يغطي دخان كريه الرائحة شوارع "المتنزه الأخضر" وهو حي سكني في كايفانو في جنوب
إيطاليا في قلب "
مثلث الموت"، حيث طمرت
المافيا المحلية أطنانا من
النفايات العالية السمية.
ويوضح انزو توستي عضو لجنة "أرض الحرائق" مشيرا إلى كومة كبيرة "هذا زفت أُخذ من أسقف قديمة ورمي هنا، وهي مواد عالية السمية عندما تحترق، وهنا كل شيء احترق"
و"أرض الحرائق" هو اللقب الإيطالي الذي يطلق على هذه المنطقة الواقعة بين نابلولي وكازيرته، وتعتبر كايفانو مركزها.
وهي تستمد اسمها من الحرائق التي لا تحصى التي اشعلت في العقود الأخيرة من أجل إحراق النفايات السامة في غالب الأحيان، التي تطمر بطريقة غير قانونية أو ترمى في الحقول من قبل الكامورا.
المافيا في نابولي التي جعلت من هذا النشاط مصدرا كبيرا للأموال.
وينبعث من هذه النفايات عند إحتراقها دخان سام، وهي تسمم أيضا الأرض وطبقات المياه الجوفية مما أدى إلى ارتفاع كبير في حالات السرطان، (40 % لدى النساء و47 % لدى الرجال).
ويقول الطبيب لويجي كوزتانتزو "الأمر لا يقتصر على ارتفاع الإصابات في السرطان، بل ثمة انتشار كبير للحساسيات، فضلا عن التشوهات الخلقية، فقد اضطرت ثلاث من مريضاتي إلى اجهاض الجنين بسبب اصابته بتشوهات خطرة".
تينا كازاريا ونساء أخريات دفعن الثمن غاليا، فقد فقدن جميعهن طفلا بسبب سرطان مرتبط بالنفايات السامة.
وتقول تينا التي فقدت ابنتها البالغة 13 عاما "لم يتجرأ اي شخص على التسلح بالأرقام ليقول لنا لقد تسببنا بقتل أطفالكم، إننا نتحمل مسؤولية ذلك ونحن مستعدون للتدخل من أجل إنقاذ أطفال الغد، وكل الذين يتنشقون هذا السم راهنا".
والى جانب الزفت والاسبستوس، هناك أيضا الصمغ الصناعي والمذيبات والإطارات والحاويات والبرّادات التي تطمر أو تترك ببساطة منذ نهاية الثمانينات، عندما قررت الكامورا العمل في مجال "معاجلة" النفايات.
فقد فضلت شركات مقرها في غالب الأحيان في شمال البلاد أو وسطها، أن تدفع لها مبالغ زهيدة للتخلص من نفاياتها بدلا من الاستعانة بشركات تحترم القواعد والأنظمة، وتفرض أسعارا أعلى.
وتفيد جمعية حماية البيئة "ليغامبيينتي" أن عشرة ملايين طن من النفايات الصناعية أحرقت أو طمرت في هذه المنطقة بين عامي 1991 و2013، بفضل آلاف الشاحنات التي تعمل ليلا.
وكثفت السلطات العامة في الأسابيع الأخيرة إجراءات حجز أراض ملوثة.
وقد شكل ذلك صدمة لبعض المزارعين الذين كانوا يجهلون أن أراضيهم كانت تستخدم كمكب للنفايات السامة.
ويشكك سكان المنطقة في نجاح أي اجراءات، ويعتبرون أن الكامورا لن تتخلى عن هذا القطاع المدر للأموال.