أثار قرار طرد المطرب الشاب
محمد محسن من دار الأوبرا ومنعه من
الغناء في الاحتفال بعيد
الفن الذي حضره وزير الدفاع عبد الفتاح
السيسي وعدد من المسئولين بينهم الرئيس المؤقت عدلي منصور ورئيس الوزراء إبراهيم محلب؛ غضبا في الأوساط الثقافية والسياسية المصرية.
فقبل أقل من ساعة من أداء محسن فقرته وهي الأغنية التراثية "قوم يا مصري" لسيد درويش، فوجئ برجال الأمن يلقون به خارج دار الأوبرا التي تستضيف الحفل، وأخبروه أنه غير مسموح له بالتواجد في المكان تنفيذا لتعليمات أمنية.
ويقول مراقبون إن هذا الاحتفال الذي يقام لأول مرة منذ أكثر من ثلاثة عقود أقيم خصيصا "لتلميع" السيسي وتقديمه في شكل راعي الفن، وكذلك رد الجميل للفنانيين الذين ساهموا بقوة خلال العامين الماضيين في تشويه الإسلاميين وكان لهم مشاركات في انتقاد الرئيس المنتخب محمد مرسي وحكومته وتأليب الرأي العام ضدهما.
منع مهين
وروى محمد محسن في بيان على صفحته على فيس بوك ما حدث معه في تلك الليلة قائلا إن "المنع التعسفي الذي تعرض له يعد إهانة وعدم تقدير له ولجيله وللفن بشكل عام"، وتابع متسائلا: "هل أُقيم عيد الفن ليتم فيه اغتيال الفن والفنانين بهذه الطريقة الرخيصة؟".
وتابع: "فوجئت بشخصين من رئاسة الجمهورية يطلبان مني مرافقتهما، وأخبراني أنهما لن يأخذا من وقتي سوى دقائق معدودة ولا داعي لأخذ ملابسي ومتعلقاتي الشخصية، ثم فوجئت بنفسي خارج أسوار الأوبرا حيث تركاني، وعندما اتصلت بالموسيقار هاني مهنّا رئيس اتحاد النقابات الفنية لأشرح له ماحدث، فأخبرني أن "تقاريري الأمنية مش كويسة" و "أن هناك ملاحظات علي!".
وتساءل محسن: "متى ظهرت تلك الملاحظات الأمنية؟! ولماذا لم تر الحكومة تلك الملاحظات الأمنية قبل اختياري؟ ولماذا لم يتم إبلاغي بذلك قبل الحفل بوقت كاف؟!".
واختتم محسن بيانه بمطالبة الجهات المسئولة بتفسير مقنع لما حدث، وتقديم اعتذار واضح يرد له كرامته، بعد منعه "بهذه الطريقة المهينة".
من جانبه، قال الموسيقار هانى مهنى، إن المنع لأسباب أمنية لم يكن من نصيب محمد محسن فقط، بل طال أيضا عدد من الفنانين والفنيين بعد أن تم إرسال كشف بالضيوف والعاملين في الاحتفالية إلى الجهات المختصة "للكشف على أسمائهم أمنياً".
وأكد خلال مداخله هاتفية على فضائية "سي بي سي" أن محمد محسن تم منعه من الحضور طبقا "للتحريات الأمنية" التى قدمها الأمن الوطني، موضحا أنه تقدم للحصول على تصاريح 1080 اسما، لم يتم الموافقة سوى على نحو 700 شخص منهم فقط.
واعترف مهنى أن الإجراء الذى اتخذه رجال الأمن تجاه المطرب الشاب محمد محسن خطأ جدا.
ويقدم محمد محسن نفسه باعتباره أحد مطربي ثورة يناير، حيث غنى أغنيات تطالب بحقوق الشهداء والمعتقلين وتنتقد الظلم وغياب الديمقراطية، لكنه لم يجد حرجا في الموافقة على الغناء أمام السيسي الذي يتهمه - من خلال أغانيه - بالوقوف وراء قتل واعتقال آلاف الشباب.
الرعب الأمني يسود
وأثار هذا التصرف سخط عدد كبير من الفنانين المصريين، وأصدروا بيانا للرد على هذا الموقف، أعلنوا فيه "رفضهم القاطع والتام لمنع الفنان الشاب محمد محسن من المشاركة بالغناء فى الحفل، ووصفوه بأنه تصرف غير مسئول".
وتابع البيان: "نعلن رفضنا لهذا الأسلوب الأمنى والتعامل غير المبرر، وننتظر تفسيراً شافيا لمثل هذه التصرفات، واعتذارا لائقاً بهذا الحدث الذى يدل على ردة فى الحريات وعدم احترام للفنانين والمبدعين، فى الوقت الذى نزعم فيه جميعاً أننا نجحنا فى القيام بثورتين عظيمتين، ولكن يبدو أن الثورة لم تبلغ بعد حد الحلم ولم يجن الوطن منها سوى أن ترابه ارتوى بدماء الآلاف من أبنائه الشرفاء".
وقال نشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي إن مواقف محسن السياسية وغنائه لثورة يناير وكذلك ظهوره في إحدى حلقات برنامج "البرنامج" مع الإعلامي الساخر باسم يوسف قبل أسبوعين حيث غنى خلالها أغنية للشهداء والمعتقلين بعنوان "بندعيلكم"، كان السبب وراء منعه.
وأكد الفنان كريم مغاوري - أحد أصدقاء محمد محسن - عبر تويتر، أنه تم منعه من الغناء لأسباب أمنية، وتم إخراجه من قاعة الاحتفال علشان بيغنى لثورة يناير والشهداء، ونعم الاحتفال بالفن، ونعم التقدير له".
وقال نشطاء إن الرعب الأمني في مصر خوف السلطة الحالية من أي نقد أو موقف محرج على الهواء يسيطر على المشهد في البلاد.
وبرز اسم محسن مع اندلاع "ثورة 25 يناير" واشتهر بتقديم الأغنيات التراثية السياسية خاصة أعمال سيد درويش والشيخ إمام.
واعتبر محبو محسن غيابه بمثابة "عداء واضح من الأجهزة الأمنية لثورة يناير"، وأن الأمن منعه لكي لا يهتف داخل المسرح ضد العسكر، مؤكدين أن منعه من الغناء يؤكد أن نظام مبارك لا يزال موجودا.
وبالرغم من مرور يومين على الموقف إلا أن أي مسئول من رئاسة الجمهورية أو الجهات المنية لم يعقب عليه حتى الآن، وأبدوا تجاهلا للأمر برمته.