هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت خطة لنقل معظم الترسانة الكيماوية السورية لخارج البلاد مخاوف الحكومة الأمريكية، خاصة أن عملية نقل الأسلحة يقتضي نقلها براً وباستخدام الطرق التي تمر عبر المناطق التي تشهد معارك بين الحكومة والقوات المعارضة لها. وتنبع المشكلة من كون الوحدات التي توفر الأمن لوحدات مفتشي السلاح الكيماوي هي تلك التابعة لنظام الأسد والتي كما تقول صحيفة "نيويورك تايمز" أثارت دهشة المسؤولين الأمريكيين بالتزامها بالاتفاق الذي تم التوصل إليه برعاية روسية- أمريكية.
ونقلت الصحيفة عن محللين أمنيين في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" قولهم إن شحنات السلاح الكيماوي ستكون عرضة للهجمات من قبل قوات المعارضة خاصة تلك المرتبطة بتنظيم القاعدة او حتى عناصر من قوات الأسد. وبحسب مسؤول أمريكي "هذه هي المشكلة، لان أحداً لم يحاول فعل هذا من قبل في ظل حرب أهلية، ولا أحد لديه استعداد لوضع قوات على الأرض لتوفير الحماية لهذه الشحنات بمن فيهم نحن" أي الأمريكيين". ونقل عن مسؤول آخر قوله "إما أن نترك الأسلحة في مكانها أو نحصيها ونخرجها من مكانها ونتوقع الأحسن وهذا هو الخيار الأقل سوءاً".
ونقلت الصحيفة عن عدد من المسؤولين الأمريكيين السابقين والحاليين قولهم إنه حتى في حالة نقل الترسانة ووصولها بأمان الى واحد من الموانيء السورية بحلول الموعد النهائي وهو 31 كانون الأول/ديسمبر أو 5 شباط/فبراير فالمشكلة لن تنته.
وقد رفضت الحكومة الألبانية في نهاية الإسبوع الماضي طلبا من المنظمة الدولية للحد من الأسلحة الكيماوية من أجل تدمير السلاح السوري في أراضيها بعد مظاهرات رافضة لهذا الطلب، وهو نفس ما رفضته النرويج سابقاً بعد إثارته جدلاً واسعاً في داخل البلاد. مما يعني بقاء الأسلحة الكيماوية على ظهر السفن في أعالي البحار حتى يعثر المسؤولون على بلد مستعد لتدميرها على أراضيه. ويحظر القانون الأمريكي جلب أسلحة لتدميرها على أراضيه فيما تقول روسيا أنها لا تزال تواجه تحديات للتخلص من ترسانتها الكيماوية.
ويقول المسؤولون أن المهمة الأكثر حرجا تكمن في الأسابيع الستة، حيث ستكون 600 طن من المواد الكيماوية محملة على حاويتين قد تمثلان هدفا متحركا للمعارضة السورية التي تقاتل الأسد وأحياناً تخوض معارك فيما بينها. ونقل عن مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية قوله إن " مرحلة النقل في أية عملية تعتبر عادة المرحلة الحرجة".
وتقول الصحيفة إن الخطة الأمريكية الأولى هي تجنب نقل الأسلحة، حيث كانت الخطة تقضي بتدمير المواد الكيماوية في سورية، ولكن خطة كهذه تقتضي وجود قوات من الخارج، إضافة للمشاكل التي قد تؤثر على الجو في البلاد، وتحتاج إلى بناء منشآت خاصة لتدمير كميات السلاح الكيماوي.
وبدلاً من كل هذا أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن خطة نقل الأسلحة الكيميائية في وقت متأخر من ليل الجمعة، ومن المتوقع ان تدرّب القوات السورية على ترتيب المواد بالحاويات وختمها وتأمينها ليتم نقلها في شاحنات من 23 موقعاً كيميائياً إلى المرفأ، لافتة إلى أن المنظمة ستشرف على الرحلة البحرية، مفترضة أنه سيتم تأمين وجهة معينة لتقصدها هذه الأسلحة.
وأشارت إلى أنه بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أيلول/سبتمبر الماضي، ستعمل روسيا والولايات المتحدة بشكل وثيق مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والمسؤولين السوريين للتوصل إلى خطة بغية "تأمين سلامة مراقبة الأسلحة وتدميرها"، غير أنها لفتت إلى ان الاتفاق أكد على "المسؤولية الأولية للحكومة السورية في هذا الصدد."
وأضافت أن هذا المجهود تدعمه فكرة أن السلائف الكيميائية تكون من دون فائدة كأسلحة قبل أن يتم مزجها"، غير أن مسؤولاً أميركياً قال إن "التحدي الأكبر الذي نواجهه في الوقت الحالي هو أمن الموكب من مواقعها إلى المرفأ".
وتقول الصحيفة إن تقييم المخاطر لنقل الأسلحة ليس باليسير خاصة أن قادة القاعدة البارزين في الباكستان والعناصر المرتبطة بهم في سورية لم يخفوا رغبتهم في الحصول على جزء من هذه الترسانة. ولكن مسؤولا أمنياً سابقاً قال إن التهديد الناجم عن هذه الجماعات ليس بالكبير حسب التقارير الإستخباراتية لأنها غير مدربة او ليس لديها القدرات على التعامل مع كميات سامة ذات حجم كبير. وقال مسؤول بارز في وزارة الدفاع إنه "من الواضح أن المواد الكيماوية قد تكون هدفاً لأي جماعة من جماعات المعارضة". من جهته، أكد مسؤول سابق في البيت الأبيض أن الأعتماد على القوات السورية لتوفير الحماية ليس حلاً؛ لكن الحكومة السورية أظهرت قوة فاجأت الجميع في نقل وتحريك المواد الكيماوية من مكان لآخر في داخل سورية وذلك لمنع وقوعها في أيدي المعارضة. كما اعتبر أن روسيا لديها حافز، كونها حليفة الأسد، في المساعدة بضمان التخلص من الأسلحة الكيميائية بشكل سليم.
وأشارت الصحيفة إلى أن العراق وافغانستان منحت الجماعات المسلحة خبرة طوال عقد من الزمن في زيادة الهجمات على المواكب، باستخدام العبوات الناسفة والأسلحة الخفيفة وقذائف الهاون، غير أن مسؤولين أميركيين اعتبروا أن مهاجمة موكب لقتل او إصابة ركابه ليس معقداً مثل مهاجمة موكب لمصادرة حمولته من دون إلحاق الضرر به. وقال أحد المسؤولين العسكريين الأميركيين إن "القاعدة معروفة أكثر بقوتها العنيفة، لا بحذاقتها"، منوها إلى أن الاستيلاء على الأسلحة الكيميائية سيتطلب بكل تأكيد حذقاً".