أصبحت المرأة عنصرا بارزا في كافة الفعاليات والتظاهرات المناهضة للانقلاب العسكري في
مصر، حيث تشارك السيدات بقوة جنبا إلى جنب مع الرجال وتتحدين الرصاص والغاز المسيل للدموع منذ 3 تموز/ يوليو الماضى.
وتشهد كافة الفعاليات مشاركة نسائية واسعة، تكون أعدادهن أكبر من أعداد الرجال فى بعض الأحيان، كما تشهد المسيرات عادة مشاركة من أمهات وشقيقات الشهداء حاملات صور ذويهم فى إصرار على القصاص من قتلتهم.
وتعرضت المئات من السيدات والفتيات في مصر للإصابة على أيدي قوات الشرطة والجيش والبلطجية، وقدمن شهيدات بالعشرات كان من أشهرهن أسماء البلتاجي وحبيبة عبد العزيز وهالة أبو شعيشع، كما تقبع في السجون عشرات السيدات والفتيات، أكدت تقارير حقوقية تعرضهن لمعاملة سيئة وتعذيب من قبل قوات الأمن.
قوة احتياطية
وقالت وكالة رويترز في تقرير لها السبت إن الإخوان المسلمين بدأوا يستعينون بعضوات الجماعة اللاتي يمثلن قوة احتياطية لم تكن في الحسبان في مواجهة الشرطة والجيش بعد اعتقال الكثيرين من الرجال والشباب.
ونقلت الوكالة عن اريك تراجر الخبير بشؤون الإخوان المسلمين في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى قوله إن "أخوات" الجماعة لم تتلق ضربات قوية في الحملة الأمنية، وفي ضوء عدم المساس بهيكلهن التنظيمي يستطعن لعب دور أكثر أهمية في الحشد للاحتجاجات الحالية.
وتابع: إن ملاحقة السيدات والفتيات قد تشكل معضلة لحكومة الانقلاب حيث أن التقاليد الاجتماعية في البلاد تثير غضب البعض من التعرض لهن حتى اللائي يتظاهرن منهن ضد الجيش، وعادة ما تتردد السلطات في اعتقال
النساء أكثر من اعتقال الرجال وهي حقيقة تشكل محفزا إضافيا للسيدات للمشاركة في
المظاهرات".
وامتدت الاحتجاجات ضد الانقلاب من طالبات الجامعات إلى الفتيات الأصغر سنا، حيث خرجت مظاهرات من المدارس الثانوية والإعدادية.
جنود المظلات لمواجهة الفتيات
وفي مشهد لم يكن يتخيله لم تجد حكومة الانقلاب سوى قوات المظلات لتواجه مظاهرات بها طالبات الأزهر.
وجاءت الاستعانة بقوات المظلات للتصدي لمظاهرات طالبات الأزهر بعد صمودهن لعدة أسايبع أمام قوات الشرطة والبلطجية الذين فشلوا في إيقاف احتجاجاتهن.
وشاهد ملايين المصريون جنود المظلات - الذين يتم إعدادهم وتدريبهم عادة لتنفيذ مهام قتالية خاصة خلف خطوط العدو أثناء الحروب – وهم يشجعون أنفسهم بأغان حماسية أثناء توجههم لفض مظاهرات الطالبات، وكأنهم في طريقهم لموقعة عسكرية.
واضطرت قوات المظلات التي تقدر بالمئات إلى الانسحاب من مواجهة فتيات الأزهر بعد أن أظهرن شجاعة وإصرارا على استكمال وقفتهم الاحتجاجية ضد
الإنقلاب العسكري، وحرصا - على ما يبدو – من جانب قوات المظلات على تجنب إصابة أو قتل أي فتاة ما قد يثير الرأي العام ضد الجيش.
وحاصرت قوات الشرطة الأسبوع الماضي المدينة الجامعية لطالبات الأزهر وأطلقت قنابل الغاز داخلها في محاولة لمنع الطالبات من التظاهر خارج المدينة.
"7 الصبح"
وتعرضت الحكومة والقضاء المصري لانتقادات شديدة من المنظمات الحقوقية داخليا وخارجيا الشهر الماضي وواجهن موجة من الغضب في المجتمع المصري بعد صدور أحكام مشددة بالسجن 11 عاما على 21 فتاة من حركة 7 الصبح لاتهامهن بالتظاهر.
وقالت صحيفة ديلي تليجراف البريطانية إن سجن فتيات الإسكندرية بتهمة المشاركة في مظاهرات مساندة للرئيس المعزول محمد مرسي، أعاد طرح التساؤل بخصوص قسوة حكم الجيش، وأشار كثيرون إلى أنه حكم "مسيس" خاصة وأن أحكام أخرى مخففة صدرت لرموز نظام مبارك الذي تم تبرئتهم جميعا.
وزادت الأحكام الصادرة في حق المعتقلات من حدة الاحتجاجات ضد النظام، كما أن سياسيون ومرشحون سابقون لرئاسة الجمهورية وحقوقيون معارضون للإخوان المسلمين عبروا عن اعتراضها على الأحكام وطالبوا بالعفو عن البنات قبل أن تخفف محكمة الاستئناف الحكم وتطلق سراحهن تحت ضغط الرفض الشعبي.
أولتراس بنات
كما شهدت المظاهرات المناهضة للانقلاب العسكري ظاهرة جديدة على المجتمع المصري وهي تكوين مجموعات من الفتيات يطلقن على أنفسهن اسم "أولتراس بنات" على غرار مجموعات الشباب.
وتشارك هذه المجموعات في التظاهرات والفعاليات بحماس لافت للنظر، يقودهن فتيات محجبات، أو منتقبات، يشعلن الشماريخ ويضربن الطبول داخل الجامعات والمدارس ويرددهن الأهازيج والأغاني الثورية ضد حكم العسكر.
كما تبدو هؤلاء المتظاهرات ثابتات أمام اعتداءات الأمن والبلطجية، بما يذكر بنضال زينب الغزالي إحدى قيادات الإخوان المسلمين في الستينيات، وكذلك المجاهدة جميلة بوحريد بطلة الثورة الجزائرية في ذات الحقبة الزمنية.
ويقول مراقبون إن الأجهزة الأمنية تفاجأت بهذه الأعداد من السيدات والفتيات اللاتي يتواجدن بشكل مكثف في تلك التظاهرات وهو ما يؤكد سلميتها وجعل مهمة تشويه التظاهرات باعتبارها عنيفة أو فوضوية أمرا بالغ الصعوبة.