لايمكن لك أن تعزل نفسك عما يدور حواليك من أحداث ومواقف لأنك ببساطة جزء من المجتمع وليس من الضروري أن تكون المعني بها مباشرة لكن بالتـأكيد تخص المحيط العام الذي تشغل فيه حيزا. حكومات ووزراء يحلون ويرحلون وتجدهم يطرحون افكارا ورؤى خلاقة وخططا مذهلة وبعد فترة تتلاشى كل تلك الحسنات الجميلة وتذروها الرياح وكأن شيئا لم يكن.
هذا السيناريو يتكرر مع المرشحين الذين يقدمون أنفسهم على أنهم صوت الشعب وحماة حقوقه ودرعه الحصين حتى يضمنوا أصوات الناس - إن كانت دولا فيها انتخاب- أو يجذبوا الانتباه ويكونون تحت دائرة الضوء لينالوا بركة التعيين من الحاكم إن كانت دولا عكس الأخرى في صدر السطر السابق.
البعض يشطح خارج الميدان ويتبنى بطولات وهمية فيعطي نفسة حجما أكبر منها ويدعي أنه مؤثر على فضاء جغرافي أوسع من نطاقة الأقليمي،الأدهى والأمر أن ذلك المغرور أو المغرر به يتوهم أنه يخاطب جهلة أو سذجا يصدقون ما تلفظ به ويصفقون له على تفضله بمشاركته لهم بتسريب تلك المعجزات الخارقة التي عجزت عنها كيانات عريقة وحارت فيها عقول ورثت الأمجاد الحقيقية لمواقف أسلافهم ليست «بالحكي» ,وإنما يشهد عليها التاريخ.
متى يفهم أصحاب « الطبقة الفوقية المخملية» أن الشعوب أصبحت تعرف ما يدور حولها فتأتيها المعلومات غثها وسمينها دون عناء يذكر وما كان سرا مستعصيا في أيام خلت هو الآن مباح حاضر على الشاشة العنكبوتية. انتهت اسطورة السمع والطاعة والقبول بالأمر الواقع السامي من الباب العالي الحاكم الملهم والدليل ما تشهده بعض الدول مما سمي بالربيع العربي الذي عصف بالبعض وزلزل فرائص البعض الآخر بذبذبات فاقت مقياس ريختر.
لقد تأكد وبالثلث صدق مقولة ليس «معظم» مايقال يصدق وخصوصا نحن العرب ولم لا فنحن اسياد الخطابة وجهابذة الخطب الرنانة ومعظمها للعرض الاعلامي وفرد العضلات. يظهر علينا أحدهم وكأنه عنتر زمانه نحن فعلنا كذا وكذا ويستمر في سرد معاركه « الدونكيشوتية» حتى يصل إلى مرحلة ينكشف زيفه فتبدوعليه علامات الإضطراب -وإن أخفاها- فتزيد الطين بلة فهو لجهله وتصديقه للدور الذي البس له وهو- في الغالب- ليس اهلا له لايعرف أن لغة الجسد لا تكذب ولاتحتاج لخبير يعلم أن وراء الأكمة ما وراءها وان أخا شيبوب هذا الزمان يهرف بمالايعرف.
الأمم تقول للحكام الظلمة الجائرين كفاكم ضحكا علينا فلن نصدقكم أبدا وكفاكم تسليط «اتباع» السلطان لينوبوا عنكم في تمرير «اموركم اياها» فنحن في القرن الواحد والعشرين وأنتم لاتزالون تحكمون بعقلية القرن الثاني عشر. هناك فرق كبير بين الحقبتين: 21 و12 حتى لو تشابها في الأرقام فالفرق بين الآحاد والعشرات رياضيا وبون شاسع بينهما في تطور البشرية وانحسار عصور التبعية والانقياد وقيام الانتفاضات والثورات ضد الاستعمار والاستغلال الخارجي ومؤخرا المحلي والكيس من عقل وفطن وتعلم من دروس الآخرين.