكيا أعفى بموجبه أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل (73 سنة) من منصبه، وعين بدلا منه نجله مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز (41 سنة)، الذي كان أمير لمنطقة نجران.
المؤشر الرابع هو زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للعاصمة السعودية الرياض، يومي الجمعة والسبت الماضيين، حيث يرى المراقبون أنه في حال اتخاذ العاهل السعودي تلك الخطوة فإنه حتما فاتح الرئيس الأمريكي بتلك الخطوة.
وتعتبر زيارة أوباما الأخيرة هي الثانية، بعد الأولى التي كانت في يونيو/حزيران 2009، واستبقت الرياض زيارة أوباما بحدثين هامين، أولهما عودة الأمير بندر بن سلطان، رئيس الاستخبارات السعودية، إلى العاصمة الرياض، بعد غياب استمر أكثر من شهر عن الساحة السياسية، وهو غياب لم يتم الكشف عن أسبابه.