اندلعت مواجهات الاثنين في بانغي بين جنود فرنسيين ومسلحين في اليوم الأول من عملية نزع سلاح الميليشيات التي تقوم بها باريس لبسط الأمن في إفريقيا الوسطى.
وقد دارت هذه المواجهات عند الظهر بين جنود يشاركون في عملية سنغاريس الفرنسية ومسلحين قرب المطار الذي يتمركز فيها القسم الأكبر من القوات الفرنسية في شمال العاصمة.
وذكر شهود عيان أن اطلاق النار سرعان ما توقف وأن أيا من الجنود الفرنسيين لم يصب على ما يبدو.
وبدأت عملية نزع سلاح الميليشيات والمجموعات المسلحة صباح الاثنين، كما أعلنت رئاسة الأركان الفرنسية في باريس مشيرة إلى أن "الأمور تجرى على ما يرام".
وفي ساعات الصباح الأولى، سُمعت على ما يبدو رسالة السلطات الفرنسية في بانغي، فقد اختفى المسلحون الذين كانوا قبل أيام منتشرين في كل مكان، ويتجولون سيرا على الأقدام أو يجوبون الشوارع على متن سيارات "بيك- آب" مليئة بالمقاتلين، كما ذكر مراسلو وكالة فرانس برس.
وتخلى بعض منهم خلال الليل عن بزته العسكرية، وأعرب آخرون أخذت منهم رشاشات الكالاشنيكوف عن استيائهم وحنقهم.
ووصلت مساء الأحد قافلة كبيرة من المدرعات الفرنسية برا من الكاميرون لتعزيز القوات الفرنسية.
ويبدو أن هذه القوة التي رحب بها الناس ساهمت في ضرب معنويات بعض المقاتلين، فيما حلقت طوال الليل المروحيات القتالية الفرنسية التي لم تكن مرئية فوق بانغي.
وتستهدف العملية بالدرجة الأولى، حتى لو لم تعلن باريس عن ذلك، المقاتلين المتمردين السابقين في تمرد "سيليكا" الذين ارتكبوا عددا كبيرا من التجاوزات ضد السكان في الأشهر الأخيرة كالنهب والسلب والإعدامات الميدانية.
وحدهم عناصر "سيليكا" السابقون الذين يكرههم الناس، وغالبا ما يعتبرونهم مرتزقة أو "محتلين" أتوا من تشاد أو السودان المجاورين، كانوا يتجولون بأسلحتهم في العاصمة، في مواجهة الميليشيات القروية المؤيدة للنظام السابق، الموجودة في الأدغال أو المنشترة في الأحياء.
وتواجه إفريقيا الوسطى الفوضى ودوامة أعمال العنف الطائفية والدينية بين المسيحيين والمسلمين منذ إطاحة الرئيس فرنسوا بوزيزيه في اذار/ مارس الماضي على يد تحالف "سيليكا" غير المتجانس الذي يغلب عليه الطابع الإسلامي.
وسكان بانغي الذين يعربون منذ السبت عن ارتياحهم لرؤية الفرنسيين في الشوارع بعد أيام الرعب، بدأوا يستعيدون شيئا فشيئا وتيرة حياتهم اليومية.
وتقول التاجرة أرليت باباي "استعدنا عادة الخروج لأن الفرنسيين هنا، كنا نلازم المنازل والمخابىء ونحن جائعون، يجب أن يطرد الفرنسيون عناصر سيليكا".
وقد انضم قسم من ميليشيات "سيليكا" التي أعلن رئيس إفريقيا الوسطى والزعيم المتمرد السابق ميشال دجوتوديا رسميا عن حلها، إلى القوات الأمنية الجديدة.
لكن حل هذه الميليشيات بقي رمزيا ولم يتغير شيء في الواقع.
واذا كانت الأسلحة غير ظاهرة للعيان، فهي ما زالت في المدينة، موضوعة خلف الجدران ومودعة في المنازل ومكدسة في الأحياء التي لم تدخلها بعد القوات الفرنسية.
وتبدو عملية نزع السلاح التي أمر بها مساء الأحد وزير الدفاع جان-ايف لو دريان معقدة، كما أعلن الاثنين وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس.
وقال في تصريح لإذاعة فرانس انتر إن "الصعوبة تكمن في أن عددا كبيرا من عناصر سيليكا السابقة قد تخلوا عن ثيابهم العسكرية وارتدوا الثياب المدنية، ومن الصعوبة بمكان التعرف إليهم".
وأضاف "شرحنا للجميع عبر الإذاعة ومختلف وسائل الإعلام المتوافرة أنه من الضروري جمع السلاح، كما وقال الرئيس دجوتوديا الشيء نفسه، لذلك سنبدأ الاتصالات واذا لم يكن ذلك كافيا سنستخدم القوة".
وبعد تصويت الأمم المتحدة الخميس الماضي، قامت
فرنسا بنشر 1600 عنصر في جمهورية إفريقيا الوسطى في إطار عملية سانغاريس "اسم فراشة حمراء محلية" لدعم قوة إفريقية منتشرة في البلاد وقوامها 2500 جندي.
ويتركز القسم الأكبر من القوات الفرنسية في بانغي لكن وحدات نشرت أيضا في شمال غرب البلاد لا سيما في بوسانغوا، حيث تجري مواجهات بانتظام منذ أيلول/ سبتمبر.