يقول ناشطون في حركة
المقاطعة لإسرائيل "مقاطعة إسرائيل لتحقيق العدالة" والتي تستهدف الشركات والمؤسسات التي تتعامل مع
المستوطنات الإسرائيلية التي أنشئت على أراضي
الفلسطينيين، إن حركتهم تعززت بشكل كبير بعد "حادثة سكارليت" أي الممثلة الأمريكية المعروفة التي أجبرت على الإستقالة من منصبها كسفيرة للنوايا الحسنة لمؤسسة "أوكسفام" البريطانية الخيرية على خلفية ظهورها في إعلان ترويجي شركة "صوداستريم" لصناعة المياه الغازية التي تعمل من داخل مستوطنة إسرائيلية قريبة من مدينة نابلس في الضفة الغربية.
في تزايد
ويرى الناشطون أن الحركة قد استفادت من الضجة الإعلامية التي أثيرت حول الممثلة جوهانسون.
ويأتي الجدل حول الممثلة في وقت تزداد فيه الضغوط خاصة من أوروبا التي تقوم فيها منظمات غير حكومية ونقابات عمالية واتحادات طلابية وكنائس وغيرها لإجبار حكومات بلادهم على اتخاذ أفعال ضد الشركات التي تتعاون مع المستوطنات.
وتقول صحيفة "الغارديان" إن عدد المؤسسات التي قطعت علاقاتها مع أو راجعت تعاونها مع الشركات الإسرائيلية التي لها عمليات في المستوطنات الإسرائيلية في تزايد فيما بدأت الحركة تجد دعما في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتضيف الصحيفة إن التقديرات حول أثر حملة المقاطعة على إسرائيل تتراوح، لكن المسؤولين الإسرائيليي قلقون كما بدا من تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما ألمح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى زيادة المقاطعة ضد إسرائيل إذا فشلت الجولة الحالية من المحادثات مع الفلسطينيين.
وقالت الصحيفة إن الموضوع غير مريح بالنسبة لـ 500 فلسطيني وفلسطينية يعملون في المصنع الذي أقيم في مستوطنة معاليه أدوميم، وهم جزء من 1300 عامل فيه. حيث يعارض هؤلاء فكرة المقاطعة. وتنقل الصحيفة عن نداء من مدينة أريحا "نحن ضد فكرة المقاطعة"، "إنها ستدمرنا، نعم هذا المكان مستوطنة، لكنه طبيعي ومن السهل الدخول اليه، إنه مكان جيد للعمل فيه".
ويقول آخرون "هذا هو عمالنا، ولانتكلم عن السياسة"، قالت زميلة لها مضيفة " الإستقلال الفلسطيني بعيد".
ما هي الحملة؟
ولكن وبحسب عمر البرغوثي مؤسس حركة المقاطعة لإسرائيل إن "المناخ السياسي قد تغير فيما يتعلق بتطبيق القانون الدولي، فلم تعد إسرائيل محصنة كما كانت في السابق، وتتزايد قوة حركة المقاطعة، ونقوم بتغيير الخطاب".
ويؤكد البرغوثي أن حركة المقاطعة ليست "مجموعة من المثقفين اليساريين" الذين لا هم لهم إلا الكلام ولكنها تلقى دعما من الطيف الفلسطيني بمن فيهم الوطنيين والإسلاميين، وهناك الكثير من الداعمين ممن يدعمون حل الدولتين، فيما يدعو آخرون مثل البرغوثي "لدولة علمانية ديمقراطية" والتي ستحل محل دولة التمييز العنصري الإسرائيلية، رغم أن كيفية تطبيق هذا الحل غير واضحة في ضوء التوازن في القوى.
وبحسب الباحث الإجتماعي سليم تماري والداعي لحل الدولتين "المشكلة بين العديد من ناشطي حركة المقاطعة هي أن لا نهاية للعبة".
ضعف الحركة فلسطينيا
فجزء من ضعف حركة المقاطعة لإسرائيل أنها لم تحقق الكثير على الواقع المحلي، فالمحلات في القدس الشرقية والضفة الغربية تمتلئ بالبضائع الإسرائيلية، حتى عندما تكون البضائع الفلسطينية موجودة وبسعر مماثل. ويعلق مهدي عبدالهادي من الجمعية الدولية للدراسات في القدس "إذا كان هناك مصرف أجنبي يدعم حقوقنا فماذا نفعل؟".
