مع الاخذ بالاعتبار النتائج السلبية والايجابية لثورات "
الربيع العربي" وتداعياتها، فهي صرخة انطلقت من فئات شابة احتجاجاً على وضعها المعيشي والاجتماعي، ومطالبة بالحرية والديموقراطية و"المشاركة السياسية"، وتضم شرائح شعبية مختلفة وخصوصاً من "
الطبقة الوسطى".
وقد تأثرت دول مجلس التعاون
الخليجي من تداعيات ثورات "الربيع العربي" منذ بداية الحراك في العام 2011، وبرزت مطالبات تحديثية في بعض هذه الدول، وطالبت بعض الفئات بتحسين أوضاعها، ورافق ذلك احتجاجات شعبية طالبت بتغيير سياسي مثل ما حصل في البحرين.
وبعد مرور نحو ثلاث سنوات، لوحظ أن المجتمعات الخليجية شهدت بعض التحولات، وإن كانت لم تطف على السطح إلا في عدد محدود منها، وتتنازعها عوامل محفزة وداعمة، وأخرى محبطة ومثبطة، تشمل العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية حتى أن بعض هذه المجتمعات أكدت حاجتها إلى القنوات السياسية السلمية لتحقيق "المشاركة السياسية" المطلوبة، بدلاً من أن تترك لتغيرات غير محسوبة قد تلحق الضرر الجسيم بها، كما حدث في تلك البلدان العربية التي شهدت سلسلة احتجاجات شعبية وانتفاضات ثورية.
وإذا كانت الفئات الشابة من "الطبقة الوسطى العربية" هي التي كانت أساس انطلاقة ثورات "الربيع العربي"، فان السؤال المطروح: ما هو وضع "الطبقة الوسطى" الخليجية وما هو مدى تفاعلها مع التطورات التي يشهدها الوطن العربي؟...
الطبقة الوسطى، كما تم التعريف بها، أنها مجموعة من الناس بين الطبقتين العليا والدنيا في المجتمع، وقد بدأ استخدام هذا المصطلح في اوروبا في اوائل القرن التاسع عشر، وكان يشير إلى البرجوازية أو طبقة المهنيين التي نشأت بين الارستقراطيين والفلاحين.
ويستخدم علماء الاجتماع مصطلح التدرج الطبقي لوصف عملية تقسيم المجتمع إلى طبقات، وتقوم هذه العملية على عوامل عدة هي: مهنة الشخص، الدخل، القوة، السمعة، والثروة.
وتكسب غالبية الطبقة الوسطى رزقها من العمل، ولا ترث ثروات طائلة، كما أن معظم مهن الطبقة الوسطى لا تشمل أعمالاً يدوية، وتضم هذه المهن أصحاب الأعمال والمديرين والكتبة والمحامين والاطباء والمعلمين.
ووفق بعض الدراسات، هناك عدة مقاييس إحصائية واجتماعية لقياس حجم الطبقة الوسطى في دول مجلس التعاون الخليجي، منها نسبة العاملين الذين تفوق اجورهم الشهرية 70 % من متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي، أو الذين تفوق اجورهم الشهرية 70 % من متوسط الرواتب، أو على أساس القطاعات الفنية والمهنية، أو حجم الحاصلين على شهادات جامعية، واخيراً على أساس حصة الانفاق على الترفيه والادخار من مجموع الانفاق الشهري.
وفي رأي دراسة اقتصادية، أنه كلما كان قياس الطبقة الوسطى مبنيًا على أرقام الدخل الحقيقية اقترب من المصداقية بصورة أكبر. ولذلك، تم وفقًا لهذا المقياس الاستعاضة عن نصيب الفرد من الدخل القومي بمتوسط الرواتب والأجور، وباستثناء الكويت التي يتضح أن متوسط الرواتب والأجور أعلى من نصيب الفرد من الدخل القومي؛ فقد أدى اعتماد هذا المقياس إلى ارتفاع الطبقة الوسطى في البحرين وسلطنة عمان من 20 % ليتراوح ما بين 26 و 27 %، بينما ارتفع في الإمارات من 35 % إلى 40 %، وارتفع في السعودية من 12 % إلى 34 %. بينما ظل في الكويت على حاله اي 33 %.