أعلنت
مصر أنها تجري مفاوضات مع
قبرص لاستيراد
الغاز الطبيعى وسد الفجوة الآخذة في الاتساع بين الإنتاج والاستهلاك بعد تراجع الإنتاج المصرى.
وتشهد أكبر دولة عربية في عدد السكان أزمة متفاقمة في توفير اسطوانات الغاز للمواطنين، أدت إلى ارتفاع سعر الاسطوانة إلى ما يقارب عشرة أضعاف سعرها المدعوم، ويرى محللون أن حكومة الانقلاب لن تتحمل مزيداً من الغضب الشعبي.
كما تعاني مصر من توقف الشركات الأجنبية العاملة في البلاد عن التنقيب بسبب تدني الأسعار التي تدفعها الدولة لشراء الغاز من تلك الشركات - وهي نحو دولارين لكل مليون وحدة حرارية، ما أدى إلى نقص كبير في المعروض، ودفع الحكومة إلى تعديل عقود شركات الغاز الأجنبية لتتناسب مع الأسعار العالمية التي تبلغ نحو 17 دولاراً.
قبرص غير جاهزة لتصدير الغاز
لكن صحيفة "قبرص ميل" القبرصية قالت إن الجزيرة المتوسطية لن تكون قادرة على تصدير الغاز قبل ست سنوات على الأقل من الآن، حيث من المتوقع أن يبدأ تصدير الغاز الطبيعي المسال بنهاية عام 2019، يمكنها بعدها أن تمد الاتحاد الأوروبي بالغاز.
ويقول مراقبون إن حكومة الانقلاب تنظر إلى
إسرائيل باعتبارها مصدراً محتملاً للغاز الطبيعى لمصر، لكنها تخفي هذا التوجه لتفادي الاعتراضات السياسية المتوقعة والرفض الشعبي، ولا تنسى الحكومة تعرض خط الأنابيب بين مصر وإسرائيل لأكثر من 12 هجمة منذ ثورة يناير.
وأعلنت قبرص في أيلول/ سبتمبر الماضي فقط عن بدء أول اختبار لإنتاج الغاز الطبيعي في حقل أفروديت، الذي تبلغ احتياطاته بين 5 إلى 8 تريليونات قدم مكعب من الغاز، سيكون كافياً لوفير الغاز للبلاد لمدة 20 عاماً وتصدير 90% من إنتاجه.
كما تم الإعلان في السابع من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري الاتفاق مع شركة توتال الفرنسية لتطوير مصنع لتسييل الغاز الطبيعي بكلفة 6 مليارات دولار، لتحويل الغاز الطبيعي إلى شكل قابل للتصدير عن طريق السفن، لكنه سيستغرق سنوات حتى يكتمل إنشاؤه.
ويثير عدم جاهزية قبرص لتصدير الغاز في الوقت الحالي شكوكاً قوية في أنها ستكون ستاراً لتوريد الغاز لمصر من إسرائيل.
مصر تنفي الاستيراد من إسرائيل
ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن وزير
الطاقة والمياه الإسرائيلي سيلفان شالوم قوله إن مصر تعانى من أزمة حقيقية فى الغاز، وإنها طلبت شراء الغاز الإسرائيلى، وإنه لا يرى أي سبب في رفض الطلب المصري الذي يتم دراسته حالياً.
لكن وزير بترول المصري المهندس شريف إسماعيل نفى ذلك، وقال إن حكومته لم تتحدث مع إسرائيل في تلك المسألة.
من جانبه، قال طاهر عبد الرحيم، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس)، إن مصر لا ترغب في استيراد الغاز من إسرائيل بل تريد التركيز على استيراد الغاز الطبيعي المسال وتحويله إلى غاز من خلال محطة عائمة، ثم ضخه في شبكات الاستخدام المحلي.
وتحتاج مصر لاستئجار محطة عائمة للغاز الطبيعي المسال كي يمكنها استقبال الشحنات، وتأمل أن تكون هذه المحطة جاهزة للعمل في نيسان/ ابريل بعد أن طرحت مناقصة في الشهر الجاري.
في صالح مصر؟
ويقول خبراء مصريون إن كلفة استيراد مصر للغاز الطبيعي المسال من دول العالم المختلفة، مثل قطر والجزائر، أعلى من استيراد الغاز من إسرائيل عبر خط الأنابيب الموجودة بالفعل.
