استدانت حكومة
الانقلاب العسكري في
مصر مليارات الدولارات من دول أهمها
السعودية والإمارات، وشمل ذلك معونات عينية أيضا، كالبترول والكيروسين، وبعض صفقات أسلحة مقاومة الشغب، وهذا أمر يعرفه القاصي والداني.
ما لا يعرفه الكثيرون أن سيل المعونات قد توقف عن التدفق، أو أوشك على ذلك، وذلك لعدة أسباب، من أهمها أن حكومة الببلاوي قد أنفقت 16 مليارا من الدولارات في حوالي ستة أشهر، وما زالت الأوضاع كما هي، الشارع يغلي، والاقتصاد ينهار يوما بعد يوم، مما يعني أن من يقرض مصر مليما بلا ضمانات وكأنه يلقي بأمواله في البحر، فنحن أمام دولة على وشك الانهيار، وحكومات لا تملك من أمرها شيئا !
لذلك تغير الوضع، ويبدو أن الحكومات الداعمة للانقلاب أصبحت اليوم تتعامل بمنطق الشريك الاقتصادي، ويبدو أن البرنامج الاقتصادي للمرشح الرئاسي "المنتظر" الذي لا يريد أن يعلن عن ترشحه من شدة تردده، سيكون مجرد مشاريع اقتصادية تباع فيها مصر بعشر ثمنها للسعوديين والإماراتيين والروس، لقد أصبحت مصر معروضة للبيع فعلا لمن يعترف بحكومة الانقلاب.
بعض الدول تظن أن الفرصة سانحة، وهم لا يدركون أن من يتعاملون معه اليوم لن يكون موجودا في السلطة في غد قريب، وأن ما تعاقدوا عليه اليوم لن ينالوه، فقد اشتروا ممن لا صفة له، والشراكة الاقتصادية بين دولة بحجم مصر في مشاريع بحجم قناة السويس مثلا لا بد أن تمر على برلمان منتخب، ولا بد أن تعرض مثل هذه الصفقات (ذات الطابع الأمني الاستراتيجي الاقتصادي) على الرأي العام المصري، وإذا لم يحدث ذلك، فإن النتيجة الطبيعية ستكون خسارة لجميع الأطراف، وسيكون أكبر الخاسرين هو من أعطى مال شعبه إلى مجموعة سطت على السلطة في بلد عريق.
الصفقات الكبرى التي يتحدثون عنها في أروقة الحكم الآن لا يحق لأحد إبرامها دون الرجوع للشعب المصري، والوضع في مصر الآن – باعتراف من في الحكم – مرحلة انتقالية، والحكومة الموجودة الآن لا يحق لها بأي حال من الأحوال أن تتعاقد على مشاريع طويلة أو متوسطة الأجل، لأنها مؤقتة في نظر نفسها، ولأنها مغتصبة في نظر جزء كبير من الشعب المصري، وغير شرعية في نظر غالبية دول العالم.
هناك قلة من الدول تدعم الانقلاب، وهؤلاء سيدفعون قريبا ثمن فشله، والأصوات المعارضة لهذا الدعم داخل هذه الدول تعلو كل يوم بسبب تكشف حقيقة الفشل الذي ينتظر هذه المسيرة العقيمة التي بدأت بالكذب، وسارت على الجثث، وستصل إلى القصاص العادل بإذن الله.
نصيحة كنت قد وجهتها منذ عدة شهور للحكومات التي أخطأت في دعمها للانقلاب، (راجع جريدة الشروق المصرية السبت 2نوفمبر 2013) :
"للدول التى تظن أنها ستشترى مصر في غفلة من الزمن، الشعب المصري غير مسئول عن أى صفقات بتوكيل مزور، ولسنا مسئولين عن أي اتفاقات يتم على أساسها تحميل الشعب المصرى بديون لا يستفيد بها سوى مجموعة من أصحاب القصور، لن تصبح مصر ملكا لشركاتكم العابرة للقارات، ولا يحق سوى للقيادات المنتخبة أن تتحدث باسم مصر، لذلك تمهلوا، ولا تشتروا التروماي"
للأسف ... لم يستمع أحد لهذه النصيحة، وما زال البعض مستمرا في مسيرة الاستفادة من الوضع الاقتصادي المتردي الناتج عن انقلاب الثالث من يوليو، وها نحن نكرر النصيحة واضحة جلية مرة أخرى : مصر ليست بلدا بلا صاحب، وليست عزبة لفلان أو علان، والدنيا تغيرت، والأوضاع الحالية لن تستمر، فحاولوا أن تنظروا لمصالح شعوبكم بنظرة أعمق، وبأفق أكثر اتساعا، لأنكم ستنتفعون اليوم، وستندمون غدا.
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين ...
موقع الكتروني : www.arahman.net
بريد الكتروني :
[email protected]