"نأتي إلى هنا لنعبر عما نفكر فيه، ويرى
المثقفون أعمالنا" .. بهذه الكلمات تحدث الشاب
العراقي طلال عن "
القشلة" ذلك المكان الذي يلتقي فيه الفنانون، والمثقفون، والمبدعون، يوم الجمعة من كل أسبوع.
"القشلة" كلمة تركية الأصل، تعني المكان الذي يمكث فيه الجنود، أو الحصن، يعرض عدد من الفنانيين، صورا فوتغرافية لزملاء لهم، كانوا يقاومون النظام السابق، في ثمانينيات القرن الماضي، بمناسبة مرور 80 عاما على تأسيس الحزب الشيوعي العراقي، تأسس في 31 مارس/آذار 1934، وكان عاصم فليح أول سكرتير عام للحزب، وذلك ضمن العديد من الفعاليات الثقافية والأمسيات التي باتت القشلة مقرها الرئيسي.
أحمد حسن أحد المثقفين العراقيين من رواد "القشلة" قال: "نأتي إلى هنا نهاية كل أسبوع، نلتقي بأصدقائنا المثقفين، الذين لا نجدهم إلا في هذا المكان، فهو المتنفس الوحيد لنا، نعبر فيه عما بداخلنا، ونشارك في الفعالية التي نرغبها"، ويضيف "سابقا كنا نلتقي بأحد المقاهي ولكنه لم يعد يتسع لهذا العدد الهائل من المثقفين والنخبة".
وكانت أحدث فعاليات القشلة قبل أيام، حيث احتفلت مجموعة من الفنانين، والصحفيين، والأدباء، بإزاحة الستار عن نصب للشاعر العراقي الراحل محمد مهدي الجواهري (1899-1997)، وسط الأهازيج واستذكار بعض أشعاره، وبحضور صالح الجزائري ممثلا عن محافظة
بغداد، والذي قال للأناضول وقت هذا الافتتاح "ازيح الستار عن مجسم محمد مهدي الجواهري، الذي يعبر عن الأدب العراقي الأصيل."
مجيد الصباغ فنان تشكيلي حضر إلى "القشلة" لينحت تمثالا، فالمكان، بحسب قوله، "مركز للتنفس لكل الأدباء والشعراء"، لافتا إلى أنه "يمتلك أعمال أخرى سيعرضها لاحقا في شوارع بغداد".
وخصوصية القشلة كمكان للمثقفين تعود لسببين، الأول كونها قريبة من شارع المتبني في بغداد الذي يحتضن نهار كل جمعة فعاليات مختلفة من الشعر والمسرح والرسم ومعارض الكتب، وثانيا، لكون حدائق القشلة تم فيها تنظيم الكثير من المظاهرات والمسيرات للمثقفين العراقيين بعد الاحتلال الانجليزي مما جعلها مكان لتجمع المثقفين.
ولكن القشلة أُهملت مثل باقي الآثار العراقية وتم تعميرها وترميمها خلال العام الماضي ضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013 وتم افتتاحها قبل ستة أشهر تقريبا لتعاود نشاطها الثقافي من استقبال المثقفين.
تاريخ بناء القشلة يعود إلى بداية سنوات حكم الوالي نامق باشا (1861- 1863) لاتخاذها معسكرا للجيش حيث جعلها بطابق واحد وفي عهده لم يكتمل البناء وكانت تسمى في حينها باسم قشلة البيادر (ثكنة الجنود المشاة) وزادها الوالي مدحت باشا (1868-1871) طابقا ثانيا وأقام برجا عاليا في وسط مساحتها وضع عليه ساعة كبيرة تساهم بإيقاظ جنوده وهذا يعني ان المبنى كان ثكنة عسكرية للجنود العثمانيين واتخذ المبنى بعد الاحتلال الانكليزي للعراق عام 1917 مسكنا للضباط الانكليز وعوائلهم.
طول "القشلة" 160م، وعرضها بما تضمه من غرف الطابق العلوي وأرضها حوالي 25 مترا، وتطل القشلة على حديقة غناء على نهر دجلة، وفي جنوبها، وبمنتصف ضلعها، شيد برج الساعة الدقاقة، ويبلغ ارتفاعهُ 23 م، وشهدت ساحة القشلة تتويج الملك فيصل الأول ملكاً على العراق في 23 أغسطس /آب 1921.