سنة طوفان. المقاومة جاهزة لمساري الحرب والدبلوماسية.
وسنة ثانية طوفان، فإما ترضخ أمريكا واسرائيل لمعادلة الحرب الجديدة واستراتيجيات ما بعد الطوفان او يرفعا الرايات البيضاء:
مدى الطوفان يتسع أفقيا وعاموديا، فمن يملك النجاة ؟!
وقد مر عام على طوفان الأقصى. والعالم كله دخل في طوفان القوة ومعادلات جديدة للتوازنات الإقليمية والدولية.
وفي حرب طوفان الأقصى استدعت أمريكا في دعمها الوافر والمطلق لإسرائيل أحدث الاسلحة وتكنولوجيا الإسناد والدعم اللوجسيتي. وحرب طوفان الأقصى فضحت أدنى معايير الأخلاق الدولية، وفضحت النظام العالمي، والمؤسسات الكلاسيكية: الأمم المتحدة ومجلس الامن ومنظمة العفو الدولية، والجنائية الدولية.
وإسرائيل زرعت قبل قرن في المشرق العربي لتكون ممثلا للغرب الاستعماري في الإقليم. وحاميا لمصالح الغرب ونفوذه، وسدا مانعا لأي مشروع وحدوي وتحرري، ونهضوي عربي.
طوفان الأقصى غمر العالم. وفي أوروبا ودول الغرب نهضت الشعوب واستفاقت من وهم وخداع الإعلام الغربي.. وخرجت مظاهرات واحتجاجات تتضامن مع فلسطين في جامعات وشوارع مدن أوروبية وأمريكية.
وطوفان الأقصى أخرج القضية الفلسطينية من الثلاجة، واعاد صياغة سردية إنسانية وأممية حول مظلومية وحق الشعب الفلسطيني، وحول الأخلاق والقوة في النظام العالمي.
وقد ربحت فلسطين جولات من الصراع مع إسرائيل في المنابر والمحافل الدولية.
وفي عام الحرب صاغت المقاومة مفهوما عربيا وإسلاميا لنصرة فلسطين ومقاومة شعبها للاحتلال والإبادة، وانتصرت الشعوب العربية رغم ما تتعرض إليه من تضييق ومنع حرية التعبير والاحتجاج دعما إلى القضية الفلسطينية وإحياء مشروع المقاومة العربية.
المقاومة كبدت العدو خسائر كبرى، والجبهة اللبنانية اليوم مستعصية أمام دولة
الاحتلال. وفي «رزنامة الاحتلال «تتزاحم العقد المستعصية التي انتجتها المقاومة ومحورها، ورغم الدعم الأمريكي والاوروبي اللامحدود.
وفي سنة ثانية طوفان، ما هي الوصفة الأمريكية والأوروبية لإنقاذ إسرائيل من حصار البحر الاحمر، وتحديات الردع الأمريكي به، والحصار الاقتصادي المفروض على دولة الاحتلال، وعقدة الأسرى وكيف سيتم تجازوها، وعقدة صمود المقاومة على الأرض والميدان وفرض إيقاع عسكري في قطاع
غزة، والفشل في إعادة الأسرى، وتوج ذلك في جبهة لبنان، وكيف دكت صواريخ حزب الله تل ابيب وشمال فلسطين المحتلة وتهجير المستوطنين.
و بعد فتح جبهة لبنان.. ويبدو أن محور المقاومة أربك وعطل المشروع الأمريكي لإعادة هندسة الشرق الأوسط.. واستراتجية الانسحاب وتجميد الشرق الأوسط للتفرغ إلى الجبهتين الروسية والصينية.
وأمريكا تسعى إلى منع هزيمة إسرائيل، وتثبيت حضورها كقوة مطلقة ورادعة في الشرق الأوسط. ودخلت أمريكا طرفا مكشوفا في الحرب، وليس فقط مساندا أو داعما خفيا إلى اسرائيل.
وترمي أمريكا في ثقلها من اجل اضعاف المقاومة في لبنان وتدميرها واجتثاث البنية الاجتماعية والعسكرية.
نجح التحالف الأمريكي/ الإسرائيلي بإضعاف جبهة المقاومة في لبنان، وحفلة الاغتيالات لقادة حزب الله وحسن نصر الله الحقت خسائر فادحة وقوية وموجعة في المقاومة وبنيتها العسكرية والأمنية. وفرضت تغيرا في موازين القوى لصالح اسرائيل.
و الشرق الأوسط يتحول إلى ساحة مفتوحة لصياغة توازنات دولية تحكم العالم.
الضربة الإيرانية لإسرائيل، وأن تأخرت الا انها أعادت التوازن مرة أخرى بين المقاومة ومحورها وإسرائيل.
تنهض المقاومة وتحيا من تحت الرماد والركام، والإبادة الأمريكية والإسرائيلية، وتثبت قدرة على مواصلة إطلاق الصواريخ وصد العدوان الإسرائيلي والهجوم البري في جنوب لبنان.
و الشرق الاوسط وقد دخل سنة ثانية طوفان، فإنه على عتبة أيام وساعات فاصلة وساخنة من عمر طوفان الأقصى. وكيف ستحمي أمريكا إسرائيل من هزيمة عسكرية مدوية، وما تواجه إسرائيل من تداعيات وجودية يصعب تفاديها مع حرب دخلت عامها الثاني.
الدستور الأردنية