لم يدر بخلد إبراهيم الحمادي، ورفاقه الآخرين من شباب
اليمن أن تحل السنة الثالثة لانطلاق
الثورة في 11 شباط/ فبراير 2011، والتي أطاحت بنظام الرئيس علي عبدالله صالح، وهم لا يزالون خلف القضبان، وأنه لا سبيل لإعادة قضيتهم إلى دائرة الاهتمام، إلا بالإضراب عن الطعام.
ورغم التقدم، الذي أحرزته اليمن في المسار السياسي، وفق المبادرة الخليجية لنقل السلطة، إلا أن ملف
المعتقلين، والمختفين، قسراً، لم يعالج بعد، وبقي قيد التجاهل، والنسيان، على الصعيد الرسمي، مقابل تحركات "محدودة" لنشطاء
حقوق الإنسان.
ويقضي إبراهيم، وأربعة آخرين عامهم الثالث في السجن المركزي في العاصمة صنعاء، على خلفية تفجير دار الرئاسة، الذي وقع في الثالث من حزيران/ يونيو 2011، واستهدف الرئيس السابق، وعدد من رموز نظامه.
ويُتهم 57 من "شباب الثورة"، بينهم خمسة مسجونين فقط في السجن المركزي بصنعاء والباقي مفرج عنهم بقرار رئاسي سابق، بتفجير جامع النهدين بدار الرئاسة بصنعاء حزيران/ يونيو 2011، خلال صلاة الرئيس السابق علي عبد الله صالح فيه مع قيادات بنظامه، ما أدى إلى إصابة صالح بحروق في كافة أجزاء جسمه، ومقتل رئيس مجلس الشورى عبد العزيز عبد الغني متأثراً بجروح أصيب بها في التفجير نفسه.
كما يقبع خلف قضبان السجن المركزي، بمحافظة حجة،19 ناشطا باتهامات تتعلق بالعنف إبان الثورة، بينما يلف الغموض مصير17 من المختفين قسرا، بحسب إحصائيات المجلس العام لمعتقلي الثورة.
ويقول محامون، وحقوقيون، إن الاتهامات الموجهة لجميع السجناء من النشطاء، "سياسية وكيدية بامتياز، وليس لها أي أساس قانوني، وإنما هي محاولة للانتقام من هؤلاء المعتقلين، لدورهم في الثورة".
ولم تنجح عدة توجيهات رسمية، ولا قرارات مجلس الأمن الدولي، بشأن اليمن، في إطلاق سراح النشطاء، وطي صفحة الماضي، بسبب ضغوطات سياسية، يمارسها النظام السابق، بهدف تحقيق أهداف سياسية أيضاً، وفق نشطاء.
كان آخر هذه القرارات، ما تضمنته وثيقة الضمانات، لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، الذي اختتم أعماله، أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي، والتي نصت على "ضرورة إطلاق سراح معتقلي ثورة التغيير، وإحالة كافة قضايا المعتقلين، على ذمة الثورة، إلى اللجنة المستقلة، المكلفة بالتحقيق في انتهاكات أحداث ثورة 2011، التي سيصدر قرار جمهوري بتشكيلها، تنفيذاً لقرارات الأمم المتحدة".
ودخل السجناء في إضراب عن الطعام منذ 15 يوما في محاولة منهم للضغط على الحكومة لمنح قضيتهم أولوية عاجلة، ضمن تنفيذ مخرجات الحوار.
وقال إبراهيم الحمادي ، من داخل السجن المركزي بصنعاء إنه خرج مع زملائه من شباب الثورة من أجل "اجتثاث الفساد والمفسدين، ورد المظالم والحقوق إلى أهلها، وإقامة دولة النظام، والقانون، التي يسودها العدل، والمساواة، واستتباب الأمن والاستقرار".
وشرح الحمادي ما تعرض له مع زملائه، من "اختطاف، وإخفاء قسري، لشهور، وما رافقه من عمليات تعذيب داخل السجون، من دون أن يفت في عضدهم لقناعتهم، أن هذا ثمن الحرية".
لكن الحمادي استدرك بالقول، "بعد إسقاط النظام، وانتخاب رئيس جديد، وتشكيل حكومة وفاق، فوجئنا بالجميع، وقد تناسوا قضيتنا، بمن فيهم أولئك الذين وصلوا إلى سدة الحكم، واعتلوا مناصبهم على حساب دماء شهدائنا، وجرحانا، وتضحياتنا، نحن المعتقلون".
واعتبر الحمادي بقاءهم خلف قضبان السجون، بعد مرور ثلاث سنوات على الثورة، "وصمة عار في جبين كل ثائر حر، بما في ذلك الرئيس، عبدرربه منصور هادي، والحكومة، والأحزاب المشاركة في الثورة".
من جانبه، قال عبد الكريم ثعيل، رئيس المجلس العام لمعتقلي الثورة، إن استمرار احتجاز "المعتقلين"، طوال هذه السنوات، "مخالف للقانون الذي ينص على عدم احتجاز المتهم لأكثر من 6 أشهر على ذمة التحقيقات".
وأوضح ثعيل، أن المعتقلين في السجن المركزي مثلوا أمام القضاء مرة واحدة فقط، بينما ينتظر معتقلو محافظة حجة، أحكاما ستصدر في 18 آذار/ مارس المقبل".
وحمّل الناشط الحقوقي مسؤولية عدم الإفراج عن "المعتقلين"، للنائب العام، ثم الرئيس، والحكومة، وقادة الأحزاب السياسية، مطالباً بسرعة الإفراج عنهم، بعد مصادرة حرياتهم طوال هذه الفترة، مطالبا بالكشف عن مصير 17 مختفياً، مؤكدا احتفاظ المجلس العام لمعتقلي الثورة، الذي يرأسه، بحقه في "مقاضاة كل من تسبب في اعتقالهم، وإخفائهم، وتعذيبهم".
بدوره، قال مسؤول في وزارة حقوق الإنسان، طلب عدم ذكر اسمه، "إن النظام السابق، قام بتلفيق اتهامات، لهؤلاء المعتقلين، من باب الانتقام السياسي، والنائب العام الحالي علي أحمد الأعوش الذي عينه النظام السابق، يعلم أن هذه الاتهامات غير حقيقية، ولم يستطع إثباتها أو إحالتهم للمحاكمة، إلا في مرات محدودة، عندما كانت التجاذبات السياسية على أشدها".
وقال المسؤول، إن "وزارة حقوق الإنسان، اطلعت على ملفات المعتقلين، ووجدت أنها "ملفقة"، ووجهت مراراً بالإفراج عنهم، وسبق أن اعتصمت الوزيرة حورية مشهور، مع المعتقلين في السجن المركزي، بصنعاء، داعياً أهالي "المعتقلين" إلى رفع دعوى قضائية، ضد النائب العام، "لانتهاكه القانون في عدم الإفراج عن ذويهم".