هل تذكرون نجوى فؤاد؟… كنت أتمايل على أنغام خصرها وأنا في الصف الخامس إبتدائي ‘ج’ عندما تصطف الجارات عند أم العبد التي كانت وحدها في المربع السكني تملك شاشة تلفزيون أسود وأبيض.
تبدو مدهشة قصة ‘المربع السكني’ فهي تنتج إنطباعا بأن جيراني أشخاص مهمون جدا لدرجة أن شارعنا بأكمله لا يوجد فيه إلا جهاز تلفزيون أم العبد.
أعود لنجوى فؤاد التي وقفت أمام كاميرا محطة إسمها ‘البلد’ لترقص بالسياسة أيضا على أنغام ‘الحجالة’ حيث يمكن تحريك قطعة من الجسد منفردة مع التغطية على بقية القطع.
يحصل ذلك بالعادة مع إيقاع الطبل تحديدا وهو إيقاع متوفر الأن ما دام الجنرال عبد الفتاح السيسي رقص بدوره وهو يطالب الشعب بالإستفتاء على ترشيحه لإنتخابات الرئاسة وكأنه يبحث عن ‘تفويض’ جديد هذه المرة.
المهم صاحبتنا الراقصة المخضرمة تفتقت عن تعليق عبقري بعد الوصلة إياها في مدح الإمام السيسي فقد قالت بإختصار للأخوان المسلمين ما يلي: أنتم لا تعرفون شيئا عن الإسلام الحقيقي.
الحاجّة نجوى بعد أن اعتزلت الرقص وهو فن أحترمه شخصيا بكل الأحوال وافتتحت مدرسة عريقة للرقص الشرقي متبحرة في علوم الأديان لدرجة أنها تعرف عن الإسلام والمسلمين أكثر من جماعة ‘الإخوان المسلمين’.
معلوماتنا ان جماعة الإنقلاب في
مصر المحروسة مأزومون ويخشون فعلا إنقلاب السحر على الساحر وهم لا يلامون فمن يحتاج نجوى فؤاد في معركته التحريضية ضد نصف الشعب المصري وفي تبرير إنقلاب عسكري لابد انه مأزوم جدا وللغاية.
ماما كاريوكا
لست ضد نجوى فؤاد إطلاقا فهي فنانة لها كل التقدير ولست ضد الرقص فله مكانة رفيعة في نفسي كما اني لست ضد أن تقول المواطنة نجوى فؤاد رأيها في مسألة سياسية حتى لو كانت تخص ‘الإخوان المسلمين’.
لكن أنا ضد أن تطلق سيدة الرقص الشرقي – طبعا بعد تحية كاريوكا – تصريحا يرتدي كل هذا الوقار الديني زورا وبهتانا.
وعلى ذكر ‘ماما كاريوكا’ نستطيع تذكير إعلاميي الإنقلاب في مصر وهم كثر بضرورة عقد ندوة مخصصة لمشاركة تلميذات ‘ماما تحية’ فقط من الراقصات الأوائل للتحدث عن تأثير ‘الإخوان المسلمين’ في ثقب الأوزون مثلا إلا إذا كانت ماما نفسها وقبل رحيلها قد تنبأت بالاحداث وسجلت شريطا تقول فيه للمصريين: ‘خودوا بالكم من السيسي… ده راجل طيب والولاد بتوع الإنقلاب أجدع ناس′.
وبما ان الرقص بالرقص يذكر فها هو الكابتن أحمد شفيق وبعدما سمح له السيسي بمغادرة أبو ظبي والعودة للقاهرة يظهر على شاشة فضائية محلية ليعلن الخبر السارّ: ‘سأترشح في حالة واحدة فقط وهي أن لا يترشّح السيسي للمنصب’ ولولا أن عمرو موسى بخلفية غير عسكرية لقلت بأن العسكر في مصر ‘يتعازمون’ على الرئاسة ولا يتنافسون عليها.
وناسة .. الأمة
حال الأمة فعلا أشبه بجلسات وناسة التي تبثها محطة تحمل نفس الإسم… المطرب في واد والموسيقى في آخر وبالبعض يصفق والبعض الأخر يرقص لا على التعيين وعلى طريقة القفز العشوائي على قاعدة ‘كثير النط قليل الحيلة’.
إنها تماما الفوضى الخلاقة التي ترسم بعدها لوحة ما كما يحصل تماما مع مشروع كيري لعملية السلام فقادة السعودية يلتقطون الصور بمعية الوزير كيري مع تلك الإبتسامات نفسها التي ترحب بالأمريكيين فقط وقادة السلطة الفلسطينية ‘ختي متي’… رايحين جايين والأردن يرقص في إتجاه ولبنان في إتجاه آخر تماما.
وحده المخرج الأمريكي خلف الستارة يتلاعب بالجميع لكي نتمتع كمشاهدين عرب بمشهد لا يقول لنا بصورة محددة ما الذي يحصل .
عبقرية تلفزيونية
لا يبدو عبقريا إطلاقا كلام وزير الخارجية الأردني الصديق ناصر جودة على تلفزيون بلاده الأسبوع الماضي وهو يتبع أسلم قواعد التسكين والدبلوماسية نافيا وبشدة وجود أي تفصيلات محددة عن ما يسمى خطة كيري.
كل العالم يتحدث عن خطة كيري وكل شعوب المنطقة تتابع التفاصيل والوزير يخرج على الشاشة ليتلقى سيلا من الإتصالات الهاتفية التي تمارس لعبة ‘النفاق’ المعتادة والمعلّبة للموقف الرسمي فيما يكتفي الوزير بعدم قول شيء محدد.
شخصيا لا أصدق عدم وجود تفاصيل وعروض محددة على الأردن ومن غير المعقول أن كيري حضر لعمان والمنطقة عشرات المرات فقط من أجل التمتع بالشمس في الأردن وتناول الكنافة والشاورما في نابلس.
آه يا معضمية الشام
حاصر النظام السوري قرى معضمية الشام لأكثر من عام ومنع اهلها من الغذاء والدواء والماء وقطع الكهرباء… وفقا ل’العربية’ دفع الجوع وفدا محليا لمفاوضة النظام بهدف إدخال مواد غذائية لستة الاف مدني بالمكان.
عاد الوفد مظفرا بأربع شاحنات غذائية لإنقاذ الجوعى الذين تحاصرهم حكومتهم بدعوى وجود غرباء أجانب بينهم.
ما لفت نظري في تقرير ‘العربية’ المفصل هو الشرط الأول للنظام المفروض على القرويين وهو رفع علم النظام السوري على أعلى قمة في المعضمية.
شرط بائس يؤكد لنا بان جيش بشار الأسد يخفق في رفع العلم في قرى محيطة بالعاصمة فيطالب ويا للجبن والسقم – ثلة من القرويين بهذه المهمة التي هي مهمة جيش تغني له الفضائية السورية ‘خبطة قدمكم’.
جيش النظام القاتل المجرم يفشل في طرد مجموعة غرباء كما يسميهم فيطلب المهمة من قرويين جوعى محاصرين من عام لا حول لهم ولا قوة… أي انتصار بائس وأي غفران يرتجى بعد هذا الإبتزاز الرخيص؟