لحظة الإفراج عن الأسير
أحمد شحادة من السجون الإسرائيلية ضمن الدفعة الثالثة للأسرى القدامي، فجر الثلاثاء الماضي، كانت بمثابة "الولادة الثانية" له بعد 29 عاماً قضاها وراء القضبان الحديدية، ليخرج من جديد ويعيش أيام الحرية.
وفي أول أيام الحرية، يقول شحادة لوكالة الأناضول: "ذهبت أمس لرام الله لأشتري ملابس، كنت كطفل يمسك بيد والده لا يعرف شيئا، نمت على السرير فوجدت فراشه ناعم بطريقة لم أكن أتخيلها، فقمت أطنطط (أقفز) عليها كالأطفال، لأنني كنت أنام في السجون على فراش كالبلاط، حتى الحمام لم أعرف كيف أستخدمه".
"أحاول التعرف على نفسي، وعلى مخيمي، وعلى وطني، كأنني أعود إلى عالم آخر، كل ما فيه تغير.. ما زلت حتى اللحظة أعيش مشاعر مختلطة، لم أستطع حتى التعامل مع والدتي، أتخيل أنني ما زالت في المعتقل، وإذا ما دق الباب، أنهض كأنه باب الاعتقال يدق، وإذا ما سمعت صوت مفاتيح أظنه صوت مفاتيح السجان"، يضيف الأسير من مخيم "قلنديا" الواقع شمال القدس المحتلة والقريب من رام الله.
ويتابع متنهداً: "أستيقظ باكراً في موعد العدد اليومي الذي تقوم به إدارة السجون، أشم رائحة مختلفة للطعام، لا أعرف أحداً من أبناء المخيم، يبدو أنني سأحتاج وقتا لكي أتأقلم".
ويعاني شحادة من مرض الكولسترول والسكري، وفي هذا الصدد يقول "نتيجة الإهمال الطبي عانيت الأمراض، سأقوم بعمل فحوصات طبية شاملة في القريب العاجل".
وأفرجت إسرائيل، فجر الثلاثاء الماضي، عن الدفعة الثالثة من الأسرى
الفلسطينيين الذي اعتقلتهم قبل اتفاق أوسلو الذي وقعته مع السلطة الفلسطينية عام 1993، والبالغة 26 أسيراً، بينهم خمسة من حملة الهوية الزرقاء (الإسرائيلية) التي تمنح للفلسطينيين من سكان القدس الشرقية المحتلة.
وسبق أن اتفقت السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" على إفراج الأخيرة عن 104 أسرى اعتقلوا قبل اتفاق أوسلو على 4 دفعات، وذلك مقابل تأجيل السلطة الفلسطينية طلب انضمامها إلى المؤسسات الدولية بما فيها محكمة الجنايات الدولية.
وفي وقت سابق من أب/ أغسطس ، وتشرين أول/أكتوبر الماضيين، أفرجت إسرائيل عن 52 أسيراً على دفعتين، لتبقى الدفعة الرابعة والأخيرة المخطط لها نهاية آذار/ مارس المقبل، والتي ستشمل أسرى من القدس وعرب إسرائيل، وهي الدفعة التي يعتبرها فلسطينيون ومسؤولون دوليون "الأكثر أهمية في الدفعات الأربعة".
وفي هذا السياق، عبر الأسير المحرر أحمد شحادة عن تخوف الأسرى القدامى المتبقين في السجون الإسرائيلية، من "التلاعب" الإسرائيلي بالدفعة المتبقية من الأسرى، قائلاً: "حملت رسالة من الأسرى القدامى للقيادة الفلسطينية مفادها ضرورة التمسك بالإفراج عنهم إلى بيوتهم وخاصة أسرى فلسطين المحتلة عام 1948 في ظل مماطلة إسرائيل وابتزازها السياسي".
وعند لحظة الإفراج عن الأسرى، يقول شحادة، إن "الاحتلال الإسرائيلي يتعمد إهانتهم وتعذيبهم"، وفي هذا الصدد يستطرد "عند لحظة الإفراج عنا، قامت إدارة السجون بوضعنا في زنازين قذرة، وقدمت لنا طعاماً لا يطاق، ومررنا بمراحل تفتيش عديدة، وسط صراخ واستهزاء من قبل الجنود، ونحن مكبلين الأيدي ومعصومين الأعين، ولكن نحن صبرنا ونلنا الحرية".
وعن استقبال الأسرى لهم في رام الله يقول، "فرحة الاستقبال وبهجته مسحت عنا معاناة السنوات الطويلة".
وكان شحادة اعتقل في العام 1984بينما كان في سن الثانية والعشرين من عمره، بعد اتهامه بـ"قتل عميل فلسطيني يتعاون مع أجهزة الأمن الإسرائيلية، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة آنذاك".
وعند مدخل منزل شحادة، تحولت جدران المنزل إلى لوحة فنية خطت عليها العبارات الثورية، والتهاني، فيما علق على أسطح منازل المخيم الصور، والأعلام الفلسطينية، والأحبال المزودة بالمصابيح الكهربائية.
ويأمل والد الأسير فريد شحادة الذي تحدث للأناضول وهو يستقبل المهنئين والمباركين بالإفراج عن نجله، يأمل أن يرى أحمد "متزوجاً".
ويعد شحادة أحد أبرز نشطاء "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، لينتقل خلال سنوات الاعتقال إلى صفوف حركة فتح.