كتب محمد المسفر: ترأس سمو الأمير
تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر وفد بلاده إلى مؤتمر القمة العربي الذي عقد في
الكويت وألقى سموه خطابا هاما رسم فيه معالم السياسة الخارجية لبلاده واستعرض حال الأمة العربية والطريقة التي يراها مناسبة للخروج من ذلك الحال ومن بين القضايا الهامة التي تناولها سموه المسألة الفلسطينية على مستوى الداخل الفلسطيني والمحادثات الجارية اليوم بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل من جهة والوسيط الأمريكي من جهة أخرى داعيا إلى عقد قمة عربية مصغرة للتوصل إلى مصالحة وطنية بين الأطراف الفلسطينية المختلفة معلنا استعداد دولة قطر لاستضافتها والهدف من وراء تلك القمة إلى جانب المصالحة بين الأطراف المختلفة رسم إستراتيجية عربية ملزمة لكل الأطراف العربية بغية تحقيق مصالح الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وعودة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وقد أعلن سموه أن دولة قطر ملتزمة بمليار دولار تبرعا منها لتأسيس صندوق قطري لدعم مدينة القدس، كما دعا سموه إلى رفع الحصار الخانق عن قطاع غزة التي تحولت حياتهم إلى عذاب لأكثر من ثمانية أعوام، "إنه حصار غير مفهوم وغير مبرر" وتساءل سموه: "بأي حق يسجن أكثر من مليون من البشر بلا ذنب اقترفوه وتحول مكان سكنهم إلى معسكر اعتقال؟! وكأني بسموه يريد أن يقول: هل عقاب المليوني إنسان في غزة بفرض هذا الحصار الظالم لأنهم اختاروا حركة حماس لتدير شؤونهم اليومية وتحقق لهم الأمن والقضاء على كل العصابات المسلحة التي كانت تسوم أهل غزة سوء العذاب؟!
إسرائيل عدو وقوة احتلال وحصارها لغزة من قبلها غير شرعي وغير أخلاقي وتريد التنكيل بأهلها والشعب الفلسطيني عامة ولكن هل يجوز أن تقوم جمهورية مصر العربية بما تقوم به إسرائيل تجاه أهل غزة إنه أمر مخجل وليس ذلك سلوك أهل مصر العزيزة.
(2)
لقد تناول سموه في خطابه أمام القمة العربية القضايا العربية، وإلى جانب القضية الفلسطينية، تناول الشأن السوري وما يتعرض له ذلك الشعب العظيم من حرب إبادة جماعية وتدمير للمدن والقرى وحتى أماكن العبادة لم تسلم من عدوان نظام بشار الأسد، وقال سموه: "إن الأزمة الإنسانية في سورية تزداد تفاقما دون أفق دولي لإنقاذ الشعب السوري في ظل سقوط مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمفقودين والمعتقلين الذين لا يعرف لهم مصير إلى جانب نزوح ولجوء ما يزيد عن تسعة ملايين إنسان" ودعا المجتمع الدولي لتكاتف الجهود من أجل إنقاذ الشعب السوري من الهلاك من قبل نظام لا يرحم. لم ينس سموه حال مصر وما يحيق بها من آلام واضطرابات وعدم استقرار متمنيا لمصر العزيزة الأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي وصولا إلى ما يريده شعب مصر الشقيق. كما استعرض سموه الحال في تونس وما أنجزه الشعب التونسي سيرا نحو الديمقراطية وإقرار الدستور وتشكيل حكومة وطنية من كافة الأطراف السياسية، والسودان وما يعتور طريقه نحو إحلال السلام والأمن في كافة ربوعه وخاصة في دارفور، وقدم تهانيه إلى الأشقاء في اليمن على ما أنجزوه عن طريق الحوار برغم كل الصعاب، ولم ينس العراق وما يتعرض له الشعب العراقي من مآس ومحن على يد النظام الطائفي القائم في بغداد بقيادة نوري المالكي وقد أدان الإرهاب بكل أنواعه وأشكاله ومصادره وقال سموه: "إن للإرهاب مفهوما محددا وهو استهداف المدنيين بالقتل والترويع وضرب المنشآت المدنية لأغراض سياسية وأنه لا يجوز لأي كان إلصاق تهمة الإرهاب بكل من يختلف معهم سياسيا. ونوه في خطابه إلى أهمية تجربة مجلس التعاون الخليجي وضرورة تطويرها والارتقاء بها لتلتقي مع طموحات شعب الخليج العربي لكي يسهم في تعزيز قدرات الأمة العربية وليصبح ركنا من أركان نهضتها.
(3)
الأمير
سلمان آل سعود وخطابه أمام القمة كان يسير في ذات الاتجاه. لقد استبشر المواطنون في دول مجلس التعاون الخليجي عندما سار الأمراء الثلاثة صباح وتميم وسلمان في صف واحد يدا بيد والابتسامة تعلو محياهم وراحت وسائل الاتصال الاجتماعي ذات النوايا الحسنة تتبادل تلك الصورة المعبرة عن وحدة الصف الخليجي والهدف داعين الله عز وجل أن يزيل الغمة ويوحد القلوب لصالح هذه المنطقة الهامة، لكن الشياطين كل بناء وغواص كانوا على النقيض من ذلك . فوق هذا كله ودحرا لمروجي الفتن والكارهين لصفاء الأجواء بين قياداتنا لحياة سياسية مستقرة يسودها الود والاحترام كان خطاب الأمير سلمان معبرا في معانيه يوحي بصدق القول والشعور بالمسؤولية.
يقول سمو الأمير سلمان في خطابه أمام القمة العربية: "إن المنطقة تحتاج منا إلى إقامة علاقات طبيعية تسودها الثقة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وحل جميع الخلافات بالطرق السلمية" وتطابقت المواقف القطرية والسعودية في خطاب الأميرين تميم وسلمان في شأن القضية الفلسطينية والسورية والإرهاب وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول إلى جانب قضايا أخرى.
آخر القول: المواطن الخليجي والعربي بصفة عامة يتطلع إلى وضع كلمات القادة في بياناتهم أمام القمة موضع التنفيذ، ثقة تامة واحترام متبادل وعدم التدخل في السياسة الخارجية والداخلية للدول.
(بوابة الشرق)