ويؤكد الخبير البترولي مدحت يوسف أن إسرائيل أصبح لديها كميات وفيرة من الغاز تريد تصديره بعد اكتشاف العديد من الآبار، وأن مصر هي الوحيدة القادرة علي استيراد الغاز منها بأقل التكاليف بسبب وجود خطوط الغاز القديمة التي كانت تقوم مصر بتصدير الغاز الى إسرائيل من خلالها، بحسب صحيفة الدستور.
وأوضح أن مصر يمكنها استيراد الغاز من اسرائيل مقابل 5 دولار للمليون وحدة حراراية بدلاً من 16 دولار للمليون وحدة حرارية وفقا للاسعار العالمية، مؤكداً أن إسرائيل ستوافق لأنه لا بديل أمامها سوى التصدير لمصر.
ويقول خبراء إن إسرائيل يمكنها كذلك استخدام قدرات إسالة الغاز المصرية الفائضة وغير المستخدمة، وتحديداً من مجمع سيجاس فى مدينة دمياط المصرية.
وفي آب/ أغسطس الماضي، أعلنت شركة ديليك الإسرائيلية عن مباحثات تجريها حول استخدام خط العريش عسقلان، الذى كان يمد إسرائيل بالغاز المصري حتى عام 2012، بهدف إيصال الغاز الإسرائيلي إلى منشآت الغاز المسال المصرية.
وكانت حكومة هشام قنديل قد عارضت الفكرة عند طرحها لأول مرة، لكن بعد الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو الماضي ظهرت الفكرة على السطح مجدداً.
تعاون قبرصي إسرائيلي
ويقول خبراء إن تعاونت إسرائيل وقبرص سيكون للبلدين فائض من الغاز يكون متاحاً للتصدير بما يعود بالنفع على الجانبين، ويرون أن قدرات إنتاج الغاز الطبيعى المسال القبرصية تظل محدودة إلى حين استكشاف إمكانات حقل أفروديت كاملة، فحجمه الحالي المقدر بنحو 2.5 تريليون قدم مكعب غير كاف للتصدير بشكل يدر عوائد اقتصادية، وأن قبرص بحاجة إلى ضخ الغاز الإسرائيلي إلى قبرص لتنشئ مصنعاً كبيراً للغاز المسال على ساحل البحر المتوسط.
لكن المحادثات حول هذا الموضوع حتى الآن لم تسفر عن اتفاق، فإسرائيل لديها خيارات كثيرة من بينها تصدير الغاز الطبيعي المسال عبر موانيها الخاصة أو نقله عبر خط أنابيب إلى جيرانها وفي مقدمتها مصر.
ويجرى التخطيط لمد خط أنابيب يربط حقل أفروديت القبرصى البحرى بحقل ل?يتان الاسرائيلي بطول 180 كلم ويسمح بتوسيع طاقتهما الإنتاجية إلى 5 ملايين طن مترى من الغاز الطبيعى المسال سنوياً ويخفض تكاليف الإنتاج بما يعزز الجدوى التجارية لمنشأة ?اسيليكوس للغاز الطبيعى المسال.
الغاز المصري المنهوب
وقال الكاتب الصحفى فهمى هويدى إن إسرائيل تسطو على الغاز المصري الموجود فى البحر المتوسط بالتعاون مع قبرص في ظل صمت تام من المسؤولين فى مصر.
وأوضح هويدي في مقالة له في جريدة "الشروق" الاسبوع الجاري أن مصر منحت شركة شل حق التنقيب عن الغاز داخل حدودها المائية أمام دمياط وأعلنت عام 2004 اكتشاف احتياطات ضخمة بها، لكن الشركة انسحبت في آذار/ مارس 2011 بشكل مفاجئ وتوقف العمل بالموقع، وبعدها بأسابيع أعلنت إسرائيل وقبرص اكتشافات للغاز الطبيعى في نفس المنطقة في بئر أطلقت عليها اسم لفيتان وبئر أخرى حمل اسم أفروديت، تجاوزت قيمة احتياطاتها بنحو 220 مليار دولار.
ويقول الباحث الاقتصادي المصري نائل الشافع إن شركة شل أعلنت في 2004 أن اكتشاف الغاز أمام دمياط سيغير خريطة الغاز فى العالم وستجعلان مصر من أكبر منتجي العالم في خلال 3 سنوات، مؤكداً أن عدم ترسيم الحدود المائية الاقتصادية بين مصر ودول البحر المتوسط يحرم مصر من الاستفادة من تلك الثروة، حيث سيجلب الحقلان 10 مليارات دولار سنوياً.