الريسوني: التفاؤل "راجح" في حكم العدالة بالمغرب

* واجبات العلماء ثقيلة وأصعبها التجديد والاجتهاد المناسبان لكل عصر

* "25 يناير" في مصر كسرت عهد الاستبداد والاستبلاد.. والحرب سجال

* الانقسام الداخلي أدخل القضية الفلسطينية "في ورطة حقيقية"

عبّر الدكتور أحمد الريسوني، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عن تفاؤله بتجربة قيادة حزب العدالة والتنمية للحكومة المغربية منذ نحو سنتين، وقال إن كفة "التفاؤل والأمل" هي الراجحة عنده حتى الآن، معتبرا أن الرهان هو على أن تضع "قطار الإصلاح على السكة".

من جهة أخرى، أكد الريسوني في حديث مع "عربي21" عن عدم تفاجئه بالاضطرابات والتموجات التي تعرفها التحولات الديمقراطية بدول الربيع العربي، وقال إن "الذي يعرف طبيعة التحولات السياسية والاجتماعية ومتطلباتها، لا يتفاجأ بهذه التموجات والتعثرات والمطبات".

وقال الفقيه المقاصدي والخبير الأول بمجمع الفقه الإسلامي؛ إن إصلاح دولة ومجتمع بحجم مصر وما فيها من فساد واستبداد وتخلف، ما كان ليتم بمجرد الإطاحة برأس النظام وببعض أعوانه وأقاربه، كما لن يكون بمجرد وجود رئيس منتخب ودستور جميل، لكنه أوضح أن ثورة 25 يناير كسرت عهد الجمود والاستبداد والاستبلاد "والحرب سجال".

وإلى جانب منصبه الجديد كنائب لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يرأس الدكتور الريسوني رابطة علماء أهل السنة والجماعة كما يدير مركز المقاصد للدراسات والأبحاث.

وفيما يلي نص الحوار مع الدكتور الريسوني:

- كيف تلقيتم بداية ما تم مؤخرا من انتخابكم نائبا لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وكيف تم ذلك؟

تلقيت هذا القرار بمزيج من المشاعر؛ منها الامتنان لإخواني العلماء أعضاء مجلس الأمناء على حسن ظنهم وثقتهم، خاصة وأن قرارهم جاء بتوافق سريع وبالإجماع. ومنها الشعور بعبء جديد نزل ثقله على كاهلي ونفسيتي المثقلة أصلا بالتزامات متعددة.

- كيف تنظر للأدوار التي يمكن أن يقوم بها الاتحاد والعلماء عموما على ضوء حاجة الأمة الماسة اليوم لاجتهادات مقاصدية تواكب تحولاتهم الواقعية؟

الواجبات المنوطة بالعلماء كثيرة وثقيلة، وأحسن ما قيل في اختصارها قوله عليه الصلاة والسلام: "العلماء ورثة الأنبياء"، ولكن أعلاها وأصعبها هو الاجتهاد والتجديد المناسبان لكل عصر. وهذه مسؤولية فردية وجماعية للعلماء. وفي نيتي أن أصب جهدي - المحدود جدا- في هذا الاتجاه الذي ذكرتم. وبالله تعالى التوفيق.

- تعرف العديد من الأقطار العربية والإسلامية توترات ونكوصا عن أهداف وروح الربيع الديمقراطي العربي جعلت البعض يشكك فيه، فكيف تنظر إلى هذه التموجات التي تعرفها هذه الربوع؟

الذي يعرف طبيعة التحولات السياسية والاجتماعية ومتطلباتها، لا يتفاجأ بهذه التموجات والتعثرات والمطبات. والإنسان إذا بنى مسكنا لنفسه وأسرته يكابد ويعاني من متاعب جمة على مدى سنوات، ويدفع ثمنها من عيشه ونومه وراحته ومهنته ومشاريعه، ويدفعها معها كل أفراد أسرته... فما بالنا نريد إصلاح دول ومجتمعات وتجاوز تحديات وعراقيل، بين عشية وضحاها، بلا عناء ولا تضحية؟

- تعتبر الحالة المصرية ضمن أبرز أمثلة هذه التوترات. كيف تنظر لما يحدث بمصر أمام الصمود البطولي لدعاة الشرعية وتنطع الانقلابيين؟

هذا نموذج لما ذكرته سابقا، إصلاح دولة ومجتمع بحجم مصر وبحجم ما فيها من فساد واستبداد وتخلف، ما كان ليتم بمجرد الإطاحة برأس النظام وببعض أعوانه وأقاربه، كما لن يكون بمجرد وجود رئيس منتخب ودستور جميل. لكن المهم أن ثورة 25 يناير كسرت عهد الجمود والاستبداد والاستبلاد، وفتحت مرحلة جديدة، مرحلة "الشعب يريد" و"الشعب يدافع على ما يريد". فالحرب سجال يوم لك ويوم عليك، إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

- بعد سنتين تقريبا على تجربة العدالة والتنمية في قيادة الحكومة المغربية ما هو تقييمك المجمل لهذه التجربة؟

لحد الآن كفة التفاؤل والأمل راجحة عندي. أنا لم أنتظر في يوم من أيام من هذه الحكومة تحقيقها لتحولات عميقة ونتائج نوعية كبيرة، ولكن أملي أن تتمكن من وضع مسارات الإصلاح على السكة، وأن تقطع منها أشواطا أولية ونموذجية.

فيما يخص القضية الفلسطينية هناك من يرى تراجع تصدرها للائحة الأولويات بالدول العربية والإسلامية، فهل تحديات الربيع الديمقراطي كافية لوحدها لتفسير هذا الوضع؟

نعم هناك انشغالات الربيع العربي وصراعاته، هذا صحيح. وهذه قد تخف أو تزول مضاعفاتها السلبية قريبا، ولكن هناك سبب آخر أشد ضررا كان قد أدخل القضية في ورطة حقيقية قبل الربيع العربي بسنوات، وهو الانقسام والصراع الداخلي للفلسطينيين. فهذا هو ما أدى إلى فتور ونفور حقيقي لدى الشعوب العربية ومختلف قواها السياسية، الرسمية والشعبية تجاه القضية. هذا ما يجب أن نصدع به في وجه الفلسطينيين.