تساءلت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" إن كان بإمكان الرئيس باراك أوباما لعب دور في رأب الإنقسام السني- الشيعي داخل الإسلام، وتحديدا بين
السعودية وإيران.
وقالت إن زيارته القادمة للسعودية قد تعبّد الطريق أمام مصالحة بين عنصري التنافس التاريخي الإسلامي.
وبدأت افتتاحيتها بالقول "لا يتدخل الرؤساء الأمريكيون في الخلافات الدينية، لكن الرئيس أوباما، وهو يحاولوزن العلاقات مع كل من
إيران والسعودية سيخوض في الخلافات التاريخية بين السنّة والشيعة. ولو كان قادرا على دفع هاتين الدولتين للتصالح على مستوى العلاقات الرسمية، فسيساعد على ردم الهوة بيت طرفي الانقسام داخل الإسلام".
ولكن كيف؟
تقول الصحيفة إن هناك مناسبتان قادمتان يمكن ان تؤشرا للدور وتساعدا فيه؛ الأولى هي التي ستبدأ في 18 شباط/ فبراير، أي المحادثات المطولة مع إيران حول مشروعها النووي، والتي قد تقود إلى تحوّل في دور أمريكا في منطقة الشرق الأوسط.
الثانية ستقع في نهاية شهر آذار/ مارس،حيث سيقوم الرئيس أوباما بزيارة الرياض لإقناع الملك عبدالله بأن الولايات المتحدة تستطيع وقف المشروع النووي الإيراني، وخلق ميزان جديد للقوة في المنطقة.
وبناءً على هذين التطورين سيكون أوباما قادرا على إنجاز أمر في الحرب الأهلية السورية التي تدعم فيها كل من السعودية وإيران حربا بالوكالة؛ بدعمالقوى السنية من جانب الأولى، والقوى الشيعية من جانب الثانية. وقد تحولت الحرب إلى كارثة إنسانية على قاعدة دولية. فيما بدأت الحرب تؤثر على دول الجوار مهددة بانهيار اقليمي. وفي نفس الوقت اندلع العنف في العراق بين الحكومة الشيعية المدعومة من إيران وسنّة العراق.
وترى أن دعما تكتيكيا مهما من إيران والسعودية يحتاجه جون كيري، وزير الخارجية الذي يقوم بالتفاوض لتحقيق سلام إسرائيلي- فلسطيني حتى يتماسك أي اتفاق.
ومن هنا، وفي حال نجح باراك أوباما بتخفيف التنافس السعودي- الإيراني حول قيادة المنطقة، فسيكون قادرا على فتح باب يجد من خلاله السنّة والشيعة طريقا للحوار حول خلافاتهم الدينية.
وستبدأ هذه العملية من خلال إعادة الولايات المتحدة النظر في علاقاتها التاريخية مع السعودية، وتقوم في الوقت نفسه بفحص نوايا إيران وتعهدها بأن تكون لاعبا مسؤولا في المنطقة.
وفي أثناء زيارته قد يجد أوباما نفسه مجبرا على إرضاء السعوديين والتقليل من حدة غضبها، خاصة أن المملكة شعرت بحس من الهجران عندما بدأت الولايات المتحدة محادثات مع إيران بدون استشارة السعوديين أو إشراكهم.
وكانت السعودية ترغب بموقف متشدد من إدارة اوباما تجاه سورية، وبنفس المقام تشعر العائلة المالكة بالتهديد من الربيع العربي وانتشار الديمقراطية.
وتقول الصحيفة إن أوباما بحاجة لتذكير السعوديين بدعمهم للمبادرة العربية للسلام مع إسرائيل عام 2002، والتي تتحدث عن سلام شامل "يجلب الأمن لكل دول المنطقة".
وتضيف قائلة إنه لا السعودية ولا إيران يمكن أن تعيشا حالة عداءٍ أبدية، فالتقدم في مجال تكنولوجيا الحرب هي ضد هذا الوضع، خاصة الصناعة النووية، وكذا تزايد مطالب الحرية والسلام بين أبناء الجيل الشاب داخل البلدين. وفي النهاية فحكم البلدين إما عبر ثيوقراطية (حكم ديني) أو ملكية وصل حدوده القصوى في عالم معولم.
ولو نجح أوباما في حواره مع كل من السعودية وإيران، فستظهر آثاره على أي جولة من جولات المحادثات بين النظام السوري والمعارضة في جنيف.
فالحرب السورية هي نتاج مأساوي للتوتر السعودي- الإيراني، وهما المفتاح لحلها التدريجي، أما المفتاح الثاني فهو تعاون إيران على تفكيك منشآتها النووية.
ومع بداية الطريق للسلام، قد يجد
الشيعة والسنّة أنفسهم أمام طريق جديد. ولا بد من التأكيد على أن دور الولايات المتحدة سيكون منْ يحرك العملية لا منْ يقرر مصيرها.