ركزت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها عن الدور السعودي في سورية على التناقض في سياسة المملكة تجاه الأزمة.
وقالت الصحيفة إن الحكومة
السعودية تواجه العديد من التحديات؛ فهي تريد التخلص من الأسد، لكنها تخوض حربا بالوكالة مستخدمة المال والسلاح لدعم المقاتلين السوريين الذي ينتمون لجماعات إسلامية؛ لأنهم الأكثر قوة ونشاطا، مع أنهم يتعاونون مع جماعات مرتبطة بالقاعدة في بعض الأحيان.
وتواجه الحكومة السعودية تحدٍ آخر يتمثل في محاولة منع مواطنيها من السفر إلى سورية، حيث تعتقل كل من يحاول السفر وتحتجزه في مركز اعتقال لتدريب وإعادة تأهيل الشباب لتخليصهم من العقلية الجهادية.
وتقول إن هناك نحو ألفا من السعوديين يقاتلون اليوم في سورية، وبعضهم مثل "أبو الخطاب"، وهو موظف إداري في أحد المستشفيات السعودية، قاتل في سورية وسافر إليها سبع مرات في إجازاته، وقاتل إلى جانب الدولة الإسلامية في العراق والشام (
داعش)، لكنه قرر التوقف عن القتال بعدما شاهد جثتي طفلين في اللاذقية قتلهما رفاقه في السلاح، وعندما احتج لقائده العراقي الشرس، تجاهله وبرر قتل الطفلين وغيرهما بأنهم كفار.
وقرر أبو الخطاب الذي شارك في أفغانستان والبوسنة التوقف عن القتال في سورية التي ذهب إليها دفاعا عن إخوانه السنّة، وتكريس وقته لتثقيف الشباب ومحاضرتهم حول أخلاقيات الجهاد.
ورغم ذلك لا يخفي أبو الخطاب مخاوفه من إيران، حيث حذر من سيطرة الشيعة على سورية، وقال إنه ذهب إلى هناك كي يدافع عن بلده من خطر الشيعة. وتحدث التقرير عن مراكز إعادة تأهيل الجهاديين التي تتناقض مع دعم السعودية للمقاتلين السوريين وسياستها التي تريد من خلالها التخلص من حكم الرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه الإيرانيين.
ويقول التقرير إن المركز الذي زاره مراسلها في الرياض تعرض لضربة عندما فرَّ أحد أهم نزلائه منه، وهو عبد الرحمن الشايع "الإنتحاري الحي" الذي نجا من عملية انتحارية في العراق عام 2004، وعبَّر عن ندمه بعد خروجه من المستشفى، ولكنه تسلل في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي إلى سورية، وأعلن في رسالة عبر "تويتر" أنه يقاتل الآن في صفوف (داعش).
وتقول الصحيفة إن الحكومة السعودية تمنع أبناءها من السفر إلى سورية، ولكن مسؤولا فيها أكد أنها لا تستطيع ملاحقة كل سعودي يرغب في الذهاب إلى هناك. ونقلت عن المتحدث باسم وزارة الداخلية منصور التركي قوله: "نحاول منعهم، ولكن هناك حدود لما يمكننا عمله"، مضيفا "لا يمكنك منع كل الشبان من مغادرة المملكة، فهناك العديدون منهم يسافرون إلى لندن وأماكن أخرى ومنها إلى
تركيا ثم سورية".
ويسافر السعوديون في العادة من الرياض إلى أنطاكية جنوب تركيا، وهو ما فعله أبو الخطاب الذي التقى هناك بسعوديين كان يتجهزون للسفر إلى سورية، كما التقى مع ممثلين عن الفصائل السورية التي عبرت عن استعدادها لنقلهم إلى سورية. ويقول أبو الخطاب إن الجماعات المقاتلة في سورية تفضل السعوديين لأنهم جاهزون لتنفيذ عمليات انتحارية.
سافر أبو الخطاب في عام 2013 إلى سورية سبع مرات. وكان يقضي إجازته في القتال تاركا زوجته وأطفاله، وفي كل مرة كان يقضي ما بين 10 -14 يوما. وقاتل مع جماعات مختلفة في حلب وحمص وريف اللاذقية. ويقول إنه أحيانا كان يجد نفسه وسط مقاتلين يعتبرون حكام السعودية وإيران كفارا؛ وهو ما كان يجرح مشاعره، ومع ذلك كان يواصل القتال.
وأخيرا قرر التوقف عن السفر، وبدأ يشارك مرة كل أسبوع في مركز التأهيل، ويحاضر في نزلائه عن أخلاقيات الجهاد. فالحرب في سورية في نظره لم تعد في سبيل الله، وأصبح كل واحد فيها يقاتل من "أجل رايته".