قال مسؤولون أمريكيون معنيون بملف
المساعدات الأمريكية لمصر، الثلاثاء، إن تجميد بعض المساعدات العسكرية والمالية المقدمة إلى
مصر، يهدف للتأكد من تحقيق انتقال ديمقراطي إلى حكومة مدنية تشمل الجميع، فيما أبدى أعضاء بمجلس النواب الأمريكي مخاوفهم إزاء تعليق بعض المساعدات الأمريكية لمصر واحتمال تأثيرها على العلاقات بين القاهرة وواشنطن.
جاء ذلك، خلال جلسة استماع عقدتها لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي برئاسة عضو المجلس "إد رويس"، مساء أمس الثلاثاء، لمناقشة السياسة الخارجية الأمريكية تجاه مصر في المستقبل، وتداعيات تعليق جزء من المساعدات العسكرية لها.
وقالت مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، "إليزابيث جونز" خلال الجلسة التي بثتها وسائل إعلام مصرية وأمريكية على الهواء، "إن الولايات المتحدة ستواصل مساعداتها العسكرية التي تتعلق بأمن إسرائيل ومكافحة الإرهاب".
وأضافت "جونز" أن العلاقات مع مصر "تعني الكثير للولايات المتحدة وأن تحقيق انتقال سياسي ديمقراطي في ذلك البلد يدخل في إطار مصالح الولايات المتحدة في المنطقة".
بدوره، قال مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي، ديريك شوليت خلال الجلسة إن "تعليق بعض المساعدات العسكرية لمصر لم يؤثر بشكل أو بآخر على التعاون العسكري الوثيق مع الجيش المصري خاصة فيما يتعلق بقضايا الحدود واتفاقية السلام مع إسرائيل"، مشيرا إلى "جهود الجيش المصري في تطبيق الاتفاقية الأمنية المتعلقة بتدمير الأنفاق التي يتم تهريب الأسلحة عبرها إلى قطاع غزة".
وأوضح "شوليت" أنه تحدث مع القيادة العسكرية خلال زيارته مصر، مؤخرا حول أهمية العمل على تحقيق انتقال سياسي سريع لحكومة مدنية كي تعود المساعدات الأمريكية إلى سابق عهدها دون تعليق.
وطرح الرئيس المصري المؤقت، في يوليو/ تموز الماضي، "خارطة طريق" تقضي بتعديل دستور عام 2012 (وهو ما يتم العمل عليه حاليا)، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، في فترة قدرها مراقبون بـ 9 أشهر.
وفيما أبدى مشرعون أمريكيون في مجلس النواب، مخاوفهم ازاء تعليق بعض المساعدات الأمريكية لمصر واحتمال تأثيرها على العلاقات المصرية الأمريكية، قالت نائبة مساعد المسؤول عن وكالة التنمية الدولية الأمريكية "يو إس إيد" لشؤون الشرق الأوسط، إلينا رومانويسكي إن "الرئيس باراك أوباما أكد أنه لا يمكن الاستمرار في تقديم نفس البرامج التي كانت تقدمها وكالة التنمية الدولية في السابق، في ظل القيود التي تفرض على المجتمع المدني" في مصر.
وأعرب النائب الجمهوري "دانا روهرابشير" عن رفضه وعدم تفهمه لقرار وقف المساعدات الأمريكية لمصر، وأضاف "الولايات المتحدة الأمريكية لن تكون آمنة، طالما ظلت مصر غير آمنة جراء الإرهاب الأصولي"، وتساءل "كيف نترك الجنرال (وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح
السيسي أعزلاً دون سلاح في المعركة لهزيمة هذا العدو المشترك؟ كيف لا نمده بالطائرات الهليكوبتر، والأسلحة والصواريخ؟".
وردت جونز، مبدية تفهمها لذلك، مستدركة بالقول "العنف الذي قامت به السلطات المصرية في أغسطس/ آب الماضي، (إشارة إلي عمليات لفض الأمن بالقوة اعتصامات مؤيدي
مرسي في ميداني النهضة ورابعة العدوية بالقاهرة والتي خلفت مئات القتلى بحسب أرقام رسمية)، أرغمنا على جعل مساعداتنا مركزة على النقاط والمصالح الأمريكية فقط في سيناء، وتأمين الحدود المصرية-الإسرائيلية، ووقف عبور الأسلحة لغزة المهددة لإسرائيل، وهي تخدم المصالح المصرية أيضاً".
وتطرقت الجلسة إلي أوضاع الأقليات في مصر، والأقباط على وجه الخصوص.
ورد المشاركون من وزارة الخارجية على ذلك بأنهم "يتابعون ظروف الأقليات ويضغطون" على الحكومة المصرية في هذا الصدد.
من جانبه، قال السناتور الديمقراطي "إليوت إنجل" "إن الوضع في مصر في غاية الخطورة، إذ قٌتل خلال الشهور الثالثة الماضية أكثر من ألف مواطن، ويعاني الاقتصاد من حالة عدم استقرار".
وأضاف انجل أنه "رغم كون جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي لها الرئيس المنتخب محمد مرسي، هي أكبر تنظيم اجتماعي في مصر، ورغم كون مرسي منتخباً حاز على نسبة 52% من اجمالي الأصوات (في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2012)، إلا أن عهده القصير الذي لم يستمر أكثر من عام، شهد العديد من التضييقات ضد النشطاء، وأصدر إعلاناً دستورياً سلطوياً، فيما اقتراب الاقتصاد المصري من الانهيار".
ورداً على ذلك، قال عضو المجلس السناتور الديمقراطي "براد شيرمان" "إننا لم ننتقد مرسي خلال فترة حكمه، لكننا انتقدناه بعد خروجه، فكيف تفسر وزارة الخارجية ذلك؟"
غير أن "إليزابيث جونز"، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ردت قائلة : "الإطاحة بمرسي كان رأي المصريين في الشوارع، وموقفنا كان الاستمرار في العمل مع الحكومة المؤقتة الجديدة، طالما ألتزمت بالعمل على خارطة الطريق لتسليم السلطة للمؤسسات المنتخبة".
وفي الثالث من يوليو/تموز الماضي، أطاح الجيش، بمشاركة قوى دينية وسياسية، بالرئيس السابق محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب منذ إعلان الجمهورية في مصر، بدعوى فشله في إدارة شؤون البلاد عقب مظاهرات حاشدة بدأت في 30 يونيو/حزيران الماضي دعت لإنهاء حكمه، ومظاهرات أخرى لمؤيديه، داعمة له.
ويرى مؤيدو مرسي أن الإطاحة به "
انقلاب عسكري"، بينما يرى معارضوه أنها "ثورة شعبية".
وقررت الولايات المتحدة، خلال الشهر الجاري، تعليق تسليم دبابات وطائرات مقاتلة ومروحيات وصواريخ، ومساعدة نقدية بنحو 260 مليون دولار، إلى الحكومة المصرية المدعومة من الجيش "انتظارا للتقدم بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان".
وتمد الولايات المتحدة مصر منذ توقعيها اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979، بمساعدات تبلغ قيمتها نحو 1.55 مليار دولار سنويا منها 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية.