ذكرت دراسة إسرائيلية أن عدد المقاتلين
الشيعة الذين يقاتلون إلى جانب الميليشيات التابعة لنظام بشار الأسد يتفوق على المتطوعين السنّة الذين تدفقوا من أنحاء العالم الإسلامي للقتال إلى جانب الجماعات التي تسعى إلى الإطاحة بالنظام.
وتأتي هذه الدراسة في وقت تحدثت فيه أجهزة الاستخبارات الغربية ومراكز البحث عن متطوعين عرب ومسلمين من أنحاء العالم الإسلامي وأوروبا، وعدد قليل من أمريكا، وقدّرته بعشرات الألوف.
وهذه النتيجة هي التي توصل إليها "مركز الإستخبارات والمعلومات" في تل أبيب، ويعمل فيه محللون أمنيون عملوا سابقا في أجهزة الاستخبارات؛ من خلال مسح مواقع الجهاديين على الإنترنت وغيرها من المصادر المتاحة.
وقدم المسح تقديرا يخالف الفكرة العامة عن تفوق عدد المتطوعين (السنّة) على الشيعة القادمين من العراق ولبنان والبحرين واليمن.
وبحسب الدراسة التي صدرت قبل أيام عن المركز الذي يتخذ من تل أبيب مقرا له، يقاتل في الوقت الحالي ما بين 6-7 آلاف سنّي في سورية، فيما يتراوح عدد المقاتلين الشيعة بما بين 7-8 آلاف متطوع. ويقول التقرير إن سورية تحولت لمركز جذب للجهاديين من كل أنحاء العالم، ممن يتدفقون إلى سورية مدفوعين بالحماس الديني، أو بتمويل من الخارج ويلعبون دورا كبيرا في الحرب ضد نظام الأسد؛ في حرب يُنظر إليها بوصفها حربا بالوكالة بين السعودية وإيران.
وجاء اهتمام الأجهزة الأمنية الغربية بالمتطوعين الأجانب، خاصة من الدول الأوروبية تبعا لسؤال ما سيفعله العائدون منهم بعد نهاية الحرب، وخشيتها من تكرار الظاهرة الأفغانية التي استقطبت آلافا من المتطوعين من كل أنحاء العالم الإسلامي.
وبحسب الدراسة، فغالبية المقاتلين السنّة، وعددهم 4500 تقريبا هم من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خاصة من ليبيا وتونس والسعودية. أما معظم المحاربين القدامى والمجرّبين، فجاءوا من العراق، حيث خاضوا معارك ضد الأمريكيين وضد الحكومة التي يقودها نوري المالكي ويمارس سياسات طائفية.
وهناك 1000 مقاتل جاءوا من أوروبا الغربية؛ خاصة بلجيكا، بريطانيا، فرنسا، هولندا وألمانيا، ومعظمهم من أبناء الجيل الثاني أو الثالث للعائلات المسلمة المهاجرة، بخاصة من المغاربة.
يضاف إلى هذا العدد مئات من المقاتلين الشيشان. ووجد المحللون أعدادا من المقاتلين الذين جاءوا من كندا والولايات المتحدة. ولم تجذب الحرب في سورية إلا حالات تعد على الأصابع من الضفة الغربية وغزة حسب الدراسة.
ويقول الباحثون إن سورية تجذب إليها أعدادا أكبر من العراق وأفغانستان لأن الوصول إلى سورية "سهل ورخيص"، بحسب المدير السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية روفين إرليتش، وهو مدير المركز الذي نشر التقرير، والذي قال إن "بإمكانك تحضير جهادي بسعر تذكرة طائرة إلى اسطنبول"، ومن هنا يركب المتطوع حافلة تنقله إلى الحدود السورية، حيث يتم التواصل مع المسؤولين عن استقبال المتطوعين عبر الهاتف النقال.
وعبّر إرليتش عن استغرابه من زيادة عدد المقاتلين الأجانب في سورية، خاصة في النصف الأخير من عام 2013، مشيرا إلى أن الظاهرة مثيرة للقلق، لأن الشباب المتطوعين لا ينضمون للجماعات المقاتلة المعتدلة أو تلك التي تتلقى دعما من الغرب والمنضوية تحت لواء الجيش الحر، بل عادة ما يبحثون عن القتال تحت لواء جبهة النصرة أو الجماعات المرتبطة بالقاعدة، حيث يتلقون التدريب على السلاح والأفكار الراديكالية "ويعودون إلى بلادهم".
أما بالنسبة للشيعة فهناك آلاف منهم، ومن بينهم عدة آلاف من حزب الله الذي يقاتل أفراده إلى جانب القوات السورية. وقارن المركز الأرقام بتلك التي قدمها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني- الأمريكي اليميني-، والمركز الدولي لدراسة الراديكالية في لندن.
وتوصل فريق إرليتش إلى نتائج أخرى، منها أن معظم المقاتلين الأجانب هم شباب تتراوح أعمارهم ما بين 23-26 عاما، ومتعلمون، لكن دون خبرة عسكرية سابقة، ولهذا يبدأون رحلتهم العسكرية في المهام المساعدة كالنقل والخدمات الغذائية قبل حصولهم على التدريبات العسكرية. ولا تزيد مدة تدريبهم عن 45 يوما، وفي العادة لا يقضون وقتا طويلا في سورية، وغالبيتهم تغادرها بعد إقامة خمسة أشهر. ويقول إرليتش إن معظهم يحضر إلى سورية لقضاء عطلته الجامعية أو أثناء العطل المدرسية.
وتتراوح أهداف المتطوعين بين الديني، وبين البحث عن المغامرة، حيث يرون في سورية تجربة مثيرة، وفي المقاتلين السوريين "رموزا رومانتيكية"، وذلك بحسب روايات قدمها متطوعون على الإنترنت.
ولكن ذلك لا يعني تعرضهم للخطر، فهناك ما بين 500 -700 قتلوا في سورية. وشهد عام 2013 ست عمليات انتحارية قام بها متطوعون من الأردن والسعودية. ويقول إرليتش "نشعر بالاستغراب من تزايد الظاهرة في عام 2013 مقارنة مع العام 2012".