تتزايد في
الآونة الأخيرة القراءات الإسرائيلية المطولة عن تأثيرات
الحرب الطويلة والصعبة
الجارية في
غزة، على المجتمع الإسرائيلي لسنوات عديدة قادمة، وهي عواقب ستكون
عميقة وخطيرة، لاسيما زيادة معدلات
العنف الأسري، وتفكك العائلات
وانهيارها، وسط عجز مطبق من الحكومة ومؤسساتها.
وذكرت رئيس
منظمة "نعمات" المجتمعية، حاغيت بار، أنه "تم الاحتفال قبل أيام
باليوم العالمي لمناهضة العنف المنزلي، في ظل واحدة من أصعب السنوات التي عرفتها
دولة الاحتلال، وما زالت أحداث الحرب الجارية صعبة الفهم والاستيعاب، وفي مقدمتها
مقتل جموع من الإسرائيليين في هجوم حماس في السابع من أكتوبر، واستمرار احتجاز 101
أسير ما زالوا يموتون في أنفاقها، ومواصلة الجنود دفع أرواحهم، وكذلك عائلاتهم،
التي بقيت تدفع ثمنا باهظا، وما زال عشرات آلاف الإسرائيليين مشردين من منازلهم في
الشمال والجنوب".
وأضافت في مقال
نشرته
القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "إحياء اليوم العالمي
لمناهضة العنف المنزلي يتزامن مع تشكيك ملايين الإسرائيليين، أي كلنا، في ما إذا
كنا وصلنا بالفعل لمرحلة ما بعد الصدمة، أم إننا ما زلنا غارقين في الصدمة نفسها، ما
يعني أنه سيكون لهذا الحرب الطويلة والصعبة في تاريخنا عواقب عميقة كثيرة على
المجتمع الإسرائيلي لسنوات عديدة قادمة، ومن المتوقع أن تترك بصماتها على بنية
العائلة الإسرائيلية، وظاهرة العنف الأسري في صفوفها".
وأشارت إلى أنه
"من خلال تجربتنا، فإن أحداث الأزمات الدراماتيكية تكون مصحوبة دائمًا بزيادة
كبيرة في معدل ضحايا العنف المنزلي في السنوات التالية، حيث تعيش إسرائيل حاليًا
في حالة حرب في داخلها، ليس فقط بالمعنى الوطني، بل بالمعنى الأكثر خصوصية، لأن ما
يحدث اليوم لدى مئات الآلاف من العائلات في إسرائيل هو حرب، حرب للحفاظ على الأداء
والعقل ونسيج العلاقات داخل الأسرة، وحرب لمنع تفككها".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضحت أن
"الأسرة الاسرائيلية التي يخدم فيها أحد أبنائها في الجيش وقوات الأمن في هذا
الوقت تعاني من اضطراب شديد، وأن الأسرة التي يكون فيها الأب والزوج في جيش
الاحتياط مطلوب لمدة أكثر من 200 يوم، مضطرة للتأقلم القسري للتصرف جسديًا
وماليًا وعقليًا، ومن الطبيعي أن تكون الأسرة التي تم إجلاؤها من منزلها في الجنوب
أو الشمال، وتعيش في سكن مؤقت، أو في غرفة فندق مزدحمة، معزولة عن أي روتين اعتادت
عليه، معزولة عن مجتمعها، ومكان عملها، وأطرها التربوية والاجتماعية".
وأكدت أن
"هذه العوائل الإسرائيلية، لا تزال في حالة من عدم اليقين التام في ما يتعلق
بالمستقبل، تعاني من الصدمة التي تعطي إشاراتها في العلاقات الأسرية، وهذا قبل أن
نذكر جميع ضحايا ما بعد الصدمة الذين مروا بتجارب صعبة في ساحة المعركة، والآن
يعودون لمنازلهم، بعضهم لم يتم تشخيصهم، وبعضهم الآخر لم يتم علاجهم، بمن فيهم
الناجون من مستوطنات غلاف غزة، وآلاف العائلات الثكلى والمختطفون".
وأضافت أن
"جميع الإسرائيليين الذين يعيشون أطول حرب في تاريخهم، في حزن وحداد على
الكارثة الرهيبة التي حلت بهم، يعيشون في قلق دائم وعدم يقين متى سينتهي كل هذا،
وكيف، ومتى سيعود المختطفون، ومتى ستبدأ الدولة بإعادة تأهيلهم، وكيف".
وأشارت إلى أنه
"طالما أن العنف المنزلي ليس ظاهرة معزولة، بل ظاهرة اجتماعية تتأثر بالجو
الاجتماعي والظروف البيئية، فقد شهدت لجنة تعزيز مكانة المرأة في الكنيست، تقديم
تقارير مفزعة عن قفزة مضاعفة في عدد الإحالات لخدمات الرعاية الاجتماعية والشرطة
والجهاز القضائي في ما يتعلق بالعنف الأسري في إسرائيل، فقط خلال الأشهر الستة
الأولى من الحرب".
اظهار أخبار متعلقة
بلغة الأرقام،
تتحدث الكاتبة عن أنه "في العنف بين الزوجين، تم الإبلاغ عن 3400 شكوى مقابل
2036 استفسارا في الفترة المقابلة من 2023، وحدثت زيادة في حالات العنف ضد
القاصرين، ويمكن الافتراض أن عددًا كبيرًا من النساء لا يتقدمن بشكاوى على الإطلاق،
ومن خلال تحليل الإحالات التي تصل إلينا في الجمعية، تظهر صورة خطيرة لقلق النساء
اللاتي يعانين من علاقات عنيفة أو سامة، لأن شركاءهن يحملون أسلحة، ما يدفعهن
لتقديم طلبات للحصول على رخصة حمل سلاح، مع العلم أن السياسة الجديدة للوزير
إيتمار بن غفير لتسهيل منح تراخيص السلاح لم تزد من الشعور بالأمان لدى النساء
الإسرائيليات من ضحايا العنف".
وأكدت أن
"الحكومة الإسرائيلية غافلة عن ما يحصل للتركيبة الاجتماعية في العائلات
الاسرائيلية التي تنهار وتتفكك، ولا يوجد لديها رد مناسب، صحيح أننا خبرنا سابقا
التكاليف الباهظة للحروب، وأضرارها على القوة الوطنية والاجتماعية والعائلية، لكن
الثمن الذي تدفعه الفتيات وأزواجهن وأطفالهن بسبب صدمات الحرب الحالية، وسوف يستمر
على مدار عقود، هو ثمن باهظ، طوال الأجيال الضائعة القادمة".