في معركته ضد تنظيم
القاعدة غرب
العراق، يقوم رئيس الوزراء العراقي نوري
المالكي بتقديم السلاح والمال لحلفاء غير طبيعيين طالما اشتكوا من التهميش والاستبعاد الذي مارسته حكومته الشيعية ضدهم.
لكن المالكي يواجه تحديات كبيرة منها عدم الثقة به، ولأن أعداد الجماعات التي عرفت بالصحوات قلت بسبب الملاحقة والقتل والاعتقالات التي قامت بها حكومته ضد عناصرها بعد خروج القوات الأمريكية من العراق عام 2011.
ويواجه المالكي انتفاضة في معظم أنحاء العراق، خاصة المناطق السنيّة التي يشكو سكانها من التهميش وسوء المعاملة والاضطهاد والحرمان من حقوقهم المدنية.
وتقول صحيفة "واشنطن بوست" إن حكومة المالكي قامت بشحن كميات كبيرة من السلاح، وصادقت على منح ملايين الدولارات لقبائل
الأنبار في محاولة من المالكي لنيل دعمهم لإخراج مقاتلي تنظيم القاعدة الذي سيطروا على مدينتي الفلوجة والرمادي بداية الشهر الحالي، في وقت تقوم فيه الإدارة الأمريكية بتسريع الجهود لشحن كميات من الأسلحة للعراق وتحضر الحكومة لتوزيعها على رجال
القبائل.
فدعم عشائر الأنبار للمالكي مهم جدا، وهو بحاجة ماسة إليه في محاولته تأكيد السيطرة على الأنبار، وهو بهذا يقوم كما تقول الصحيفة "بإحياء مبادرة سابقة انتهت، حيث قامت الولايات المتحدة بتنظيم أبناء العشائر ضمن ما عرف بالصحوات، والتي استخدمتها الولايات المتحدة لإضعاف جماعات المقاومة وتنظيم القاعدة في الأعوام الأخيرة للحرب".
ورغم غياب الثقة من الجانبين، حيث تخشى الحكومة من استخدام الأسلحة ضدها، يرى بعض المراقبين في إحياء هذه الصحوات أفضل فرصة للمالكي الذي لا يريد إرسال جيشه الذي يتسيّده الشيعة لمدينة الفلوجة ذات الغالبية السكانية السنيّة.
ونقلت عن ظافر العاني، المتحدث باسم حزب "متحدون" السنّي قوله "لا أحد يستطيع مواجهة الإرهاب بدون دعم السنّة، ولم يكن الأمريكيون قادرين على محوهم بدون مساعدة من السنّة، وكذلك الحكومة".
ولهذا، ومن أجل الحصول على دعم العشائر، قال المالكي أنه لا حدود للدعم العسكري أو تسليح مقاتلي العشائر. وبحسب المتحدث باسم الحكومة علي الموسوي فقد صادقت الحكومة على مبلغ 3.4 مليون دولار كمبالغ تدفع للقبائل وأكثر من 17 مليون دولار لتنفيذ مشاريع بنىً تحتية في الأنبار.
ويقول الموسوي "نقدم لهم بالسلاح وأي شيء يحتاجونه"، مضيفا "وسيتم التعامل معهم كجنود مثل أي عناصر في الجيش العراقي، وستدفع لهم الرواتب ويحصلون على معاشات، وأي حقوق يتمتع بها الجنود في الجيش العراقي".
وتذكّر الصحيفة بالوعود التي قدمت للأمريكيين بدمج قوات الصحوة في قوى الأمن بعد رحيل القوات الأمريكية ولم تنفذ. وبسبب قطع الرواتب والتهديدات من القاعدة وملاحقات الحكومة تراجع عدد القوات إلى نصف عددها الأصلي، وهو 100 ألف مقاتل. ويقول العاني إنه بعد عام 2011 تركت الصحوات لتواجه مصيرها "بين مطرقة القاعدة وإهمال المالكي لها".
وعن الطريقة التي أكدت فيها القاعدة حضورها من جديد، تقول الصحيفة إن انسحاب الجيش من الأنبار في كانون الأول/ ديسمبر الماضي بعد قيامه بفك مخيمات الاعتصام السلمية التي عبر فيها السنّة عن حنقهم من سياسات الحكومة، استغلت القاعدة؛ وبالتحديد الدولة الإسلامية في العراق والشام الحنق على الحكومة وثبتت أقدامها في الأنبار. واستطاعت الحكومة استعادة السيطرة على مدينة الرمادي بمساعدة مقاتلي العشائر. ولم تنجح هذه القوات باستعادة المبادرة في الفلوجة.
ولهذا السبب استمر تدفق السلاح لمناطق الأنبار، حيث يقول قادة العشائر إن شحنة من 3 آلاف رشاش روسي الصنع وصلت في الأسابيع القليلة الماضية، إضافة إلى 2000 كلاشينكوف تم نقلها للقبائل في الرمادي الأسبوع الماضي، وذلك نقلا عن ضابط أشرف على عملية التسليم. ويقول أحمد أبو ريشة، أحد قادة الصحوات السابقين إنه تلقى سلاحا، وليس مالا من الحكومة، مشيرا إلى أن المشاكل معها لم تحل بعد، لكن "القاعدة هي أكبر المشاكل" التي تواجه الطرفين.
ويؤكد ضابط عسكري أن التعاون بين الجيش وأبناء العشائر منحصر فقط في منطقة الأنبار "نقاتل جنبا إلى جنباـ فهم لا يهاجموننا ولا نهاجمهم، فقط يقدمون الأمن للمناطق".
ولا يرى مسؤول سابق كان على صلة بجهود المصالحة والأمن الوطني أي فائدة من تدفق المال والسلاح على أبناء القبائل، فهذه ليست كافية لاستعادة الثقة المفقودة بين الطرفين، مؤكدا أن الصحوات "مات" والخطوة لاحيائها متأخرة.
ويرفض العاني استخدام "ابناءنا للأيجار" حيث يستخدمون مثل "المحارم، لمسح المشكلة وبعدها يرمون في النفايات". ويضيف العاني أن المالكي دفع السنة للزاوية وخسرهم.
وليس كل أبناء القبائل اختاروا القتال إلى جانب الحكومة، فبعضهم قرر قتالها، واختار الشيخ رافع مشحن الجميلي، شيخ قبيلة جميلة قتال الحكومة في الفلوجة التي يسيطر عليها تحالف من قبائل والدولة الإسلامية في العراق والشام. ويتهم الجميلي الذي كان والده قائد في الصوات وقاتل إلى جانب الأمريكيين الحكومة بالطائفية، وأنها وصفت أي مجموعة تقاتل الحكومة بأنها من القاعدة لتبرير الهجوم عليها. وقال "إذا اقترب منك الجيش ليقتلك هل تقدم له الزهور؟ لا سنقوم بالدفاع عن أنفسنا". واتهم كل من يقاتلون إلى جانب الحكومة بالإنتهازيين وأنهم يقاتلون من أجل مصالحهم الشخصية.