ويعارض البرغوثي هذا الجدل بالقول أن ما يجري هو عملية "استعمار للعقل" والتبعية الكبيرة للإحتلال "فنحن لا نتوقع تطبيق المعيار الذي نطلبه من بريطانيا وجوهانسبيرغ أو نيويورك أن يتطبق على رام الله أو القدس، فنحن محاصرون، ودمرت إسرائيل اقتصادنا وزراعتنا وخنقت مصادرنا المائية، ولا نتوقع من مؤسساتنا أن تلتزم بالمقاطعة مع إسرائيل فهذا أمر غير واقعي".
ويصف برغوثي دراسته في جامعة تل أبيب حيث حصل على ماجستير في الفلسفة والأخلاق بأنه "شأن خاص".
وتشير الصحيفة هنا إلى أن مؤسسة الحق، المنظمة الحقوقية في رام الله قد فرقت بين المقاطعة التي تقوم على الحكم الأخلاقي وتلك التي تقوم على القانون الدولي.
ويقول وسام أحمد من المنظمة إن المقاطعة هي "مصطلح غامض، ويمكن أن يعني أي شيء، فإذا طلبت من شخص أن لا يشتري بضاعة في مركز تسوق، فإنك لا تقدم نقاشا قانونيا ولكن أخلاقي".
ويقول إن عمل المؤسستين يكمل بعضه البعض، فالحق على تركز القضايا القانونية المترتبة على التعاون مع مؤسسات لها علاقة بالإستيطان ولا تعتمد على استخدام أساليب الضغط التي تمارسها حملة المقاطعة على النجوم والشخصيات العامة.
ويقول أحمد " نخبر الشركات أنها بتعاونها مع المستوطنات تساهم بخرق القانون الدولي، وعليه تقوم هذه الشركة أو تلك بعملية تقييم المخاطر من أجل حماية سمعتها".
وترى حنان عشراوي، الشخصية الفلسطينية المعروفة إن حملة المقاطعة هي "واحدة من الطرق للوقوف والمشاركة ضد الإحتلال وتقوية الأشخاص كي يكونوا قادرين على اتخاذ أفعال".
وتضيف إن الحركة تحقق تقدما في العالم و"رأينا أثرها في جنوب إفريقيا، وترسل رسالة واضحة أن هذا الإحتلال مكلف، أخلاقيا واقتصاديا، واذا لم تكن الحكومة تريد محاسبة إسرائيل على أفعالها فالشعب سيقوم".
نقاش إسرائيلي
وليس مستغربا أن يتم مناقشة المقاطعة في إسرائيل، فأفراهام بيرغ، رئيس الكنيست السابق، والمحسوب على صف الحمائم في إسرائيل كتب مؤيدا وقائلا إن "إسرائيل ستكون عاجزة عندما تواجه تمردا فلسطينيا مدنيا، حيث يتحول الخطاب عمن هو القوي، الصلب، العنيد إلى خطاب الحقوق والقيم، وهذه ليس لدينا أجوبة لها".
وهناك عدد من المعلقين الليبراليين يقترحون أن الطريقة الوحيدة لإشعار الإسرائيليين بثمن الإحتلال هو قيام دول الإتحاد الأوروبي بفرض نظام التأشيرة على الإسرائيليين.
ولكن توم سيغيف، وهو مؤرخ إسرائيلي معروف يقول إن الكثير من الإسرائيليين يشعرون بكلفة وتأثير الإحتلال على حياتهم، ليس فقط من خلال الإرهاب".
ويرى اليمين الإسرائيلي المتطرف في المقابل إن عمليات المقاطعة هي محاولة لنزع الشرعية عن إسرائيل.
وبحسب نفتالي بينيت، وزير الإقتصاد في حكومة نتنياهو، ومن حركة المستوطنين ورئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، فحركة المقاطعة هي معادية للسامية وقال "نتوقع من أصدقائنا حول العالم الوقوف إلى جانبنا ضد جهود المقاطعة المعادية للسامية التي تستهدف إسرائيل لا أن يكون ناطقين باسمها" وذلك في رد واضح على تصريحات جون كيري.
ويبدو أثر المقاطعة المالي واضحا ففي العام الماضي خسرت المستوطنات في وادي الأردن 29 مليون دولار أمريكي، أي 14% من دخلها لأن المتاجر في بريطانيا والدول الإسكندنافية توقفت عن استيراد الفلفل والتمر الذي تنتجه هذه المستوطنات.