قال رئيس جنوب إفريقيا جاكوب
زوما أن الرئيس السابق للبلاد نلسون
مانديلا توفي في هدوء بمنزله في جوهانسبرج الخميس بعد مرض طويل في الرئة.
وأضاف في كلمة عبر التلفزيون أن جثمان أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا سيشيع في جنازة رسمية. وأمر بتنكيس الأعلام في البلاد.
وقال زوما "مواطني في جنوب افريقيا.. رحل حبيبنا نلسون مانديلا الرئيس المؤسس لبلدنا الديمقراطي."
"فاضت روحه إلى بارئها بسلام في منزله."
وقد أضحى مانديلا رمزا عالميا للحرية ثم للمصالحة، بعد خروجه من السجن ودعوته لبناء جنوب إفريقيا بعيدا عن أحقاد الماضي.
ويعرف مانديلا باسم "ماديبا" نسبة الى اسم قبيلته.
وقد ساهم الإفراج عنه في 1990 بعد سجنه 27 عاما في سجن روبن آيلاند في تسريع سقوط نظام الفصل العنصري. وبعد أربع سنوات أصبح أول رئيس أسود ينتخب ديموقراطيا في جنوب افريقيا.
ولخص الأسقف الأنغليكاني ديسموند توتو إرث مانديلا بالقول أنه نجح في أن يحول جنوب إفريقيا دون حقد، ديموقراطية مستقرة متعددة الاعراق. ووصفه قائلا "إنه أضحى رمزا عالميا للمصالحة".
شكل مانديلا لجنة الحقيقة والمصالحة التي تولى رئاستها توتو وأصبحت نموذجا يطبق في الدول التي تشهد أعمال عنف؛ رغم الانتقادات بانها غير مثالية لدى نشر تقريرها في 1998 بعد المئات من جلسات الاستماع.
ولد مانديلا في 18 تموز/يوليو 1918 في منطقة ترانسكاي (جنوب شرق) في قبيلة ملكية واطلق عليه والده اسم "روليهلاهلا" اي المشاكس الذي يجلب المشاكل.
وفي سن مبكرة بدا مانديلا فتى متمردا وأقصي من جامعة فورت هار للسود بسبب خلاف حول انتخاب ممثلي الطلاب.
وفي جوهانسبرغ التحق المحامي الصاعد بحزب
المؤتمر الوطني الافريقي وأسس مع اشخاص آخرين رابطة الشباب في الحزب.
وامام السلطة التي تطبق نظام الفصل العنصري في 1948 تولى مانديلا رئاسة الحزب. واعتقل مانديلا مرارا وحكم مرة اولى بتهمة الخيانة قبل تبرئته في 1956.
وبعد عام قاد مانديلا النضال المسلح واعتقل وحوكم بتهمة التخريب والتآمر ضد الدولة في اطار محاكمة ريفونيا (1963-1964).
وصدر على مانديلا حكم بالسجن المؤبد لكنه أعلن مبدأه بالقول "إن مثلي الأعلى كان مجتمعا حرا وديموقراطيا يعيش فيه الجميع مع فرص متساوية (...) إني مستعد لأن أضحي بحياتي في سبيل ذلك".
وألهم مانديلا رفاقه في سجن روبن ايلاند قبالة سواحل الكاب وفي السجون الأخرى. واعتبارا من 1985 اطلق نظام الفصل العنصري الخاضع لعقوبات دولية والنضال الداخلي المتواصل، مفاوضاتت سرية.
ففي 11 شباط/فبراير 1990 كان "المعتقل الذي يحمل رقم 46664" رجلا حرا الى جانب زوجته الثانية ويني. وعلى الفور تواصلت المفاوضات.
وبفضل نجاح المفاوضات مع اخر رئيس لنظام الفصل العنصري فريديريك دو كليرك، حاز الرجلان جائزة نوبل السلام في 1993.
وفي 27 نيسان/إبريل 1994 أنتخب مانديلا في الدورة الاولى من الانتخابات المتعددة الأعراق وأعلن عزمه على بناء "أمة تعيش بسلام في الداخل ومع العالم".
ونجح مانديلا في أن يكسب مودة البيض لانه لم يظهر مرارة لكل السنوات التي أمضاها خلف القضبان.
وفي 1998، في اليوم الذي احتفل فيه بعيد ميلاده الثمانين تزوج مانديلا غراسا ماشيل أرملة رئيس موزمبيق السابق التي تصغره ب27 سنة. وبعد سنة استقال من الرئاسة وسلم السلطة إلى زعماء أكثر شبابا وأكثر تأهيلا لإدارة اقتصاد حديث؛ في رحيل طوعي نادر عن السلطة ضرب كمثل للزعماء الافارقة.
ولانه بقي مخلصا للمؤتمر الوطني الافريقي، فقد رفض اتخاذ مواقف سياسية باستثناء ما يتعلق بمكافحة الايدز.
وفي حين كان الحديث عن الإيدز محرما، نظم مانديلا في 2003 أول حفلة في سلسلة حفلات موسيقية واعلن بعد عامين ان ابنه توفي من جراء هذا المرض.
وحصل على جائزة نوبل للسلام في 1993 وشاركه فيها فريدريك دي كليرك الزعيم الأبيض الذي أفرج عنه من السجن.
وكان اخر ظهور رئيسي لمانديلا على الساحة العالمية في 2010 عندما حضر مباراة في نهائيات كأس العالم لكرة القدم حيث لقي استقبالا حافلا من 90 ألف مشاهد في الاستاد في سويتو الحي الذي شهد بزوغه كزعيم للمقاومة.