تراجع التأييد في شرق
ليبيا للحصار المسلح لثلاثة موانئ نفطية ولقائد المتمردين السابق إبراهيم
الجضران الذي تقود قواته الحصار.
وفي القبيلة التي ينتمي إليها الجضران، وفي بلدته عبر الناس عن غضبهم مما يحدث، وطالبوا باستئناف صادرات
النفط في الوقت الذي حذرت فيه طرابلس من أنها قد لا تستطيع دفع المرتبات بسبب الحصار الذي قلص بشدة الإيرادات النفطية.
ويؤيد رئيس بلدية
أجدابيا سالم عبد الله الذي كان يعاين الطرق غير الممهدة والمباني المهجورة في المدينة، الكفاح من أجل مزيد من الحكم الذاتي والثروة النفطية من الحكومة المركزية، لكنه لا يؤيد الحصار.
وقال لرويترز: "نعارض إغلاق الموانئ. هذا له تأثير سلبي للغاية".
وتعاطف كثيرون في البلدة الفقيرة مع الجضران الذي كان سجينا في عهد القذافي، وحارب مع مقاتلي المعارضة للمساعدة في الإطاحة به عام 2011.
وبالرغم من قرب البلدة من الموانئ النفطية في البريقة وزويتينة وأجدابيا، إلا أنها لم تستفد قط من الثروة النفطية. وخارج البلدة مباشرة تتناثر الدبابات والسيارات المحترقة شاهدة على القتال العنيف بين مقاتلي المعارضة وقوات القذافي.
لكن كثيرين في البلدة يشككون الآن في قدرات الجضران الذي نصب نفسه مدافعا عن الشرق، مهد الثورة.
والجضران الذي لا يزال في أوائل الثلاثينيات من العمر أصغر سنا من أن يكون زعيما في مجتمع محافظ يهيمن عليه شيوخ القبائل.
وقال عبد الله منفعلا وهو يعبر عن إحباطه، إن الانتخابات هي الطريق الصحيح لتمثيل أبناء شرق ليبيا. وأضاف أنه لا يحق لأحد الحديث باسم الشعب إذا كان يريد الحصول على تمثيل مناسب بالقوة.
ويخشى البعض الآن من أن يضر حصار الجضران للموانئ بشعبية المطالبة بدولة اتحادية تنشأ بين الأقاليم الثلاثة التي كانت قائمة في ليبيا قبل عهد القذافي، حين تمتع إقليم برقة في الشرق وطرابلس في الغرب وفزان في الجنوب بقدر أكبر من الحكم الذاتي.
وتمارس قبيلة المغاربة التي ينتمي إليها الجضران ضغوطا عليه لسحب رجاله والسماح بتصدير ما لا يقل عن 600 ألف برميل من النفط يوميا، خاصة وأن البلاد في حاجة ماسة لتصديرها. وعقدت عدة اجتماعات رغم فشل محاولة للتفاوض في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وقال صالح لطبوش شيخ قبيلة المغاربة، إن الاعتصامات أمام الموانئ للمطالبة بالحقوق قد تلقى قبولا لكن إغلاق الموانئ غير مقبول، فالنفط هو مصدر الدخل الوحيد لليبيا وهو ملك الليبيين جميعا.
وعبر بعض أبناء قبيلة المغاربة عن خيبة أملهم لرفض الجضران فتح الموانئ في 15 كانون الأول/ ديسمبر، بعد محادثات مطولة أواخر العام الماضي.
وقال لطبوش الذي كان يجلس في قاعة استقبال في مزرعة خارج بنغازي المدينة الرئيسة في شرق ليبيا، إن زعماء القبائل اجتمعوا في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر وأكدوا الحاجة إلى فتح الموانئ، وإن الجضران أكد للمجتمعين ولجميع الليبيين أنه سيفتح الموانئ في 15 كانون الأول/ ديسمبر.
ويرى الناس في بنغازي حيث يتعاطف مجتمع المثقفين النابض بالحياة إلى حد كبير مع مطلب إقامة دولة اتحادية، أن الجضران زعيم ميليشيا ريفي يستغل الفوضى التي سادت ليبيا بعد الانتفاضة ليشق طريقه بالقوة إلى عالم السياسة.
وقال يوسف الغرياني وهو ناشط يدعو إلى أن تصبح بنغازي العاصمة الاقتصادية لليبيا ويعمل في المؤسسة الوطنية للنفط المملوكة للدولة إن 90 في المئة من أبناء بنغازي لا يؤيدون الجضران ويتساءلون من يكون وما هو تعليمه وكيف يستطيع أن يقود.
وشكل الجضران هيئة نصبت نفسها حكومة لإقليم برقة تطالب باستخدام صادرات النفط لبناء الطرق وتعزيز الأمن. ولجماعته ثلاثة مطالب رئيسة؛ هي تشكيل لجنة للإشراف على صادرات النفط، وإجراء تحقيق في الفساد النفطي، وإقامة نظام لتقاسم إيرادات النفط بين الأقاليم الثلاثة.
وعين الجضران أواخر العام الماضي 23 وزيرا في مراسم أذاعتها، وسط ضجة كبيرة، محطة تلفزيون محلية في أجدابيا يسيطر هو عليها.
لكن لا تظهر علامات تذكر على هذا الحكم في أجدابيا. ويقيم رئيس حكومة الإقليم مع مساعديه بشكل مؤقت في مبنى صغير من طابق واحد، لا يمكن الوصول إليه الا عبر طريق غير ممهد.
ويعمل الجضران الذي رفض طلبا لإجراء مقابلة أساسا من البريقة، في القاعدة السابقة لقوة حماية النفط في ليبيا التي كان يقودها قبل أن ينشق عنها مع رجاله في الصيف االماضي.
ويقدر عدد قواته بنحو 20 ألف رجل، لكن قليلين في شرق ليبيا يصدقون هذا، وتشير بعض التقديرات في صناعة النفط والتقديرات المحلية إلى أن حجم قواته أقل من خمسة آلاف شخص.
ويقول بعض سكان المنطقة إن الجضران يواجه ضغوطا من رجاله، لأن الدولة قطعت مرتبات المنشقين.
ويقول آخرون إن عددا من قواته تركوا صفوفه لاستعادة رواتبهم التي تدفعها الدولة.
ويقول الجضران إن حكومته المحلية أسست شركة لبيع الخام متجاوزة السلطة المركزية في طرابلس. ولم تعين جماعته سوى مديرا للشركة وتزعم أنها تعتمد على متعاطفين من مؤسسة النفط الوطنية.
لكن الغرياني وهو أيضا مسؤول كبير سابق في نقابة عمال النفط، يشكك في ذلك وقال إن الجضران أرسل شخصا له ولأصدقائه يطلب منهم الانضمام إليه في تشكيل مؤسسة وطنية جديدة للنفط وإنهم رفضوا.
لكن لا يزال هناك أنصار للجضران في البلدة، حيث يشعر كثيرون أنهم حرموا من الثروة النفطية الكبيرة في ليبيا في عهد القذافي والآن بعد سقوطه.
ويشير مبروك محمد رئيس الإدارة المالية في مجلس البلدة إلى المستشفى الذي بني في السبعينيات ليخدم 40 ألفا. ويقول إن عدد سكان البلدة يزيد الآن على 160 ألفا.
وقال إن مطالب الجضران معقولة وإنهم لم يستفيدوا قط من إيرادات النفط. وأضاف أن البلدة تحتاج إلى بنية تحتية ومدارس ومستشفيات.