تشير مجلة "تايم" الأمريكية إلى إعلان أبو بكر
البغدادي، زعيم ما يعرف بالدولة الإسلامية في
العراق بداية العام الحالي، عن حملة على مدار العام قد تتوج تمدد دولته إلى سورية حيث بدأت الدولة الإسلامية في العراق والشام، خطوات نحو تحديد حدود الدولة وبناء مؤسساتها.
وقال التقرير إن الهجوم في 21 تموز (يوليو) على سجن بغداد المركزي (أبو غريب سابقا) وتحرير سجناء
القاعدة في عملية جريئة يحمل بصمات الحملة التي أطلق البغدادي عليها إسم "تحطيم الجدران".
ولم يلتفت العالم لهذه العملية الكبيرة لأنه كان منشغلا في سورية، وما يجري فيها. ولاحظت المجلة أن البغدادي قدم خطابا على الإنترنت حول الحملة، وهو الثاني منذ توليه زعامة الدولة الإسلامية، حيث نفذ خلال العامين الذي تزعّم فيهما الدولة 24 عملية معقدة شملت مهاجمة 8 سجون أمنية عراقية. و دشنت "عملية أبو غريب انقلابه الذي مكّنه من تحرير نشطاء مدربين، وبخبرات واسعة ومكرسين للعمليات بطريقة ستعيد كتابة الشرق الأوسط". وأسفرت الحملة التي قام بها البغدادي من مفخخات وتفجيرات عن مقتل أكثر من 3 آلاف عراقي في 4 أشهر فقط.
وتضيف المجلة أن البغدادي أصبح من أكثر الشخصيات رهبة وقوة "بعد بشار الأسد". ويقول خبراء مكافحة الإرهاب إن تحرير سجناء القاعدة في العراق زوَّد فرعها في سورية بقيادات جديدة وعزز موقعها على حساب الجماعات المقاتلة وأثار مخاوف الدول الغربية التي ترددت في دعم المقاتلين خشية وصول الأسلحة للقاعدة. فقد أصبح الجهاديون التابعون للبغدادي من أكثر الجماعات المقاتلة قوة بدرجة لم يشهدها التنظيم منذ أسامة بن لادن. ووضعت الإدارة الأمريكية 10 ملايين دولار مكافأة لمن يوصلها إلى رأس البغدادي الذي يطمح مثل بن لادن إلى بناء "خلافة" تتمدد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وقد بدأ البغدادي على خلاف القادة الجهاديين برسم حدود دولته على أجزاء من العراق وسورية، وهو ما لم يكن بن لادن قادرا على تحقيقه برغم كل ما قام به من "عمليات إرهابية في العالم". ولتحقيق هذا الطموح غيّر البغدادي إسم الدولة في نيسان/ إبريل ليضم الشام حيث أصبحت "الدولة الإسلامية في العراق والشام".
وتنقل عن جيسكا لويس الباحثة في معهد دراسات الحرب إن "سورية جعلت
داعش من أقوى تنظيمات القاعدة". وتقول إنها تتمتع الآن بدفعة وتوسع في سورية، وأقامت فيها شكلا من الحكم. وتقول إن البغدادي "هو الذي يدير المعركة ويصدر الأوامر مما يجعله من أهم اللاعبين في تنظيم القاعدة".
وما يساعد البغدادي في هدفه، هو تدفق مئات الجهاديين الأجانب الذين يقسمون الولاء له ولتنظيمه. كما يتمتع تنظيمه بقدرات عسكرية قوية مما يؤشر لحصوله على تمويل قوي ومستمر. فالبغدادي لا يقاتل فقط، ولكنه يدير مناطق كما في الرقة، حيث يعيش فيها أكثر من مليون شخص هربوا من مناطق الحرب، مما يجعلها أكبر مدينة تديرها القاعدة، وتسيطر داعش على معابر رئيسية مهمة لتركيا، عضو الناتو، وتدير حقول نفط سورية.
ونفس الوضع يقال عن العراق، فداعش قوية في الموصل، المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليوني شخص، كما تسيطر داعش على مناطق في الأنبار. وزادت قدرة البغدادي على إدارة مناطق من مستوى تأثيره داخل صناعة القرار في تنظيم القاعدة، فزعيم التنظيم أيمن الظواهري وان لا يزال يتمتع بتأثير واسع لكن تنقله من مكان لأخر تجنبا للاعتقال او القتل يؤثر على إدارته لشؤون التنظيم اليومية. ومقارنة مع تنوعات القاعدة الأخرى في المغرب والصومال واليمن يظل البغدادي هو الأقوى.
وحتى الآن ركز البغدادي جهوده على بناء قواعد دولته بدون توجيه ضربات للغرب كما فعل تنظيم القاعدة في اليمن، لكن في حال استمر تصاعد قوته، واستمر قدوم الجهاديين لسورية، فإنه قد يبدأ بالتخطيط لعمليات في أوروبا.
ونقلت المجلة عن عضو لجنة الأمن في الكونغرس مايك روجرز قوله إن هناك نقاشا داخل القاعدة حول تنفيذ هجمات ضد الغرب، وما يمنع قيامها هو الخلاف حول توقيتها.
ولا يعرف الكثير عن أبو بكر البغدادي سوى أنه إبراهيم بن عوض بن أحمد البدري الرضوي من مدينة سامراء، وحاصل على شهادة الدكتوراة في الشريعة الإسلامية من جامعة بغداد. بدأ القتال مع القاعدة مع وصول الأمريكيين للعراق حيث انضم لأبي مصعب الزرقاوي ( قتل عام 2006)، وصعد في سلك التنظيم حتى تولى الإمارة بعد مقتل أبو أيوب المصري، والقائد الذي جاء بعده. وأشارت المجلة للخلافات بين البغدادي وأبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة الذي وقف إلى جانبه الظواهري واعتبره ممثل القاعدة وليس داعش، لكن البغدادي رفض الامتثال لأوامر الظواهري. ويقول من التقوا البغدادي أنه مراوغ ويرتدي لثاما خشية أن يغدر به أحد.
وتنقل المجلة عن قيادي في حزب الله، ومسؤول عن الأمن اسمه شيخ أحمد أن البغدادي يُعرف باسم "الشبح" لديهم، وقادر على تغيير لهجته من لبنانية إلى عراقية وسورية في أية لحظة، "وقد يمر بك ولا تتعرف عليه". وتختم المجلة تقريرها بالقول إن الرقة تمثل للبغدادي نموذجا لما يمكن أن تكون عليه دولته الإسلامية العالمية.