نشر موقع "
بلومبيرغ" تقريرًا يسلط الضوء على الضغوط المالية المتزايدة التي تعاني منها شركة
أرامكو السعودية بسبب انخفاض أسعار
النفط وقيود الإنتاج؛ حيث تدفع الشركة أرباحًا تتجاوز تدفقاتها النقدية، مما يدفعها للاقتراض لتغطية توزيع الأرباح.
وقال الموقع في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن شركة أرامكو السعودية، التي تعد أكبر شركة نفط في العالم وتقدر قيمتها السوقية بأكثر من 1.5 تريليون دولار، لم تعد قادرة على تحمل أعباء توزيع الأرباح مع انخفاض أسعار النفط إلى 75 دولارًا للبرميل وتقييد الإنتاج بسبب سياسات أوبك بلس.
تخفيض متوقع في توزيع الأرباح
منذ بداية السنة، دفعت أرامكو أرباحًا بقيمة 93.2 مليار دولار أمريكي تم تمويلها عن طريق الاستدانة؛ حيث بلغت تدفقاتها النقدية الحرة 63.7 مليار دولار فقط خلال هذه الفترة، أي أن أرامكو أنفقت أكثر من 100 مليون دولار يوميًا لتمويل توزيع الأرباح على المساهمين، وهذا أمر لا يمكن لميزانية الشركة أن تتحمله إلى أمد طويل.
وأكد الموقع أن التخفيض المحتمل في أرباح المساهمين سيؤثر على الحكومة السعودية التي تسيطر على نحو 97 بالمئة من أسهم الشركة، وتعتمد عليها لتمويل نفقاتها، وهو مؤثر أيضا بالنسبة للقِلّة من المستثمرين الأجانب الذين اجتذبهم السعوديون إلى أرامكو بوعودهم بدفع مبالغ سخية.
اظهار أخبار متعلقة
وحسب الموقع، قد يكون الخفض طبيعيًا من بعض النواحي؛ حيث تدفع أرامكو حصتين من الأرباح: حصة أساسية تزيد قيمتها قليلاً عن 20 مليار دولار كل ربع سنة، بالإضافة إلى ما يسمى بالدفعة "المرتبطة بالأداء" التي تبلغ قيمتها 11 مليار دولار.
عندما أعلنت الشركة عن تقديم مدفوعات الأداء في منتصف 2023، بعد أن أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل، وجهت الشركة المستثمرين إلى توقع استلام مدفوعات الأداء لمدة ستة أرباع، وإذا التزمت أرامكو بخطتها، سيتم الإعلان عن الدفعة السادسة في الربع الرابع الحالي.
وأشار الموقع إلى أن الحكومة السعودية استخدمت الأرباح الضخمة لجذب المزيد من المستثمرين على أمل أن تتمكن من بيع حصص صغيرة من الشركة كل بضع سنوات، وبعد الاكتتاب العام الأولي في أواخر سنة 2019، أتبعت الرياض ذلك باكتتاب عام ثانوي في حزيران/ يونيو الماضي.
وقد عزز توزيع الأرباح الإضافية من جاذبية أرامكو، ويتم حاليا تداول أسهم الشركة بعائد توزيع أرباح كبير يصل إلى 7 بالمئة، ولكن حتى مع هذا السخاء لم يبتلع الطعم سوى عدد قليل من المستثمرين -حسب الموقع-؛ حيث كان أداء أسهم أرامكو هذه السنة أقل من أداء جميع منافسيها من شركات النفط الكبرى.
وإذا اضطرت أرامكو إلى تخفيض إجمالي أرباحها الموزعة على المساهمين بشكل كبير في 2025، فإن ضعف الأداء سيزداد سوءًا، وبالنظر إلى أرباحها الفصلية الأخيرة لا يبدو أنها ستتمكن من تمديد توزيع أرباح الأداء.
وقالت أرامكو عند تقديم المدفوعات الإضافية إنها تعتزم إعادة 50 إلى 70 بالمئة من التدفق النقدي الحر السنوي إلى المساهمين، ولكن هذا الدخل يغطي بالكاد توزيع الأرباح الأساسية، فخلال الربع الثالث أعلنت أرامكو عن تدفقات نقدية حرة بلغت حوالي 22 مليار دولار أمريكي وتوزيع أرباح أساسية بقيمة 20.3 مليار دولار أمريكي.
ومع انخفاض أسعار النفط واتفاق أوبك بلس الذي يمنع أرامكو من زيادة الإنتاج، من المرجح أن تنخفض الأرباح أكثر في الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة الحالية، وقد لا تتمكن من تغطية تكاليف توزيع الأرباح الأساسية بين تشرين الأول/ أكتوبر وكانون الأول/ ديسمبر.
اظهار أخبار متعلقة
ميزة أرامكو
وأشار الموقع إلى أنه في أسوأ السيناريوهات، لن تُعلن الشركة عن توزيع أي أرباح مرتبطة بالأداء على الإطلاق اعتبارًا من بداية السنة القادمة، مما سيؤدي إلى خفض توزيع أرباحها الفصلية إلى حوالي 21 مليار دولار في 2025، بانخفاض يقارب الثلث عن إجمالي مدفوعات هذه السنة.
وقد تتحسن الأمور أكثر بالنسبة لأرامكو إذا تعافت أسعار النفط، كما أنها قد تقترض المزيد من الأموال للحفاظ على مدفوعات أعلى مما تسمح به أرباحها.
واعتبر الموقع أن ميزة عملاق النفط السعودي تتمثل في قدرته على تحمل هذا النوع من الجهد المالي لفترة من الوقت، حيث تعد الشركة بلا ديون تقريبًا بالمقارنة مع نظيراتها، فقد بلغت نسبة مديونيتها 1.9% فقط في نهاية الربع الثالث، أي أقل بكثير من نسبة 10 إلى 20 بالمئة المعتادة في شركات النفط الكبرى.
وتهدف أرامكو إلى نسبة مديونية تتراوح بين 5 إلى 15 بالمائة، لذا يمكنها إضافة 50 مليار دولار أخرى من صافي الدين دون الإخلال بأهدافها. لكن استدانة مبالغ ضخمة لتمويل مدفوعات توزيع الأرباح سيؤدي -وفقا للموقع- إلى إثارة المستثمرين الأجانب الذين يشعرون بالفتور أساسًا تجاه التوجهات المالية للشركة.
واختتم الموقع بأن الحل الحكيم هو إعادة ضبط سقف التوقعات؛ حيث سيختفي توزيع أرباح الأداء في نهاية هذه السنة، ويمكن لأرامكو أن تقدم ضمانات بأن أرباحها الأساسية لسنة 2025 ستكون آمنة، حتى لو احتاجت إلى اقتراض المزيد من الأموال لبضعة أشهر لتعويض انخفاض أسعار النفط، كما يمكن للميزانية العمومية أن تتحمل مثل هذه الخطوة.