نالت الحكومة
اللبنانية الجديدة التي أطلق عليها اسم "حكومة المصلحة الوطنية"
الثقة الخميس بغالبية كبيرة؛ ما يفتح الباب امامها لبدء مهامها رسميا في مرحلة تتسم بالعديد من التحديات السياسية والامنية.
وصوت أعضاء مجلس النواب اللبناني الخميس لصالح منح
الحكومة الجديدة برئاسة تمام سلام الثقة؛ حيث منحها الثقة 96 نائبا من أصل 101 نائب حضروا الجلسة من أصل 128 نائبا يتألف منهم
البرلمان.
وحجب الثقة أربعة نواب، منهم اثنان من حزب كتلة القوات اللبنانية الذي يترأسه سمير جعجع، وامتنع نائب واحد (الجماعة الإسلامية) عن التصويت.
وشهد مجلس النواب اللبناني على مدى اليومين الماضيين جلسات لمناقشة البيان الوزاري للحكومة التي استغرق تشكيلها نحو 10 شهور في ظلّ أزمة سياسية وأمنية تعصف في البلاد وترتبط بالأحداث في سوريا.
وتقدمت الحكومة بطلب الثقة من مجلس النواب ببيان وزاري استغرق شهرا كاملا من النقاش بين اعضائها، وتمحور حول دور
حزب الله العسكري وسلاحه في مواجهة "اسرائيل". وانتهى الامر بتسوية على عبارة تحتمل تفسيرات مختلفة، اعتبر كل من الاطراف نفسه رابحا من خلالها.
ونص البيان الوزاري بحسب اتفاق التسوية على انه "استنادا الى مسؤولية الدولة في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدة اراضيه وسلامة ابنائه، تؤكد الحكومة واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر بشتى الوسائل المشروعة، مع تأكيد حق المواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي ورد اعتداءاته، واسترجاع الارض المحتلة".
وولدت الحكومة في 15 شباط/ فبراير بعد اكثر من سبعة أشهر على استقالة الحكومة السابقة، وأزمة حادة على خلفية النزاع السوري. وتألفت من 24 وزيرا يتوزعون على الشكل الآتي: ثمانية وزراء لقوى 14 آذار المناهضة لدمشق، وثمانية وزراء لحزب الله وحلفائه المقربين من دمشق، وثمانية وزراء للوسطيين والحياديين.
واطلق عليها اسم "حكومة المصلحة الوطنية"؛ كونها جاءت باعتراف الاطراف، نتيجة تسوية لا اتفاق سياسي، وذلك في محاولة من السياسيين لتخفيف حدة التوتر القائم في البلاد؛ بسبب تداعيات الازمة في سوريا المجاورة.
وكان الفريق المناهض لحزب الله يصر على اسقاط عبارة "حق لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته" في الدفاع عن نفسه في مواجهة "اسرائيل"، وهي عبارة درجت كل الحكومات السابقة منذ 2005 على ادراجها في بياناتها الوزارية، الا أن قوى 14 آذار تعتبرها تشريعا لسلاح حزب الله. وتعتبر ان الحزب يتذرع للاحتفاظ بسلاحه بأنه من اجل قتال "اسرائيل"، بينما في الواقع يستخدمه لفرض إرادته على الحياة السياسية اللبنانية.
وأسقطت العبارة من البيان، لكن لم يتم تكريس عبارة "مرجعية الدولة" في كل ما يتعلق بمقاومة "اسرائيل" كما طالبت قوى 14 آذار، بينما اعتبر فريق حزب الله ان "حق المواطنين" في المقاومة يشمله؛ كونه جزءا من المواطنين.
في المقابل، لم تتمكن قوى 14 آذار والفريق الوسطي من فرض فكرة "تحييد لبنان" عن النزاع السوري الذي كان يراد من إدراجه في البيان الضغط على حزب الله لسحب قواته من سوريا، ووقف القتال الى جانب قوات النظام السوري.
ويرى الفريق المناهض لحزب الله أن مشاركة الحزب الشيعي العسكرية في سوريا تجلب النزاع الى لبنان، بدليل تصعيد عمليات سقوط الصواريخ والقصف الجوي من سوريا، والتفجيرات في مناطق مختلفة من البلاد منذ الكشف عن تورط حزب الله العسكري.
الا ان الحزب يؤكد انه سيواصل نشاطه في سوريا، معتبرا انه يقوم به كعملية وقائية؛ لمنع التطرف من الوصول الى لبنان.
وكان سلام كلّف بتشكيل الحكومة الجديدة في نيسان/ ابريل الماضي بعد ان تمت تسميته من قبل 124 نائبا من أصل 128 نائبا هم مجموع نواب البرلمان اللبناني، وهو لم ينجح بمهته إلا في منتصف شباط/ فبراير الماضي.
وسيكون من ضمن مهام حكومة سلام الأساسية الاشراف على الانتخابات الرئاسية في أيار/ مايو المقبل على أن تقدم استقالتها بعد إجراء تلك الانتخابات.
ومبدئيا، يفترض ان تنتهي ولاية الحكومة الحالية كحد اقصى في 25 ايار/ مايو، الموعد النهائي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وتبدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد في 25 آذار/ مارس. وحتى الآن، لا مرشح واضحا، ويشكك الكثيرون حتى في امكان اجراء هذه الانتخابات.