في صباح يوم الرابع عشر من شباط/ فبراير، وهي تتلقى هدية عيد الحب، أو ما يعرف بـ"
فالنتاين داي"، ستضم فتاة أوروبية ورودا صغيرة حمراء، وستمسك بنعومة زهرة احتاج المزارع الغزّي حمدان حجازي إلى كثير من الوقت والجهد لكي يعتني بها وبآلاف مثلها، لكي تكون جاهزة في هذه الأيام استعدادا للسفر إلى
هولندا ودول أوروبية أخرى، عبر معبر كرم أبو سالم الخاضع للسيطرة الإسرائيلية.
وأمام أكوام من
ورود القرنفل أحمر اللون، تم قطفها للتو أمسك حجازي (37 عاما)، مقصا يعرف طريقه جيدا نحو أطراف الأزهار.
ويقول حجازي، وأنامله تنشغل في تنسيق زهور القرنفل بطريقة فنية تجعل من تغليفها صالحا للتصدير إن "هذه الورود تسافر إلى هولندا وبريطانيا وألمانيا، وغيرها من الدول الأوروبية لكي تجد مكانا لها في عيد الحب".
وفي مدينة رفح جنوبي قطاع
غزة وعلى مساحة 18 ألف متر مربع، تنتشر الآلاف من الزهور داخل مزرعة "حجازي"، والذي يتمنى لو أن جميعها ينال نصيبه من التصدير إلى أوروبا.
وبعد أن ينتهي من عملية تغليف الورود وإدخالها إلى الثلاجات لحفظها تجهيزا لرحلة انطلاقها، يخاطب المزارع أكرم شريتح صاحب العقد الرابع من عمره الشعوب الأوروبية بقوله: "سعداء لأنكم تشعرون بالحب، وتحتفلون بيومكم هذا بورود غزة، ولكن تذكروا القطاع المحاصر وأطفاله، وحاولوا أن تساعدونا".
ويقول شريتح إن "غزة تزرع الورود، وتصدره إلى العالم في صورة تكشف نبل الشعب الفلسطيني وصموده"، داعيا من يحتفلون بيوم الحب بإظهار هذه المشاعر تجاه قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ أكثر من سبع سنوات".
ويحتفل العالم في الرابع عشر من شهر شباط/ فبراير بما يسمى بعيد الحب أو "الفالنتين داي" وتكتسي الشوارع بالورود الحمراء، وبالألوان التي تشي بتفاصيله.
ووفقا لأساطير رومانية فإن عيد الحب هو يوم "القديس فالنتين"، الذي ارتبط اسمه بمفهوم الحب الرومانسي.
وصار هذا اليوم تاريخا مميزا يعبر فيه المحبون عن مشاعرهم عن طريق إرسال بطاقات عيد الحب أو إهداء الزهور الحمراء.
ويريد محمد فوجو 18 عاما، من دول أوروبا وهو يحتفل بعيد الحب أن يمنح غزة المحاصرة ورود الإنسانية.
ويقول الفتى الذي لم يجد عملا لإعالة أسرته الفقيرة سوى مزارع الورود، إن غزة تهب شعوب أوروبا السعادة من قلب حصارها وحزنها.
ويسارع فوجو بمد دلوٍ لشاب عشريني يضع بداخله ما تم تنسيقه من زهور، وعيونه تنظر في الأكوام الوردية اللون ولا تلتفت لشيء آخر، قال زميله حسام حجازي إن غزة تهدي للعالم أجمل وأثمن ما عرفته البشرية.
وتابع قائلا: "لا نريد أن نرمي بوردنا للمواشي وأن تتعرض آلاف الزهور لحصار وجفاف، بل نريد أن يخرج وردنا كله للتصدير إلى الخارج، وأن نستورد الحب من العالم تماما كما نصدّره لهم".
وتضررت زراعة الأزهار والورود في قطاع غزة جراء
الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع صيف عام 2007.
ولم تخرج وردة واحدة تجاه أوروبا طيلة ثلاثة أعوام متتالية، غير أن ضغط الحكومة الهولندية ومؤسسات أوروبية أسفر في عام 2010 عن موافقة إسرائيلية تقضي بتصدير أصناف محددة من الزهور والورود إلى الأسواق الأوربية.
ويرى مدير عام التسويق في وزارة الزراعة بالحكومة الفلسطينية في غزة، تحسين السقا، أن إرسال الأزهار إلى أوروبا من القطاع المحاصر، يعد أقوى رسالة للحب والسلام.
وأضاف أن هذه الورود تحتاج لمن يقرأها جيدا، ويترجم رسالتها، فالمزارعون في قطاع غزة يحلمون بتصدير منتجاتهم وفي مقدمتها الورود والأزهار إلى أسواق أوروبا لينتعش موسمهم الزراعي وقوت يومهم.
ويغطي القطاع الزراعي وفق إحصائيات وزارة الزراعة حوالي 11% من نسبة القوى العاملة في قطاع غزة، أي ما يقارب 44 ألف عامل.
ووفق السقا، فإن الحصار تسبب بخفض حجم صادرات الورود والأزهار إلى أوروبا بسبب إغلاق معابر القطاع التجارية، وتدنت النسبة من 40 مليون زهرة سنويا قبل فرض الحصار إلى 4-5 مليون زهرة فقط في العام الواحد.
وبفعل نقص الوقود وتداعيات الحصار، تقلّصت المساحات المزروعة بالورد من 500 ألف متر مربع إلى 100 ألف متر مربع فقط.