استضافت دولة
الكويت يومي 19 و20 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، القمة العربية الأفريقية الثالثة تحت شعار (شركاء في التنمية والاستثمار) بمشاركة أكثر من 71 دولة ومنظمة عربية وإقليمية ودولية .
هذه القمة هي الأولى من نوعها منذ 2010، عندما التقى القادة في ليبيا قبل انطلاق حركة الاحتجاجات التي تعرف بالربيع العربي. وناقشت القمة مقترح المنتدى الاقتصادي الأفريقي العربي لخلق سوق عربية أفريقية مشتركة لما مجموعه نحو مليار و200 مليون نسمة. وخلصت إلى التأكيد على التزامها بتعزيز التعاون بين الطرفين على أساس الشراكة الاستراتيجية التي تسعى إلى الحفاظ على العدل والسلم والأمن الدوليين.
واتفقت الدول على النهوض بالتعاون "جنوب – جنوب" وبين البلدان العربية والأفريقية، وتوثيق العلاقات بين حكومات وشعوب المنطقتين من خلال تكثيف الزيارات والمشاورات على جميع المستويات. ولفتت إلى ضرورة تعزيز العلاقات الدبلوماسية والقنصلية بين البلدان الأفريقية والعربية، من خلال المشاورات المنتظمة بين البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية الأخرى، بهدف تنسيق المواقف وتطوير سياسات مشتركة بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك.
كما أشارت إلى الحاجة لمواصلة الجهود الرامية إلى وضع السياسات الداعمة للنمو الاقتصادي واعتماد السياسات المالية التي من شأنها ضمان الاستدامة، وذلك لتعزيز سياسات القضاء على الفقر بما في ذلك برامج الأهداف التنموية للألفية الثالثة وبرامج التنمية لما بعد 2015.
ولكي لا تبقى نتائج القمة في إطارها النظري، فقد أعلن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح عن تقديم بلاده قروضا ميسرة لدول أفريقيا بمبلغ مليار دولار على مدى خمس سنوات، واستثمار مليار دولار أخرى في مجال تطوير البنى التحتية .
ومعلوم أن حجم التبادل التجاري بين الدول الأفريقية والعربية ما زال متدنيا جدا حيث لم يتجاوز25 مليار دولار بينما ارتفع بين أفريقيا والصين وحدها من 10 مليارات عام 2000 إلى 200 مليار عام 2010.
والمشكلة ليست فقط في تدنى مستويات العلاقات التجارية ولا في ضعف الاستثمارات المتبادلة، بل أيضاً في هزالة القدرة العربية على المنافسة حيث تجتاح الأسواق الأفريقية المشاريع الاستثمارية الأميركية والصينية والإسرائيلية، وبحجم أقل المشاريع الأوروبية والروسية .
وإذا كانت المنافسة العربية مع الصين تأخذ بُعداً اقتصادياً، ومع القوى الأخرى تأخذ بُعداً سياسياً إلا إنها مع "إسرائيل" تأخذ بُعداً أقتصادياً وسياسياً وأمنياً، لأن تل أبيب تستغل وجودها ليس فقط لإبعاد العرب عن القارة السمراء، بل أيضاً لتقليب الدول الأفريقية ضد العرب وقضاياهم المشروعة ومنها على سبيل المثال لا الحصر منابع نهر النيل، والقضية الفلسطينية، وتقسيم السودان وغيرها .
من هنا يمكن القول إن مقرارات القمة في الكويت كانت قد وضعت الأصبع على الجرح وتمكنت من تشخيص حقيقة الأحوال في أفريقيا على كافة المستويات والصعد، ولكن كان من المفترض إنشاء آليات تنفيذية تكون مهمتها متابعة كيفية تحويل المقرارات الهامة جداً إلى حيثية ملموسة، وإلا فإن القمة الرابعة القادمة قد تكرر ما أعلنته القمة الثالثة على غرار ما يجري في القمم العربية منذ خمسينيات القرن الماضي .
*رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي.