أثارت حادثة
تحرش جنسي جماعي لعشرات
الطلاب في
جامعة القاهرة، بإحدى زميلاتهم،التي وقعت الاثنين الماضي، ردود أفعال غاضبة في
مصر، وانتقادات من جهات دولية.
ويعاني المجتمع المصري من التحرش الجنسي منذ سنوات طويلة، خاصة في الأعياد والحفلات الفنية، وحتى الإحتجاجات السياسية، لكن انتقال التحرش الجماعي إلى الحرم الجامعي لأول مرة، دفع الكثيرين إلى التحذير من كارثة حقيقية تهدد المجتمع المصري.
ومما زاد من صدمة الواقعة، أنها حدثت في
يوم المرأة المصرية الموافق 16 مارس من كل عام، وأن مرتكبيها هم طلاب كلية الحقوق، الذين سيكونون بعد سنوات قليلة محامون ووكلاء نيابة وقضاة، منوط بهم تطبيق القانون والدفاع عنه!.
قلق أممي
وأظهر مقطع فيديو الذي عرضه أحد البرامج التلفزيونية، فتاة ترتدي ملابس ضيقة تسير في حراسة أفراد أمن الكلية، بينما يسير خلفها عدد من الطلاب وهم يتحرشون بها.
وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها من الواقعة غير المسبوقة، وقالت: "إن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الإبلاغ عن حادثة تحرش جنسي جماعي داخل مؤسسة تعليمية في مصر".
وأكد بيان صادر عن مكتب الأمم المتحدة في القاهرة، تلقى "عربي 21 "نسخة منه، أن "للنساء والفتيات الحق في أن يعشن حياة خالية من جميع أشكال العنف، وفقا للدستور المصري، وللالتزامات التي تعهدت بها الحكومة المصرية، ضمن الاتفاقيات الدولية المعتمدة في إطار الأمم المتحدة، بما فيها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة".
ودعا فريق المنظمة الدولية في مصر، السلطات لزيادة التدابير الوقائية لضمان سلامة النساء والفتيات في الأماكن العامة والخاصة، وتقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة.
وكشف استطلاع رأي أعدته الأمم المتحدة عام 2013، أن أكثر من 99% من النساء في مصر تعرضن للتحرش بصورة أو بأخرى، كما عبرت 91% من المشاركات في الإستطلاع عن عدم شعورهن بالأمان".
الجامعة ليست آمنة
وقال فتحي فريد أحد مؤسسي حملة "شفت تحرش"، المناهضة لتلك الظاهرة: "إن الفتاة لجأت إلى دورات المياه، فرارا من عشرات الطلاب الذين حاولوا تجريدها من ملابسها، قبل أن ينقذها الأمن من أيديهم، ويخرجها من الجامعة وسط تجمهر الطلاب حولها، والصياح بالعبارات الجنسية وتصوير الفتاة والتعدي عليها.
وقال فريد: "إن طالبات الجامعات والمدارس، يشكون بانتظام من تعرضهن للتحرش، في ظاهرة أصبحت تشكل "كارثة وطنية حقيقية"، مضيفا أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن المجتمع يجد تبريرا للمتحرشين، ويحمل الضحية المسئولية.
من جانبه، أكد عمر محمود عضو اتحاد طلاب جامعة القاهرة، أن هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها الطالبة نفسها للتحرش بالجامعة، نافيا علمه بأسباب التحرش بها.
وأكد محمود، خلال مداخلة مع فضائية "المحور"، مساء الثلاثاء، أن الجامعة لم تعد آمنة لأسباب مختلفة، وأن أكثر من 60% من الطالبات يرفضن الانتظام في الدارسة داخل الجامعة.
لكن العقيد ياسر مناع نائب مدير أمن الجامعة، أكد فى تصريحات لصحيفة "اليوم السابع"، أن الأمن نجح فى احتواء الموقف، وإخراج الطالبة من الحرم الجامعي قبل أن تمتد إليها يد أي طالب، وأن التحرش بها كان لفظيا فقط.
وأعلن دكتور عادل عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم جامعة القاهرة، في مداخلة هاتفية مع قناة "إم بي سي مصر" مساء الأربعاء، نجاح الأمن الإداري في التوصل إلى بعض المتورطين في الواقعة، مضيفا أن هؤلاء الطلاب خضعوا للتحقيق لمعرفة باقي المشاركين في الجريمة".
إذا بُليتم فاستتروا؟
وعقب هذا الحادث، أظهرت تعليقات النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، انقساما في الآراء حول الواقعة بشكل خاص، وحول ظاهرة التحرش الجنسي بشكل عام، فقال أحد النشطاء: "طالما فيفي عبده تم اختيارها أما مثالية، يبقى هتفضل مصر متقدمة جدا في التحرش، وطبيعي الولاد يتحرشوا بالبنات في جامعة القاهرة".
وعلقت فتاة بقولها "واقعة التحرش اللي حصلت في الجامعة، بتأكدلي أن التحرش في البلد دي معركة شخصية، على البنت أن تخوضها بمفردها"، بينما رد آخر "مينفعش تحط البنزين بجوار النار وتقول مش هيولع".
وأطلق نشطاء دعوات لمواجهة التحرش الجنسي، عن طريق تشجيع الفتيات والسيدات ضحايا التحرش، على سرد الوقائع التي تعرضن لها، في محاولة لنقل شعور الضحية إلى بقية أفراد المجتمع، الذين عادة ما يتعاملون مع حوادث التحرش بسلبية أو يلومون المرأة.
ودشن النشطاء هاش تاج جديد باسم #أول_محاولة_تحرش_كان_عمري، وهو الجملة التي عادة ما تبدأ بها ضحية التحرش، سرد تجربتها المريرة مع التحرش الجنسي.
في حين لقي هذا الهاش تاج تأييدا من عدد كبير من النشطاء، مؤكدين أن الحديث عن الظاهرة والاعتراف بالمشكلة، هو أول الخطوات الحقيقية لعلاجها والقضاء عليها.
لكن أصواتا آخرى، رأت أن سرد الفتيات لوقائع التحرش التى تعرضن لها، يعد بمثابة نشر للرذيلة وإفساد لأخلاقيات المجتمع، استنادا إلى القاعدة الفقهية الشهيرة "إذا بُليتم فاستتروا".