طفى إلى السطح من جديد فصل آخر من فصول التوتر في العلاقات
المغربية الجزائرية، الذي لا يكاد ينتهي إلا ليبدأ من جديد.
وهكذا أقدمت الرباط على استدعاء سفيرها من الجزائر قبل أربعة لـ"التشاور" بسبب ما اعتبرته في بيان لوزارة خارجيتها "أساليب استفزازية وأعمالاً عدائية لا تتوقف" من طرف الجزائر الرسمية، وهو ما تأسفت له الجزائر في بيان مماثل، مقررة عدم الرد بالمثل ومعتبرة أن القرار المغربي يستند لحجج "مضللة" ويمس سيادتها.
توتر العلاقات المغربية الجزائرية الذي قد يفضي لأزمة دبلوماسية حسب محللين، يؤكده ما أسرته مصادر لـ"عربي 21" من حالة استنفار تمت لعناصر الدرك والجيش من طرف الدولتين على مستوى الحدود المغربية الجزائرية الخميس، وما تم من تمشيط للشريط الحدوي بمروحيات عسكرية.
ويرجع سبب الفصل الجديد من التوتر بين الجارين للرسالة الأخيرة التي وجهها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لاجتماع بأبوجا النيجرية، يطالب فيها بتوسيع مهمة بعثة "المينورسو" إلى
الصحراء الغربية لتشمل مراقبة أوضاع حقوق الإنسان، وهو ما اعتبرته الرباط في بيانها "خطوة تكتسي الطابع العدائي للمغرب، وتعكس الرغبة في التصعيد وتؤكد مساعي عرقلة إيجاد حل للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية وإبقائه في وضعية جمود".
عن هذه التطورات، قال تاج الدين الحسيني أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، في تصريح لـ"عربي 21"، إن خطاب الرئيس الجزائري يحمل "تصعيداً فريداً من نوعه" حيث أنه يتبنى مسألة تمكين بعثة "المينورسو" من مراقبة حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية. ورأى الحسيني أن هذا التصعيد تزامن أيضاً مع رسالة وجهها بوتفليقة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أصر فيها على مبدأ حق تقرير المصير للصحراء الغربية وعلى دعوته بخصوص وضعية حقوق الإنسان في الصحراء المغربية.
من جهته قال عبد الفتاح بلعمشي، رئيس مركز الدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات في تصريح لـ"عربي 21" إن استدعاء السفير المغربي من العاصمة الجزائرية للتشاور خطوة منطقية من قبل الحكومة المغربية بل ومتأخرة.
وتابع: "لا يعقل أن ينسحب المغرب من "الاتحاد الإفريقي" حالياً ويقطع العلاقات الدبلوماسية مع فينزويلا مثلاً بسبب اعتبار المغرب مسألة الاعتراف بالبوليساريو خطاً أحمر في علاقاته الدبلوماسية، ولا يتم ذالك مع الجزائر التي تحتضن هذه الحركة وتحميها وتمولها وتوظف كل الإمكانيات المادية والدبلوماسية والإعلامية لخدمتها" حسب قوله.
في المقابل، قال فيصل ميطاوي، المحلل والإعلامي بجريدة الوطن الجزائرية: "ليس هناك رد فعل رسمي من قبل الجزائر" حتى الآن، لافتاً إلى أن "الدبلوماسية الجزائرية معروفة بتعاملها بالمثل". وأضاف الصحفي الجزائري لمحطة "فرانس 24": "إن توتر العلاقات بين البلدين قد يكون مرتبط بالأوضاع الداخلية في كل من المغرب والجزائر بهدف صرف نظر شعبي البلدين عن المشاكل الحقيقية سواء كانت سياسية أو اقتصادية واجتماعية".
وكانت المملكة المغربية قد رفضت في نيسان/ أبريل الماضي اقتراحاً أمريكياً يقضي بتوسيع مهام "المينورسو" في الصحراء ليشمل مراقبة حقوق الإنسان، وأقر المجلس في النهاية الإبقاء على نفس مهام البعثة بالمنطقة، والمتمثلة في مراقبة مدى احترام اتفاقية وقف إطلاق النار في الصحراء الغربية الموقعة سنة 1991 بين المغرب وجبهة "البوليساريو" المدعومة من طرف الجزائر.
يذكر أن الجمود اعترى العلاقات المغربية الجزائرية منذ إغلاق الحدود بين البلدين وبمبادرة جزائرية عام 1994 بعد أن فرض المغرب التأشيرة على دخول المواطنين الجزائريين على خلفية اتهام السلطات المغربية للمخابرات الجزائرية بالوقوف وراء تفجير فندق سياحي بمدينة مراكش المغربية في العام ذاته، وهو ما نفته الجزائر.