اختتم مساء أمس الأحد
مؤتمر "العهد
الديمقراطي العربي.. خارطة طريق للديمقراطية العربية" أعماله في العاصمة
البوسنية سراييفو بعد يومين من المداولات، بمشاركة أكثر من مائة شخصية من المفكرين
والسياسيين والناشطين العرب المدافعين عن الديمقراطية.
واعتبر البيان الختامي للمؤتمر الذي نظمه
المجلس العربي وألقته الحائزة على جائزة نوبل للسلام ونائبة رئيس المجلس العربي
توكل كرمان، أن تاريخ الشعوب هو سلسلة متواصلة من الصراعات من أجل بناء مجتمع
إنساني تحكمه القيم وليس الغرائز.
وأكد البيان أن التصدي للاستبداد ينبع من
رفض استهتاره بكرامة الأفراد والشعوب واحتقاره للمؤسسات والقوانين، مشدداً على أن
الديمقراطية ليست فقط نظام حكم، بل عملية تحرير شاملة، وضمان القيم الأساسية،
والمشاركة الشعبية الحقيقية، وتكريس الحقوق السياسية والمدنية للأفراد وتطبيق
مبادئ الشفافية والحكم الرشيد والمساءلة ومكافحة الفساد، والعدالة والمساواة.
وأضاف البيان: "نتبنى بالكامل هدف
إنهاء الصراع الدموي على السلطة، واعتماد الطرق المدنية السلمية أداة للفصل في
الخلافات".
وأكد البيان الختامي للمؤتمر استمرار
النضال من أجل تحقيق ديمقراطية عربية، مشددا على أن الديمقراطية هي السبيل للتحرر
من الاستعمار وتحقيق العدالة الاجتماعية وبناء فضاء التضامن العربي.
ودعا البيان إلى تجاوز الانقسامات
الأيديولوجية وتوحيد الجهود بين مختلف التيارات، تحت مظلة "العهد الديمقراطي
العربي"، بهدف بناء فضاء سياسي تعددي يحقق الأحلام المشتركة ويدفع نحو مستقبل أفضل.
وأعلن البيان رفض الخلط بين الأنظمة الغربية
التي تدعم الصهيونية والاستبداد العربي، والحرص على تحقيق نموذج ديمقراطي ناجز
وفعّال وتوحيد الجهود في مواجهة غرفة العمليات الموحدة التي أفشلت الربيع العربي،
والتي ما زالت تعمل على تأبيد الاستبداد.
وكان الرئيس التونسي الأسبق، رئيس المجلس العربي،
الدكتور منصف المرزوقي، ونائباه توكل كرمان، والدكتور أيمن نور، قد افتتحوا
فعاليات المؤتمر أول أمس السبت في سياق سياسي عالمي وإقليمي مضطرب، حيث يشهد
العالم العربي تراجعًا في الثقة بالديمقراطية، وتزايدًا في الاستبداد والشعبوية،
بالإضافة إلى التداعيات الخطيرة لحرب الإبادة المتواصلة على غزة.
ومثل المؤتمر فرصة للتفكير الجماعي حول
الأزمات الحالية الإقليمية منها والعالمية، والتي عمّقت الأزمة الديمقراطية في
المنطقة وأظهرت بوضوح هشاشة الأنظمة الاستبدادية في مواجهة أزمات شاملة.
وكان المشرفون على مؤتمر "العهد
الديمقراطي العربي" قد حددوا أهدافهم في السعي إلى صياغة ميثاق ديمقراطي عربي: يحدد المبادئ
الأساسية للنظام الديمقراطي العربي، ويُقدم خارطة طريق واضحة لاستعادة وإرساء
الديمقراطية في الوطن العربي ويقدم مواصفات النظام السياسي والاقتصادي الذي يمكّن
الديمقراطية ويحميها. هذا الميثاق سيتناول محاور تتعلق بالحريات العامة، وسيادة
القانون، والمواطنة، والعدالة الاجتماعي.
وعلى مدى يومين ناقش المؤتمر مجموعة من
الأسئلة الجوهرية المتعلقة بواقع ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي، من أبرزها: كيف يمكن إعادة بناء الثقة
في الديمقراطية، خاصة في ظل فقدان الشعوب الثقة في الأنظمة السياسية القائمة،
واعتبار الديمقراطية أداة غربية فاقدة للمصداقية؟ ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه النخب السياسية
والمجتمع المدني في تعزيز الديمقراطية؟ وكيف يمكن لهذه الفئات أن تكون حافزاً
للتغيير الديمقراطي الحقيقي؟ كيف يمكن
حماية الديمقراطية من استغلال آلياتها من قبل القوى المعادية للديمقراطية؟ وما هي
الآليات التي يمكن تبنيها لضمان نزاهة وشفافية الانتخابات وعدم استغلالها من قبل
الأنظمة الاستبدادية؟ كيف يمكن بناء شبكة ديمقراطية عربية تتجاوز الحدود القطرية؟
وما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه الشبكة في بناء اتحاد للشعوب العربية الحرة؟ ما
هي السياسات الاقتصادية والاجتماعية اللازمة لضمان توازن بين الحرية والعدالة
الاجتماعية؟ وكيف يمكن تجاوز الفهم الليبرالي الغربي للديمقراطية الذي يركز على
الحرية دون تحقيق العدالة؟
يشار ألى أن هذا المؤتمر يعتبر الثاني
للمجلس العربي في سراييفو، حيث عقد المؤتمر الأول يومي 7 و8 أكتوبر من العام
الماضي 2023.
و"المجلس العربي"، منظمة غير
حكومية تجمع عدة شخصيات عربية بهدف الدفاع عن ثورات "الربيع العربي"
وترسيخ الثقافة الديمقراطية بالمنطقة وتبادل التجارب والخبرات في إدارة المراحل
الانتقالية.
وتم تأسيس المجلس في 26 يوليو/ تموز 2014،
واتخذ تونس العاصمة مقرا رئيسيا له، مع اتخاذ فروع له في عدة دول.
اقرأ أيضا: مؤتمر دولي بسراييفو يناقش فيه "المجلس العربي" وضع ميثاق ديمقراطي عربيّ شامل