صحيح أن الكثير من السنّة يرون في
إيران وإسرائيل وجهين لعملة واحدة، تمثلان تهديدا للمصالح العربية، وربما هم محقون
في مشاعرهم، لكن ما يغفله هؤلاء هو أن المواطن العربي البسيط لا يهتم بتلك
الحسابات السياسية المعقدة، فكل ما يهمه هو الخلاص من الظروف الصعبة التي يعيشها،
بغض النظر عن مصدر
الدعم.
الفلسطيني الذي يُقصف يوميا، لا
يعنيه من أين يأتيه الدعم طالما أن هناك من يقف إلى جانبه، كالظمآن الذي يبحث عن
قطرة ماء. لهذا، فإن أي دعم، حتى لو كان من إيران، يُعتبر مقبولا في ظل الغياب
التام للدعم "السني".
كما أن المواطن العربي الذي يجد نفسه
يعيش تحت وطأة الظلم والاستبداد والفقر، فإن مفهوم زعزعة استقرار الدول لا يبدو له
تهديدا كما هو للحكام وحلفائهم. بل على العكس، ولو أتيحت له فرصة امتلاك مصباح
علاء الدين، فقد تكون أمنيته الأولى زوال من جعله يعيش تحت وطأة تلك الظروف
القاسية.
وبنظرة واحدة على الكُتّاب
والمغردين، نجد أن من حباهم الله بنعيم الأمن والاستقرار ينتقدون إيران بسهولة،
بينما من أضناه تعب القدر وضنك العيش لا يتحدث بالطريقة ذاتها. هؤلاء يرون في أي
دعم، حتى لو كان من إيران، قشة أمل، لأنهم يعيشون واقعا لا يملكون فيه رفاهية
الاختيار.
وحتى يأتي من ينصر إخواننا، سيظل
التعلق بأي دعم إيراني يُنظر إليه كخلاص مؤقت أو إبرة تخدير لألم مستدام، في ظل
غياب البدائل الأخرى، حتى لو قيل إن الصواريخ الإيرانية أشبه بـ"الألعاب
النارية" وبـ"تنسيق" ما بين واشنطن وتل أبيب.
الفلسطينيون لا يحتاجون إلى علب عصير
أو مربى أو بسكويت، ولا حتى إلى ضمادات ومعدات طبية، بقدر ما يحتاجون إلى دعم
استراتيجي ونوعي يعيد لهم قوة
المقاومة التي توقفت منذ أكثر من عقد ونصف.
غياب الدعم للمقاومة "السنية"
لم يترك لهم خيارا سوى اللجوء إلى إيران. وفي ظل هذا الواقع، لم يعد من الغريب أن
يشعر البعض، وخصوصا جموع العرب السنة، بأن الدعاء لانتصار إيران على
إسرائيل هو
الخيار الوحيد المتبقي، في ظل غياب البدائل العربية الحقيقية. ومع ذلك، فإن هذا
الحراك الإيراني لا يعني إنكار تهديداتهم للمنطقة، ولا يُغير نظرتنا تجاههم أو
تجاه ممارساتهم بأي شكل من الأشكال.