ما زال الإسرائيليون يرصدون أهم التغييرات التي أحاطت بهم طوال عام كامل انقضى منذ الهجوم المدوي يوم السابع من أكتوبر، وهي بجانب المجالات العسكرية والأمنية، فإنها ترتبط بالتغيرات الاجتماعية والسياسية الداخلية، حتى أنهم باتوا يتوقون إلى قيادة موحدة، ويعتقدون أنهم يستحقون قيادة تقدرهم الآن أكثر من أي وقت مضى، وإلا فإن البطش الذي مارسه جيش
الاحتلال لمحاولة استعادة ردعه المفقود سيكون مسألة مؤقتة فقط.
يوفال باغنو الكاتب في صحيفة "
معاريف" العبرية، أكد أن "عاما مر منذ وقوع أفظع مأساة عرفتها دولة الاحتلال، وما زال من السابق لأوانه دراسة آثارها البعيدة المدى على المجتمع الإسرائيلي، لكن ما يمكن قوله بكل ثقة أن السابع من أكتوبر لم يعزز العلاقة بين الإسرائيليين وحكومتهم، ورغم انخراط آلاف الجنود في جيش الاحتياط، فلا زال الضمان المتبادل بين الإسرائيليين أنفسهم محدودا أكثر، مما يؤكد أن إسرائيل كانت ولا تزال مجتمعا قبليا، ولم تخلق الحرب سوى قبائل جديدة، من المشيعين، والنازحين، والعائلات المخطوفة، والفاسدين، والمجروحين جسديا وروحيا".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21"، أن "العام المنصرم امتلأت صفحات صحفه بقصص آلاف الإسرائيليين الذين احتشدوا في الأشهر الأولى من الحرب ليحلّوا محل الحكومة التي أصيبت بالصدمة، مباشرة بعد الصدمة، صحيح أن المؤسسات التطوعية لضحايا الحرب لا تزال موجودة، ولكن مع مرور الوقت يجد هؤلاء الضحايا أنفسهم وحيدين، فالمجتمعات الناجية من الكيبوتسات النازحة تعيش دون أفق "للنهضة"، الوصف الذي أطلقه رئيس الحكومة على الحرب الجارية".
وأوضح أن "الناجين الإسرائيليين من الصدمة يكافحون من أجل البقاء بمفردهم في مواجهة الدولة التي لا تزال تجعل الأمور صعبة بالنسبة لهم، وقد اعتاد المستوطنون المهجرون من الشمال بالفعل على وضع المشردين، واعتادوا على روتين تحت الصواريخ، وعائلات الاحتياط تعتني ببعضها، وتبقى العائلات الثكلى في حالة حداد، وبعد حرب استمرت أكثر من عام، فلا زال المجتمع المدني الإسرائيلي لا يستطيع أن يتحمل مثل هذا الوضع، وهنا يأتي دور القيادة الإسرائيلية الغائبة".
وأكد أن "القيادة الإسرائيلية الحالية، رغم ما تواجهه الدولة من كوارث متلاحقة، فلا تزال صغيرة وجبانة، وعاجزة عن الطيران، وغير ملهمة، وكأن شيئا لم يحدث هنا، حكومة انتهازية ووقحة تتمسك بالأموال، وتنقل كامل مسؤولية الفشل إلى الجهاز الأمني والعسكري، ولا تشكل لجنة تحقيق رسمية، ومقابلها توجد معارضة إسرائيلية ضعيفة ومتشرذمة، أما رئيس الدولة ذاته فهو يفتقر إلى السلطة".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار إلى أن "العمود الفقري للقيادة الإسرائيلية الحالية لا علاقة له بالضمانة المتبادلة المطلوبة لدى الجمهور الإسرائيلي، وبعد مرور عام على الحرب، فلا تزال هذه الحكومة لا تعرف كيف توجهها نحو الشاطئ الآمن للتعافي المطلوب للتجمعات الاستيطانية المعرّضة للصواريخ، والبديل عن ذلك أن الإسرائيليين لم يستعيدوا ثقتهم بهذه القيادة، التي تخلت عنهم في المقام الأول، وبالتالي فإنها حكومة تديم الظلم الاجتماعي لمواطنيها".
وختم بالقول إنه "بعد عام من الحرب تمزّق جيش الاحتياط إلى أقصى الحدود من حيث عدم المساواة في العبء الذي يتحمله الجمهور الحريدي المتطرف، وهي علامة مشينة، وأول تعبير عن الافتقار للضمانة المتبادلة، مما يجعل الإسرائيليين يفتقرون لقيادة تقدرهم الآن أكثر من أي وقت مضى، مما يضع المزيد من المخاطر المحيطة بالمشروع الصهيوني برمّته".