ندد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الثلاثاء بما وصفه بــ "عملية مدروسة" لضرب استقرار الجيش والمخابرات والرئاسة، بعد تغييرات في جهاز المخابرات دفعت سياسيين وعسكريين سابقين للحديث عن صراع بين الرئيس والجنرال توفيق، مدير المخابرات والرجل القوي في السلطة.
وقال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الثلاثاء، إن "الحملة الإعلامية الجارية ضد الرئاسة والجيش والمخابرات هدفها ضرب استقرار البلاد ودورها في المنطقة".
جاء ذلك في خطاب لبوتفليقة قرأه نيابة عنه وزير المجاهدين محمد الشريف عباس، في احتفال بالعاصمة الجزائرية بمناسبة "اليوم الوطني للشهيد" الذي تحتفل به الجزائر في 18 شباط / فبراير من كل عام.
وأضاف الرئيس الجزائري : "ما يُثار من نزاعات وهمية بين هياكل الجيش الوطني الشعبي ناجم عن عملية مدروسة ومبيّتة غايتها ضرب الاستقرار من قبل أولئك الذين يغيظهم وزن الجزائر ودورها في المنطقة".
وتابع : "المقصود من هذا الوضع هو الفت في ساعد الجزائر التي نجحت بالفعل بفضل التوافق الموجود بين مختلف مؤسساتها في تعزيز الدولة التي كانت فريسة لشرور جائحة الإرهاب وفي إعادة الأمن والاستقرار اللذين لا سبيل إلى تطوير البلاد من دونهما".
وأهاب بوتفليقة بالمواطنين كافة أن "يكونوا على وعي ودراية بالمآرب الحقيقية التي تتخفى وراء الآراء والتعليقات التي يعمد إليها باسم حرية التعبير والتي ترمي إلى غايات كلها مكر وخبث هدفها المساس باستقرار منظومة الدفاع والأمن الوطنيين وإضعافهما".
كما طالبهم "أمام هذه الأخطار الجديدة الناجمة عن الشحناء والتناحر يبن الرؤى المتناقضة والفتنة التي تثيرها المناوءات بين المواقف يتعيّن علينا جميعا من حيث إننا مواطنون العودة إلى الروح الوطنية التي لا تخبو شعلتها للتصدي لكل مساس باستقرار الأمة من حيث أتى".
وحذّر بوتفليقة من أن ما يحدث يهدف إلى "زرع البلبلة ونشر أطروحات هدامة مدعية بها وجود صراعات بين مؤسسات الجمهورية".
وأوضح رئيس الدولة أن "المواقف التي جاهر بها هؤلاء وأولئك قد تدخل في خانة حرية التعبير المكرسة بمقتضى الدستور، لكن حينما تحاول هذه المواقف التي يستلهم بعضها من المصادر معادية للجزائر زرع البلبة ونشر أطروحات هدامة مدعية بها وجود صراعات بين المؤسسات الجمهورية".
من جانبه؛ اعتبر العضو المؤسس في حركة "رشاد"
الجزائرية المعارضة الدبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت في تصريحات لـ "قدس برس"، أن أهم ما جاء في كلمة الرئيس
بوتفليقة هو اتجاهه لإعلان عدم الترشح للعهدة الرابعة.
وقال: "إن الرسالة الأساسية التي حملها خطاب رأس النظام في الجزائر اليوم الثلاثاء هو أنه أوحى باتجاهه لعدم الترشح للعهدة الرابعة إذا بقي الصراع على أشده يتهدد الجميع، وهذا تهديد إلى المناوئين له من أنهم إذا ظلوا يعارضونه فإنه سيبتعد ويترك البلاد للفراغ لأنه يعتبر نفسه الضامن لاستقرار البلاد، وهذا من شأنه أن يزيد من حدة الصراع الذي اعترف بوتفليقة نفسه به وتحذيره من أن يستغل ذلك من أسماهم الذين يغيظهم وزن الجزائر ودورها في المنطقة، وهو تأكيد على أن صراع الأجنحة الحاكمة في الجزائر بلغ أشده وينذر بانزلاقات خطيرة".
وأشار زيتوت إلى أن الانتخابات الرئاسية سواء شارك بوتفليقة فيها أم لم يشارك لا معنى لها، وقال: "الحديث عن الانتخابات الرئاسية في ظل نظام الجنرالات الحاكم والمتصارعة أجنحته الآن في الجزائر لا معنى له على الإطلاق، سواء ترشح بوتفليقة أم لم يترشح، إذ أن الخطر الداهم الذي يتهدد الجزائر مأتاه من هؤلاء الجنرالات الذين بلغ فسادهم حدا لم تعد تحتمله الجزائر ولا تقبل به المنطقة ولا شعوبها أصلا، وقد ثبت ذلك بالدليل على مدار ما يزيد عن عشرين سنة"، على حد تعبيره.
وتشهد الجزائر خلال الأسابيع الأخيرة جدلاً سياسيًا خلّفته تصريحات غير مسبوقة لعمار سعداني، أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، ضد مدير جهاز المخابرات الجزائري الفريق محمد مدين، يطالبه فيها بالاستقالة بسبب فشله في مهامه، بحسب تعبيره.
وقال سعداني، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن مدير المخابرات عجز عن "حماية" شخصيات قتلت خلال عقد التسعينيات (لم يذكرها) وكذا اعتداءات إرهابية تعرّضت لها البلاد وعليه أن يرحل، وتعد هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول قريب من النظام الحاكم ويوجّه تهمًا لمدير المخابرات في الجزائر.
كما هاجم الجنرال المتقاعد حسين بن حديد، الفريق أحمد قايد صالح قائد أركان الجيش الجزائري، ووصفه بأنه "عديم المصداقية ولا وزن له في الجيش".
وقال بن حديد، في تصريحات لصحف محلية، إن "الرئيس وأمام عجزه وظّف حاشيته من بينها عمار سعداني (الأمين العام للحزب الحاكم) للتلاعب بمصير الجزائر والعمل على إضعاف جهاز المخابرات".
وأثارت هذه الاتهامات المتبادلة جدلاً كبيرًا في الجزائر حيث توالت تصريحات للأحزاب والشخصيات السياسية تدعو فيها إلى وقف هذه الحملات، محذرة من استهداف مؤسسة الجيش ووحدتها.