رغم أن مضامين ما عرف بـ "خطة (جون)
كيري" وزير الخارجية الأمريكي الخاصة بالتسوية السياسية للقضية
الفلسطينية، لم يعلن رسميا، إلا هناك عددا كبيرا من التسريبات نشرتها منصات إعلامية في المنطقة، تتفق في معظمها على مسائل محددة، تتعلق بنقاط ساخنة في مسيرة الصراع العربي
الإسرائيلي.
.
ويرى مراقبون في العاصمة الأردنية عمان، إن الهدف من هذه التسريبات متعدد الجوانب، فهي من جهة يمكن أن تكون بالونات اختبار لرصد ردود الفعل، خاصة في الأردن وفلسطين، كما يمكن أن يختبىء وراءها هدف "تحريضي" استباقا لنفاذ الخطة، في حين يرى آخرون أن التسريب يمكن أن يكون محض "انفرادات" لصحفيين ليس أكثر.
وقالت مصادر برلمانية أردنية تحدثت لصحيفة "عربي21" الإلكترونية -تحفظت على الإعلان عن نفسها- إن الخطة تحظى بدعم رسمي أردني وفلسطيني، ولو بشكل سري في المرحلة الحالية، حيث يرى هؤلاء إن القبول بهذه الخطة ينقذ ما بقي من الأرض الفلسطينية، ويحل مشاكل الأردن الاقتصادية، حتى ولو لم تحقق كل ما يصبو إليه الشعبان الأردني والفلسطيني، وبرأهم فإنها تنهي المخاوف التي يتحدث عنها الأردنيون بشأن مقولة الوطن البديل ولو بشكل جزئي، حيث تصبح افتراضات إن "الأردن هو فلسطين" من الماضي، بعد قيام "الدولة الفلسطينية" على جزء من الأرض العربية المحتلة.
ووفق المعلومات التي وصلت إلى صحيفة "عربي21" يمكن القول أن خطة كيري تقوم على النقاط التالية حتى الآن.
اللاجئون:
تتضمن الخطة إغلاق ملف حق العودة التاريخي بشكل كامل، دون الإعلان عن ذلك صراحة، بل ستتم ممارسة هذا الحق بشكل ملتبس، وجزئي، حيث تتضمن الخطة إعادة جزء من اللاجئين إلى الأراضي التي قامت عليها إسرائيل إثر النكبة الفلسطينية عام 1948 بذريعة "لم شمل الأسر" الفلسطينية التي شتتها الحروب المتتالية، ويتحدث البعض عن عودة بضعة آلاف من اللاجئين إلى مناطق سكناهم، وهو إجراء "رمزي" كي يُقال إن الخطة تضمنت تطبيق حق العودة على نحو أو آخر.
أما فيما يتعلق ببقية اللاجئين والنازحين، فسيتم التعامل معهم على النحو التالي:
لاجئو الأردن/ سيتم استيعابهم حيث هم، خاصة أولئك الذين يحملون الجنسية الأردنية، وسيتم تعويضهم بشكل شخصي، بعد حصر أملاكهم التي وضع الاحتلال يده عليها، وهنا تناقش عدة احتمالات، حيث تقول المصادر إن الأردن سيُعوض كدولة لقاء استيعاب هؤلاء بمبالغ تزيد عن الخمسين مليار دولار، شريطة سداد مديونيته التي تقل قليلا عن الثلاثين مليار دولار، وقد طلب الأردن أخذ التعويضات الفردية ليصار إلى توزيعها عن طريقه لمن يستحقها، إلا ان طلبه رفض، وتم الإصرار على أن تتولى الأمم المتحدة ووكالاتها التعامل مباشرة مع أصحاب هذه الحقوق وبشكل شخصي.
لاجئو لبنان/ سيتم استيعابهم وفق طريقتين: الأولى هجرة من يشاء منهم إلى دول مثل كندا واستراليا، وبعض الدول الأوروبية، والثانية: بناء مدينة فلسطينية خاصة بهم على شاطىء البحر الأحمر..
لاجئو سوريا/ سيتم استيعابهم حيث هم، مع ترتيبات خاصة تتعلق بإقفال ملف الأزمة السورية، وربما يتم استيعاب جزء منهم في أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة.
يهودية الدولة:
تقضي خطة كيري وفق المصادر، بان يعترف الفلسطينيّون بإسرائيل كدولة "أمر واقع"، وفق التعبير الذي توصَّل إليه كيري، كمخرج يرضي الجميع. وهو يعني لإسرائيل اعترافاً بيهوديتها، وأمّا بالنسبة إلى الفلسطينيين فيعني منح إسرائيل اعترافاً بإنهاء النزاع معها، وهنا يتردد كلام كثير، منه، أن لا تتم عملية نقل سكان، لا من الأراضي التي قامت عليها إسرائيل في العام 1948 ولا من أراضي الضفة الغربية، حيث يستوطن الآلاف من اليهود في تجمعات استيطانية كبرى، سيتم ضمها إلى إسرائيل، ضمن معادلة: إسرائيل وطن قومي لليهود، مع القبول بالفلسطينيين الذين يحملون جنسيتها، وفلسطين وطن قومي للفلسطينيين، مع بقاء بعض المستوطنات اليهودية، حيث يمكنهم حمل الجنسية الفلسطينية، مع "حقهم" بحمل الجنسية الإسرائيلية، ويستذكر بعض الفلسطينيين هنا كنبيل أبو ردينة، الناطق باسم الرئاسة، في مجال الحديث عن الاعتراف، ما قامت به منظمة التحرير الفلسطينية حين اعترفت بإسرائيل في إطار الاعتراف المتبادل العام 1993 حيث يقول في تصريحات صحفية، أنه لا داعي للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، كما يلفت النظر إلى ضرورة إلى أنه مع إنهاء الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية فلا بد من إطلاق سراح جميع الأسرى من السجون الإسرائيلية.
القدس:
تقضي خطة كيري بإقامة عاصمة الدولة الفلسطينية في القدس وفي شعفاط تحديدا، مع إبقاء المقدسات الإسلامية والمسيحية إما في عهدة الأردن، أو تحت إشراف دولي، بالنظر إلى أن شعفاط تتصل جغرافياً مع رام الله ،مقر السلطة الفلسطينية الراهن.
الحدود:
ملف الحدود كما تقول التسريبات بقي مفتوحا إلى حد ما، حيث تطالب إسرائيل بسيطرة كاملة ولكن غير مرئية على المعابر الحدودية، وبالتنسيق الكامل بين فلسطين والأردن وتحت إشراف دولي، أما فيما يختص بغور الأردن، فتطالب إسرائيل بسيطرة كاملة لمدة 10 سنوات، بعد أن كانت تطالب بعشرين سنة، فيما يوافق الفلسطينيون على بقاء الغور تحت سيطرة الاحتلال لمدة خمس سنوات، وترفض إسرائيل أي وجود لقوات دولية فيه.
الأراضي:
يجري الحديث في خطة كيري عن تبادل أراض بشكل محدود وترتيبات لضمان تواصل آمن بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وإقامة مشاريع دولية لاستثمار الغاز الفلسطيني في أكثر من مكان، سواء في البحر أو في اليابسة، والاتفاق على ترتيبات تضمن حل مشكلة المياه في غزة وبعض مناطق الضفة الغربية، كما هو الحال بالنسبة للأردن.
وترى المصادر إن "حمى" التحركات التي شهدها ملف "المصالحة" بين حركتيْ فتح وحماس، مرتبط على نحو أو آخر بتسارع الخطوات نحو إنجاز خطة كيري، لضمان الحفاظ على مصالح الأطراف كافة.