"فيسك" يشن هجوما شرسا على بلير بعد لقائه السيسي

هل يحب البريطانيون توني بلير، وهل يأكلون شوكولاتة عليها صورته أو ينامون ببيجاماته؟ أسئلة طرحها الكاتب روبرت فيسك في صحيفة "إندبندنت" متسائلا عن تصريحات رئيس الوزراء السابق بلير حول المشير عبد الفتاح السيسي والإخوان المسلمين.

فبعد زيارته للقاهرة واجتماعه مع قائد الانقلاب السييسي يوم الأربعاء قال بلير إن الإخوان المسلمين "سرقوا الثورة المصرية"، وأكد أن الجيش الذي عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي أعاد الديمقراطية لمسارها. وقال بلير "هذا ما أقوله لزملائي في الغرب"، وأضاف مبعوث اللجنة الرباعية،  "الحقيقة هي أن الإخوان المسلمين قاموا بحرف البلد عن قيمها الرئيسة من الأمل والتقدم، ثم تدخل الجيش كي ينقل البلد للمرحلة المقبلة التي يجب أن تكون ديمقراطية، وسندعم الحكومة المقبلة في عملها هذا". وفي مقابلته التلفزيونية قال بلير "هنا في مصر، أعتقد أنه من الضروري أن تنجح الحكومة، وأنت تعرف يمكننا مناقشة ما حدث في الماضي ولكن لا ضرورة لذلك، وفي الوقت الحالي من المهم وقوف المجتمع الدولي وراء القيادة هنا ومساعدتها".

ويقول فيسك "كان من المحتوم، طبعا، إعلان بلير دعمه للقيادة المصرية الدكتاتورية " بعد كل ذلك، هل تتخيل بلير أو  "لورد بلير الكوت والعمارة" أن يتقدم ويقدم دعمه الشجاع الذي لا يتزحزح للرئيس المنتخب الذي أطاح به انقلاب عسكري؟ هل تتخيله وهو يشجب  جنرالا (فريقا)، نسيت أن الجنرال السيسي قد رقي الآن وأصبح مشيرا، بعد أن قام رجاله بقتل ألف محتج في الصيف الماضي، وقدم الرئيس المنتخب للمحاكمة  بصفته "إرهابي"؟ ويا الله، لو تحركت هذه الشجاعة داخل بلير لأصبنا جميعا بسكتة قلبية".

 ويكتب فيسك ساخرا أن بلير هو "الرجل نفسه الذي جلب لنا النصر في العراق وأفغانستان، والذي شجب دائما وبقوة إسرائيل واستعمارها للضفة الغربية، وها هو يضع ثقله السياسي وسمعته وراء الفيلد مارشال السيسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، ونائب رئيس الوزراء لجمهورية مصر العربية، ووزير الدفاع". 

 ويعلق ساخرا على تصريحات بلير بأن الجيش المصري "تدخل" وفعل هذا "بناء على رغبة الشعب".  وقد فرح السيسي بهذا وابتسم لبلير "لكن عليّ الاعتراف، وعلينا أن نكون منصفين للفيلد مارشال السيسي بأن "مبعوث السلام" التافه أقل من مقامه، فعلى خلاف الدكتاتوريين الذين تسامر مهم بلير، فهو رجل غير فاسد، وينحدر من عائلة محافظة وكان عمه من الإخوان المسلمين (..) لكن السيسي المسكين ظل مخلصا يخدم محمد مرسي ولأشهر قبل أن يطيح به".

ويقارن فيسك بين السيسي وبلير قائلا "صحيح أن أتباع المشير قتلوا مئات المتظاهرين، لكن يداه ليستا ملوثتين بدماء آلاف العراقيين". كما أن المصريين يحبون السيسي الذي تنتشر صوره في كل أنحاء القاهرة، ويعدد فيسك مظاهر هذا الحب، ويتساءل إن كان البريطانيون يحبون بلير بنفس الطريقة.

ويضيف فيسك  إن بلير الذي أصدر حكما على صدام حسين وقال إنه استخدم الغاز السام ضد شعبه؛ لم يكن شجاعا بالدرجة الكافية ليقول عندما حط في القاهرة لمقابلة ديكتاتور عسكري آخر "لقد استخدم الرصاص الحي ضد شعبه"، ولم يذكر للديكتاتور "موضوع مراسلي الجزيرة في سجن طرة، المتهمون بـ "الارهاب".

وبدلا من ذلك ركز بلير على الكلام الركيك التافه من مثل "حضارة مصر القديمة"، وأن المصريين "شعب عظيم" ولديهم طاقة عظيمة للعمل، وهو ما يمكن وصفه باللغة الاستعمارية.

ويقول فيسك لو كان بلير قادرا على الإمساك بكبد الحقيقة، لفهم المفارقة في كلامه الذي استخدمه ضد الإخوان المسلمين، عندما قال إنهم حاولوا حرف البلد عن قيمه الأساسية من الأمل والتقدم، "لكن ألم يكن هذا بالضبط ما فعله بلير في بلده، ألم يجر بلير بحروبه الكاذبة بلده ويجرده من قيمه الأساسية التي تقوم على الأمل والتقدم، ما يجعلك تتمنى لو جاء السيسي بانقلابه إلى لندن عام 2003 وبدعم من ملايين البريطانيين.

 ويختم بالقول "دعونا في اللحظة نفكر ببلير، وهو يخلع قميصه المزين بصورة السيسي ويلبس بيجامة مزينة بصورة السيسي ويتمدد في فراشه، وهو يستمتع بشوكولاتة السيسي". يذكر إن بلير وصف الرئيس المخلوع حسني مبارك عام 2011 "بالقوة من أجل السلام"، وتسامر مع الحكام الدكتاتوريين وعقد معاهدة الصحراء في خيمة القذافي، وقدم نصائحه واستشاراته للحكام الشموليين. وحذر في أثناء الثورة المصرية عام 2011 من أن خلع الرئيس مبارك سيؤدي إلى فوز الإخوان. ويبدو أنه جاء ليبارك للجيش خطوته بالإطاحة بحكم الإخوان وسحق مؤيديهم.