أصدر مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي تقريرا مطولا حول الأوضاع في
مصر، قال فيه إن البلاد لا تزال تحت حكم العسكر، وإن القمع الذي تمارسه السلطات ضد أعضاء وأنصار جماعة الإخوان لن يجلب الاستقرار، مطالبا
الاتحاد الأوروبي بتغيير سياساته تجاه مصر، ووقف دعم الانقلاب.
ويقول التقرير إن عمليات القمع ضد الإخوان لا تزال مستمرة بعد ستة أشهر من الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي، بالتزامن مع إعلان الحكومة المؤقتة جماعة الإخوان "تنظيما إرهابيا"، الأمر الذي اعتبره التقرير تصعيدا جديدا من قبل الحكومة المعينة من الجيش.
ويضيف التقرير الذي صدر تحت عنوان "مصر: قمع غير قابل للاستمرار" إن الأحداث المتتابعة في مصر تطرح أسئلة على صناع القرار في دول الاتحاد الأوروبي وكيفية تقديم المساعدة لمصر، خاصة أن الحكومة المؤقتة تحاول تقديم صورة غير صحيحة عن تحقيق حالة من الاستقرار في البلاد، وهو صورة يقول التقرير إنها غير صحيحة بالمطلق، حيث أن البلاد لا تزال تحت قبضة العسكر.
ويرى التقرير المطول الذي أعده أنتونني دوركين وهيلين ميشو أن محاولة الحكومة المصرية المدعومة من العسكر لإعادة النظام والقانون في البلاد من خلال القمع والملاحقة محاولة فاشلة ومحفوفة بالمخاطر. ويقول الكاتبان أن مصر لن تكون قادرة على العودة للمسار الديموقراطي وإنشاء حكم مستقر في الوقت الذي تواصل فيه عمليات اقتلاع الإخوان المسلمين كمنظمة. ولن تؤدي هذه المحاولات إلا لمزيد من العنف والفوضى.
ودعا التقرير الاتحاد الأوروبي إلى العتراف بهذه الحقيقة وصياغة سياسة جديدة تقوم على أهمية ودور الإخوان في العملية السياسة في مصر. وتوصل التقرير إلى مجموعة من النتائح وأهمها أن مصر لن تسير على خطى بناء ديمقراطية حقيقية أو تتجه نحو الاستقرار، إذ أنها لا تزال في قبضة العسكر، وهم الذين يشرفون على قمع الإخوان المسلمين؛ ويبدو أنهم عازمونعلى استبعادهم للأبد من الحياة السياسية المصرية.
وأشار التقرير أيضا إلى مسودة الدستور الجديد "المثير للجدل"، الذي تمت صياغته وسيعرض للاستفتاء الإسبوع المقبل. ومن المتوقع ان يتبع الاستفتاء على الدستور الانتخابات البرلمانية والرئاسية، لكن استمرار قمع الأصوات المعارضة لن يؤدي إلى حل سياسي يمكن من خلاله تجاوز الانقسام السياسي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد. ويضيف التقرير إنه في ظل غياب عدم اليقين حول المسار الذي ستتبعه مصر، فمن الواضح هو استمرار تأثير قوى الأمن المؤثرة على مستقبل مصر، مما سيؤدي إلى تواصل قمع الإعلام وعدم تسامح الإعلام الرسمي مع الرأي الآخر.
ويطرح التقرير تصورا عن رؤية أوروبية ذات مدى بعيد، وتقتضي من أوروبا النظر لمصر عبر منظور طويل المدى وصياغة مجموعة من السياسات التي تركز على العناصر الأساسية التي تؤدي عاجلا أم آجلا لولادة إطار سياسي مستقر. ودعا التقرير الاتحاد الأوروبي للتأكيد على ان الاستقرار السياسي والتنمية الاجتماعية والأمن لن تتحقق إلا إذا سارت السلطات المصرية على طريق مختلف؛ ويعبر عن رؤية سياسية جامعة قادرة على دمج عناصر المجتمع المصري.
ودعا تقرير مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي دول الاتحاد إلى عدم تصديق صورة "عودة الحياة العادية" التي تحاول الحكومة الانتقالية تسويقها، مضيفا أن على الاتحاد الأوروبي مقاومة أي فكرة تقترح عودة التعامل مع الحكومة المؤقتة طالما ظلت الرؤية الأمنية هي التي تسيطر على سياسة الدولة.
وقال دوركين "من المغري للاتحاد الأوروبي الموافقة على أفعال الحكومة المصرية كما هي، ولكنها لن تقود إلى تحقيق الاستقرار السياسي أو تحسن الأمن. وبدلا من ذلك فعلى الاتحاد الأوروبي التركيز على الخطوات التي ستؤدي إلى دفع مصر نحو الأمام".
فيما قالت هيلين ميشو "يواجه الاتحاد الأوروبي الكثير من التحديات حول الكيفية التي يمكنه فيها دعم التحول السياسي في مصر بدون تقديم دعم غير مشروط لخريطة الطريق التي وضعتها الحكومة المؤقتة. ومع عمليات إخراج الأصوات السياسية المعارضة من المشهد، فعلى القيادة المصرية الاعتراف أن استقرارها في المستقبل يعتمد في جزء كبير منه على قدرتها على مواجهة الأسباب البنيوية التي تتسبب في الظلم والعجز الديموقراطي".