بعد مرور أربع سنوات على فيلمه "موسم لشاوشة"، الذي يعيد فيه الاعتبار لرياضة المصارعة التقليدية بالمغرب، يعود المخرج محمد عهد بنسودة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة (أقصى الشمال الغربي)، بفيلم "خلف الأبواب المغلقة"، الذي يثير فيه قضية
التحرش الجنسي، الذي تعاني منه المرأة
المغربية.
فمن خلال قصة سميرة، المرأة الشابة المتزوجة، التي تعيش حياة هادئة مع زوجها محسن، والتي تتحول إلى جحيم بعد تعيين مدير جديد في الشركة التي تشتغل بها، يسلط المخرج الضوء على قضية التحرش الجنسي، ويفضح أبشع صور الإهانة التي تتعرض لها المرأة في عرضها وكرامتها، وفي محاولة حرمانها من عملها، في غياب أي رادع قانوني لكل هذه الممارسات المشينة، التي لم يجد بعد لها المشرع المغربي حلولا.
تحاول سميرة بكل قوة وهدوء في البداية إقناع المدير الجديد بأن يتركها في حال سبيلها لأنها لا تصلح له، لكن هذا الأخير يحول حياتها الخاصة والمهنية إلى جحيم.
تصارح سميرة الزوج بكل ما يحدث لها، ويسعى من جهته إلى التدخل لتجنيب زوجته الطرد من العمل، وصون كرامتها، لكن المحاولات باءت بالفشل، ما جعلهما يلجآن إلى إحدى الجمعيات النسائية.
وفي غياب أي قانون يحمي المرأة من التحرش الجنسي (مشروع قانون مناهضة العنف والتحرش ضد النساء ما زال قيد الدرس لدى الحكومة المغربية)، تلجأ سميرة إلى زوجة المدير، التي لا تصدق الموضوع في البداية، ولكنها ترق لحال سميرة في النهاية وينصبان فخا للمدير، الذي تضبطه زوجته بجرم محاولة التحرش بسميرة.
وعن هذا الفيلم قال المخرج عهد بنسودة، بعد عرضه، إنه يدخل في "إطار البحث عن سينما محمد عهد بنسودة، سينما جادة تخدم موضوعا معينا، وتوفر في الوقت نفسه فرجة سينمائية للجمهور".
وأضاف بنسودة أنه في فيلمه الأول "موسم لمشاوشة"، أراد أن يقدم مغربا تراثيا حضاريا، لأن الصورة التي تسوق عن المغرب في الخارج مهمة جدا، خاصة الصورة التي يقوم السينمائي بتقديمها عن المغرب.
وأشار بنسودة إلى أن المغرب تطور وتقدم، وأنه لا يقبل أن تظهر منه في الأفلام السينمائية المغربية إلا وجوه القبح، والجوانب السلبية، مشيرا إلى أنه يهتم بالنبش في القضايا التي تثير اهتمام المجتمع المغربي وتخدمه في آن واحد، ويسعى لتقديم سينما جادة تخدم موضوعا معينا وتوفر فرجة سينمائية.
وفي رده على من يدرجون فيلمه في خانة الأفلام التوعوية، قال بنسودة: "يمكن تسميته بما نريد، فهذا الفيلم يخدم قضية حساسة في المجتمع، وهذا شرف كبير لي".
وأشار إلى أن الذين يوجهون هذا النقد للفيلم لا دراية لهم بالسينما، لأن اللغة السينمائية توظف في التلفزيون وفي السينما، و"يكفيني أن الفيلم يوجد في القاعات السينمائية للأسبوع الرابع، وهو الأول في شباك التذاكر، (من حيث عدد المشاهدين) بحيث وصل في ثلاثة أسابيع إلى ما يزيد 60 ألف متفرج، وهذه هي جائزتي".
وأوضح بنسودة أن أهم جائزة للمخرج هي حينما يصل إلى الجمهور، وهو ما تحقق لفيلمه، الذي أخذ منه مجهودا كبيرا، حتى يكون متناول الكل، ويدخل إلى البيوت المغربية، وتشاهده الأم مع أبنائها، بل يمكن أن تخرج إلى القاعات السينمائية دون أدنى حرج وتشاهده بكل حرية، لأن لا يوجد بها ما يخدش الحياء.
ويعد "خلف الأبواب المغلقة" أول فيلم مغربي وعربي يتوج بإحدى جوائز "ريمي أوارد" الأميركية الشهيرة، كما أنه حاز جائزة لجنة تحكيم الدورة 46 من مهرجان هيوستن الدولي للفيلم بولاية تكساس الأميركية.
ويشارك في الدورة 15 من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، 22 فيلما طويلا تعكس تجارب وأجيال إبداعية مختلفة في خريطة السينما المغربية، و21 فيلما قصيرا، أغلبها لمخرجين شباب من داخل وخارج المغرب.
وفضلا عن جوائز لجنتي التحكيم للأفلام الطويلة والقصيرة، هناك جائزة النقد في المهرجان، التي يعلن عنها قبل الإعلان الرسمي للجوائز الأخرى، وتضم لجنة تحكيمها كلا من النقاد: محمد شويكة، وعادل السمار، ورشدي المانيرة.
وتتواصل فعاليات الدورة 15 من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة (أقصى الشمال الغربي) حتى 15 شباط/ فبراير الحالي.