ازداد مصير طائرة الركاب الماليزية غموضا، بعد ثمانية أيام من اختفائها فيما كانت في رحلة بين كوالالمبور وبكين وعلى متنها 239 شخصا.
ولم تتمكن 25 دولة تشارك في البحث عن الطائرة وهي من طراز "بوينغ 777" من تقديم تفسير لما حدث لتلك الرحلة، مع بروز شبهات عدة تحدثت عن ركاب "منتحلين هويات آخرين"، حتى إن الشبهات بخطف الطائرة شملت قائدها ومساعده اللذين دهمت أجهزة الأمن منزليهما في كوالالمبور وصادرت جهازا لـ"محاكاة الطيران" لدى أحدهما.
لكن الفرضية الأكثر مثارا للجدل برزت، الاثنين، مع تقارير عن احتمال تعرض الطائرة للخطف عبر السيطرة على أنظمة التحكم فيها إلكترونياً، بواسطة جهاز يمكن أن يكون هاتفاً محمولاً، يستطيع الدخول إلى الشبكة العنكبوتية عبر الأقمار الصناعية، شرط أن تكون لدى مستخدمه الرموز والشيفرات اللازمة لـ"قرصنة" أنظمة الطائرة، وأن يكون على متنها.
وعزز ذلك المخاوف من احتمال استخدام الـ"بوينغ 777"، كـ"صاروخ عابر" لشن هجمات على غرار 11 أيلول/ سبتمبر 2001، كما قال رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الأميركي مايكل ماكول الاثنين.
وأعرب ماكول في تصريحات عن اعتقاده، بأن السلطات الأميركية قلقة حيال فكرة أن تكون الطائرة تمكنت من الهبوط في مكان ما حيث تختبئ حالياً على أن يعاد استخدامها لاحقاً كـ"سلاح تدميري قوي".
وأشار النائب الأميركي إلى "فرضية أن تكون (الطائرة) هبطت في دولة مثل أندونيسيا، وقد يُعاد استخدامها لاحقا، كما حصل في اعتداءات 11 أيلول/ سبتمبر. وقال إن "أمرا واحدا مؤكدا، هو أن المسألة ليست حادثا. إنه عمل متعمد، والمسألة تكمن في معرفة من يقف وراءه".
وقال ماكول: "انطلاقا مما أعرف، ومع كل المعلومات التي اطلعت عليها على مستوى عال عبر وزارة الأمن الداخلي والمركز الوطني لمكافحة الإرهاب وأوساط الاستخبارات (في أميركا)، فإن هناك أمرا يتعلق بالطيار".
وأشار إلى أن "كل الفرضيات تقود إلى قمرة القيادة، الطيار نفسه ومساعده"، لكن شهادات أقارب وزملاء الطيار ومساعده تفيد بأنهما محترفان وشخصيتهما متوازنة.
وتعرضت
ماليزيا لانتقادات حادة مصدرها الصين، حيث انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، تعليقات مفادها بأن إعلان الحكومة الماليزية عن شكوكها في "تحويل متعمد" لمسار الطائرة، أتى "متأخراً جداً".
أتى ذلك غداة إعلان السلطات الماليزية، أن وقف عمل أجهزة الاتصال وتحويل مسار الطائرة نحو المحيط الهندي يدفعان إلى الاعتقاد بـ "احتمال وقوع عمل متعمد قام به شخص" في الطائرة التي استمرت تحلق نحو سبع ساعات بعد اختفائها.
وزاد هذا الإعلان في دهشة الخبراء ووسائل الإعلام وحيرة عائلات الركاب التي تتمسك بأقل بصيص أمل، بأن تكون الطائرة هبطت في مكان ما. وعنونت صحيفة "نيو ستريتس تايمز" الماليزية الاثنين: "من؟ ولماذا؟ وأين؟".
والحقيقة أن أيا من الدول التي تشارك في البحث عن الطائرة في المحيط الهندي وبينها أميركا بما تملكه من إمكانات تكنولوجية متطورة، لم تقدم جوابا عن هذه التساؤلات، والثابت أن الشيء الوحيد الذي ظل يعمل على متن الطائرة هو نظام متصل بالأقمار الصناعية يثبت أن الطائرة ظلت تحلق بعد اختفائها، علما بأن مخزونها من الوقود يسمح لها بالبقاء في الجو لثماني ساعات.
وبعد وقف عمليات البحث في جنوب بحر الصين حيث المسار المفترض للرحلة "أم أتش 370"، ركزت الطائرات والسفن المشاركة في البحث على ممرين جويين: الأول في الشمال، من كازاخستان إلى شمال تايلاند، والثاني في الجنوب، من أندونيسيا إلى القسم الجنوبي من المحيط الهندي. وهي منطقة واسعة جداً للبحث عن حطام مفترض.
ورجح خبراء أن تكون الطائرة سلكت الممر الجنوبي، لأن الممر الشمالي يجتاز دولاً عدة كانت راداراتها العسكرية سترصد وجود طائرة في الجو.
في السياق ذاته بدأت الصين الثلاثاء أعمال البحث على أراضيها عن الطائرة الماليزية المفقودة منذ
عشرة أيام وعلى متنها 239 شخصا فيما أعلنت أستراليا أن عمليات البحث التي اطلقت في المحيط الهندي ستستغرق عدة أسابيع.
وتشارك اكثر من 25 دولة في عمليات البحث عن
الطائرة المفقودة في مناطق شاسعة في العالم: من شمال تايلاند إلى آسيا الوسطى ضمن الممر الشمالي (الذي يغطي قسما من الصين) ومن إندونيسيا إلى جنوب المحيط الهندي ضمن الممر الجنوبي.
وقال وزير النقل الماليزي حسام الدين حسين في مؤتمر صحافي إن "منطقة البحث الكاملة بلغت الآن
2,24 مليون ميل بحري مربع (7,7 مليون كلم مربع)".
وتبلغ مساحة أستراليا 7,6 كلم مربع. وفي المحيط الهندي تشمل منطقة البحث 600 الف كلم مربع حول نقطة تقع على بعد ثلاثة آلاف كلم جنوب غرب مدينة بيرث على السواحل الغربية لأستراليا. وقال جون يونغ قائد العمليات لدى سلطة الأمن البحري الاسترالية إن العملية "ستستغرق عدة أسابيع
على الأقل".