اعتبرت صحيفة "يديعوت" العبرية بأن الأردن لا يزال مهتماً بدور في الضفة الغربية،مشيرة إلى أن ذلك يشكل فرصة للكيان
الإسرائيلي لإشراك الأردنيين في التسوية.
وفسر دانييل فريدمان في افتتاحية الصحيفة الصادرة اليوم بأن اعتراض الأردن على ضم الغور يدل على أنه لم يفقد الاهتمام بالضفة الغربية، لافتاً إلى أن كل اتفاق يوقع الآن مع الفلسطينيين سيكون اسوأ بما لا يُقاس مع الإتفاق الذي كان يمكن أن تحقيقه في هذا الشأن مع الأردن.
ولفت المقال الذي حمل عنوان: "السبيل القويم (طريق الملك)" إلى أنه لو وقعت اتفاقية في الماضي مع الأردن أو أعيدت الضفة الغربية إليه، لكان أفضل للكيان الإسرائيلي، مشيراً إلى أن الأردن "ما كان ليطالب بالقدس كعاصمة له. فله عاصمة خاصة به، والاردن كان سيوافق بلا صعوبة على تجريد تام للضفة الغربية من السلاح، وهي التي تشكل قسما صغيرا من أراضيه، مثلما وافقت مصر على تجريد سيناء (مقابل ذلك، فإن التجريد من ناحية الدولة الفلسطينية معناه تجريد كل الدولة، الامر الذي ليس سهلا على دولة ما أن توافق عليه). والأردن ما كان ليطلب من إسرائيل تحقيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ولا العودة الى حدود التقسيم، وما كان الأردن ليهدد صبح مساء بالتوجه إلى الأمم المتحدة وإلى المحكمة الدولية ضد إسرائيل."
وحذر بالقول: "اذا لم يتحقق اتفاق مع الفلسطينيين وواصلنا السيطرة على أجزاء واسعة من الضفة الغربية، فسنجد أنفسنا بعد وقت غير طويل في وضع اسوأ بكثير مما كان سينشأ لو تحققت تسوية ما معهم. ومثلما يوجد سبب وجيه للأسف على تفويت الفرصة مع الأردن، فسيكون في حينه سبب وجيه للأسف على التفويت الآخر للفرصة".
ولفت فريدمان إلى أن فصل الضفة الغربية عن الأردن كان "خطوة مركزية لبلورة إحساس وطني فلسطيني، بمبادرة إسرائيل وبمساهمتها."
وأشار إلى أن موضوع الأتفاق مع الأردن شُطب من جدول الأعمال بعد أن قوض إسحق شمير، الذي كان رئيس وزراء من الليكود، اتفاق لندن الذي تحقق في العام 1987 بين وزير الخارجية في حينه شمعون بيرس وبين الملك حسين.
وفيما يلي نص المقال:
في حرب الايام الستة احتلت اسرائيل قطاع غزة، الضفة الغربية التي كانت قبل ذلك تحت سيطرة المملكة
الاردنية (اضافة الى هضبة الجولان وشبه جزيرة سيناء). رئيس الوزراء في حينه، ليفي اشكول، فهم جيدا المشاكل التي تنطوي على احتلال الضفة وسعى الى الامتناع عن ذلك. ولم تُحتل الضفة إلا بعد أن تغاضى الاردن عن تحذير اسرائيل بعدم التدخل في القتال. وفور النصر أمر وزير الدفاع موشيه ديان بفتح الحدود بين قطاع غزة، اسرائيل والضفة الغربية. وكانت النتيجة أن ملايين الفلسطينيين، الذين كانوا حتى ذلك الحين يخضعون لسيادات منفصلة (في قطاع غزة – مصر؛ في الضفة الغربية – الاردن) وجدوا أنفسهم تحت حكم اسرائيل. وبالتوازي نشأت ايضا علاقة بينهم وبين عرب اسرائيل. كانت هذه خطوة مركزية لبلورة احساس وطني فلسطيني، بمبادرة اسرائيل وبمساهمتها.
ومع ذلك تبنت اسرائيل في تلك الايام سياسة لا لبس فيها أساسها كان لا لدولة فلسطينية، ولا للعودة الى الحدود ما قبل حرب الايام الستة. ولما كان واضحا بأنه لا يمكن لاسرائيل أن تحتفظ بالمناطق التي يسكن فيها ملايين الفلسطينيين، فقد كان الاستنتاج بأنه يجب الوصول الى تسوية مع الاردن.
ميزة مثل هذه التسوية على اقامة دولة فلسطينية واضحة: الاردن ما كان ليطالب بالقدس كعاصمة له. فله عاصمة خاصة به، والاردن كان سيوافق بلا صعوبة على تجريد تام للضفة الغربية، التي تشكل قسما صغيرا من اراضيه، مثلما وافقت مصر على تجريد سيناء (مقابل ذلك، فان التجريد من ناحية الدولة الفلسطينية معناه تجريد كل الدولة، الامر الذي ليس سهلا على دولة ما أن توافق عليه). والاردن ما كان ليطلب من اسرائيل تحقيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ولا العودة الى حدود التقسيم. بتقديري، ما كان الاردن ليهدد صبح مساء بالتوجه الى الامم المتحدة والى المحكمة الدولية ضد اسرائيل.
مع أنه كان واضحا بأنه من الحيوي الوصول الى اتفاق مع الاردن بالنسبة للضفة الغربية، لم يكن في اسرائيل رئيس وزراء مصمم بما يكفي (أو مهتم على الاطلاق) بعمل ذلك، وفي هذه الاثناء استمر الاستيطان في الضفة بكل شدته. موضوع الاتفاق مع الاردن شُطب عن جدول الاعمال بعد أن قوض اسحق شمير، الذي كان رئيس وزراء من الليكود، اتفاق لندن الذي تحقق في العام 1987 بين وزير الخارجية في حينه شمعون بيرس وبين الملك حسين.
واضح أن كل اتفاق يوقع الآن مع الفلسطينيين سيكون اسوأ بما لا يُقاس من الاتفاق الذي كان يمكن أن يتحقق في تلك الايام مع الاردن. ومع ذلك، اذا لم يتحقق اتفاق مع الفلسطينيين وواصلنا السيطرة على أجزاء واسعة في الضفة الغربية، فسنجد أنفسنا بعد وقت غير طويل في وضع اسوأ بكثير مما كان سينشأ لو أنه تحققت تسوية ما معهم. ومثلما يوجد سبب وجيه للأسف على تفويت الفرصة مع الاردن، فسيكون في حينه سبب وجيه للأسف على التفويت الآخر للفرصة، وإن كانت أقل جودة، للتسوية مع الفلسطينيين.
ولكن رغم تفويتات الفرص في الماضي، من المجدي العودة للفحص اذا كان ممكنا إشراك الاردن بطريقة ما في التسوية. فمؤخرا فقط أطلق الاردن اعتراضا على أن تضم اسرائيل غور الاردن بدعوى أن الأمر يتعارض زعما واتفاق السلام معه. فالضم هو على أي حال فكرة شوهاء، غير واردة، ولكن الحجة الاردنية بالذات، حتى وإن لم تكن حقيقية، تفيد بأنه لم يفقد تماما اهتمامه بالضفة الغربية. من المجدي أن نرى الامور في هذا الضوء. كل إشراك للاردنيين في التسوية بالنسبة للضفة – هو إشراك صعب ومعقد اليوم أكثر بكثير مما في الماضي – سيكون ايجابيا فقط.