تستعد
الحكومة الفرنسية لتقديم مشروع قانون جديد للهجرة بداية من عام 2025، وذلك بعد أقل
من عام على القانون السابق الذي صدر في يناير 2024، حيث يأتي الاقتراح بعد حالة من
الجدل والانقسام داخل
البرلمان الفرنسي حول السياسات الحالية.
وبحسب تصريحات المتحدثة باسم الحكومة
لمود بريجون، يسعى المشروع إلى تعديل عدة مواد تتعلق بإدارة الهجرة، بما في ذلك تمديد
فترة احتجاز
المهاجرين غير النظاميين وكذلك أمور تتعلق بأوضاع الأجانب العاملين في
قطاعات تفتقر لليد العاملة، بالإضافة إلى تشديد الإجراءات المتعلقة بلمّ شمل
الأسر.
وكان البرلمان الفرنسي قد شهد نقاشات
مكثفة حول هذا الملف، حيث واجه مشروع القانون السابق انقسامات داخل الأغلبية
البرلمانية، خاصة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مرر القانون بمساعدة امتناع
نواب حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف عن التصويت.
اظهار أخبار متعلقة
وقد أثار القانون السابق جدلاً
واسعاً، حيث رأى بعض نواب الأغلبية أن القانون يميل نحو اليمين بصورة مبالغ فيها،
مما أدى إلى رفضه من قبل وزير الصحة السابق أوريليان روسو، الذي قدم استقالته عقب
اعتماد القانون.
ويشمل مشروع القانون الجديد بنودًا
مثيرة للجدل قد تم رفضها سابقًا من قبل المجلس الدستوري الفرنسي، مثل تشديد إجراءات
لمّ شمل الأسر، حيث يهدف القانون إلى الحد من تسوية أوضاع المهاجرين لأسباب عائلية
عبر تعديل مرسوم فالس الصادر عام 2012.
القانون
الجديد يتضمن عدة تعديلات، من أبرزها:
تمديد
فترات الاحتجاز سيتم
تمديد الفترة القصوى لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين "الخطيرين" من 90
يومًا إلى 210 أيام، في مراكز الاحتجاز الإداري. يأتي هذا التعديل استجابة لمطالب
وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الذي أشار إلى أن الاحتجاز لفترات أطول سيتيح
للحكومة مزيدًا من الوقت لاتخاذ الإجراءات اللازمة لترحيل المهاجرين غير الشرعيين.
تسوية
أوضاع المهاجرين العاملين: القانون سيشمل
تسهيل تسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين الذين يعملون في القطاعات التي تعاني من
نقص في اليد العاملة، مثل البناء، المطاعم، والفندقة. هذه الفئة من المهاجرين يتم
استهدافها بشكل خاص نظرًا للاحتياجات الملحة لهذه القطاعات الحيوية للاقتصاد
الفرنسي.
تشديد
قوانين لمّ شمل الأسر: تسعى الحكومة
لتشديد معايير لمّ شمل الأسر الأجنبية، خاصة بعد أن رفض المجلس الدستوري بعض
المواد المتعلقة بهذا الشأن في القانون السابق، مما قد يؤدي إلى تقليص أعداد
الأجانب الذين يحق لهم الاستفادة من هذه التسهيلات.
إعادة
النظر في مرسوم فالس: هذا المرسوم،
الذي صدر في عام 2012 تحت إشراف وزير الداخلية السابق مانويل فالس، يمنح محافظي
الشرطة صلاحية تسوية أوضاع حوالي 30 ألف مهاجر سنويًا، لأسباب عائلية أو إنسانية.
الحكومة الحالية تسعى لتعديل هذا المرسوم للحد من تسوية الأوضاع لأسباب عائلية
فقط، مما قد يؤثر على عدد كبير من المهاجرين الذين يعتمدون على هذا المرسوم لتسوية
أوضاعهم القانونية في
فرنسا.
الدعم
البرلماني: الحكومة
الفرنسية، التي تفتقر إلى أغلبية مطلقة في البرلمان، تواجه تحديات كبيرة في تمرير
القانون الجديد. لتمريره، سيتعين عليها التفاوض مع الأطراف السياسية المختلفة داخل
الجمعية الوطنية، أو اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور، التي تسمح للحكومة بتمرير
القوانين دون الحاجة إلى تصويت البرلمان، وهي خطوة قد تثير جدلًا واسعًا داخل
وخارج الأوساط السياسية.
اظهار أخبار متعلقة
القانون
الجديد يأتي وسط تصاعد النقاشات حول الهجرة في فرنسا وأوروبا بشكل عام، حيث يشكل
هذا الموضوع محورًا مهمًا في السياسة الأوروبية مع تزايد أعداد المهاجرين غير
الشرعيين عبر البحر الأبيض المتوسط.
القمة
الأوروبية
في
سياق أوسع، يُتوقع أن تكون الهجرة محورًا للنقاشات في القمة الأوروبية المرتقبة
يومي 17 و18 تشرين الأول /أكتوبر الجاري في بروكسل. هذه القمة ستركز على تبني
ميثاق اللجوء والهجرة الذي توصل إليه الاتحاد الأوروبي في أيار / مايو 2024، والذي
يتضمن إجراءات لتشديد الضوابط على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وإنشاء آليات
تضامن بين الدول الأعضاء.
وكانت
زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، مارين لوبان، قد طالبت بتشديد القوانين
المتعلقة بالهجرة، بما في ذلك تقليص الحقوق التي يحصل عليها المهاجرون في فرنسا.
لوبان ترى أن القانون الجديد يجب أن يكون صارمًا بما يكفي ليتعامل مع التحديات
الأمنية والاجتماعية التي تواجهها البلاد.