صحافة دولية

نسخة "الربيع العربي" الآسيوي.. هل تواجه بنغلادش انقلابا عسكريا هادئا؟

دفع حسينة إلى المنفى لم يكن قرارًا عسكريًا عفويًا بل كان محوريًا لخطة مدروسة- الأناضول
دفع حسينة إلى المنفى لم يكن قرارًا عسكريًا عفويًا بل كان محوريًا لخطة مدروسة- الأناضول
أشادت التقارير الإعلامية بدور الطلاّب في الإطاحة بحكومة رئيسة وزراء بنغلاديش، الشيخة حسينة بالكامل، وبانتفاضة الطلّاب، دون النظر إلى دور الجيش بما في ذلك إرسال "المرأة الحديدية" إلى الهند، أو عودة الجيش كحكم نهائي في السياسة الوطنية في بنغلادش.

وبحسب مقال رأي نشر في "ذا هيل الأمريكية" للكاتب براهما تشيلاني، أكّد أن الواقع، يرقى بتغيير النظام في ثامن أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم إلى انقلاب عسكري هادئ خلف واجهة مدنية.

وقال كاتب المقال، إنّه من خلال تنصيب حكومة مدنية مؤقتة مكوّنة من "مستشارين" فقط، لم يمنع قادة الانقلاب العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة فحسب، بل إنهم ساعدوا أيضًا في تعزيز رواية إعلامية غربية رومانسية عن "ثورة" يقودها الطلاب في البلاد.

وأضاف أن تعيين الحائز على جائزة نوبل محمد يونس "كمستشار رئيسي"، أو رئيس الإدارة المؤقتة، لم يساعد إلا في إخفاء الحكم العسكري، نظراً لعدم تحديد مدة ونطاق صلاحيات الإدارة المؤقتة، فإن مستشاريه يعملون بشكل أساسي بتوجيه من كبار القادة العسكريين، وخاصة قائد الجيش الجنرال واكر الزمان، القوة التي وراء العرش.

اظهار أخبار متعلقة


ويشمل المستشارون طالبين قادا الاحتجاجات، وزعيماً إسلامياً متشدداً وجنرالين متقاعدين في الجيش، أحدهما مكلّف باستعادة القانون والنظام في البلاد.


وتابع براهما تشيلاني، بالقول: "لكي نكون واضحين، فقد ساعدت الاحتجاجات العنيفة التي قادها الطلاب بدعم من الإسلاميين ضد حكم حسينة العلماني الذي دام 15 عاماً ولكن غير الديمقراطي على نحو متزايد في إجبارها على ترك منصبها، ولكن العامل الحاسم الذي أنهى حكمها كان فقدان الدعم من جيش البلاد".

وأردف أن المحتجين تركوا شوارع العاصمة، دكا، حيث أدّى رفض الجيش فرض الإغلاق الذي أمرت به الحكومة، إلى تعريض سلامة حسينة الشخصية للخطر، ما سمح للجيش بإقناعها بالفرار من البلاد.

ما إن غادرت حسينة البالغة من العمر 76 عامًا إلى الهند على متن طائرة نقل عسكرية حتى نهب الغوغاء المقر الرسمي المترامي الأطراف لرئيسة الوزراء، ونهبوا كل شيء، يمكن حمله، من اللوحات والأثاث إلى الأسماك من البركة.

اظهار أخبار متعلقة


يبدو أن دفع حسينة إلى المنفى لم يكن قرارًا عسكريًا عفويًا، بل كان محوريًا لخطة مدروسة جيدًا للاستيلاء غير المباشر للجيش على البلاد. وأشار كاتب المقال إلى أنه يرى أن التكاليف الدولية المترتبة على قتل رئيسة وزراء في السلطة في انقلاب، أو وضعها في السجن دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، مرتفعة للغاية، ما جعل نفيها القسري خيارًا أفضل لكبار القادة العسكريين.


وقال إن دورة العنف السياسي التي استمرّت لعقود من الزمان في بنغلاديش، بدأت بقتل والد حسينة، الزعيم المؤسس للبلاد، الشيخ مجيب الرحمن، قبل الفجر في انقلاب عسكري عام 1975. قُتل الرئيس رحمن على يد ضباط الجيش بدم بارد، مع زوجته وثلاثة أبناء وزوجاتهم، بينما كانوا نائمين في مقر إقامة رحمان. ونجت حسينة، التي كانت تبلغ من العمر 28 عاما آنذاك، لأنها كانت في الخارج في ذلك الوقت.

وما تلا ذلك كان اضطرابات سياسية مطوّلة منعت الديمقراطية من ترسيخ جذورها. وأسفرت الانقلابات والانقلابات المضادة عن فترات طويلة من الحكم العسكري في أكبر دولة من حيث الكثافة السكانية في العالم.

وأشار إلى أنه لا يوجد لدى بنغلاديش أي خصم إقليمي، ومع ذلك فقد احتفظت بجيش كبير نسبيا يضم أكثر من 200 ألف فرد. ولأن الدفاع الخارجي ليس مسؤولية كبرى، فقد سعى الجيش لفترة طويلة إلى استخدام الآلات السياسية. وعندما لا يحكم بشكل مباشر، فإنه يسعى إلى ممارسة السلطة السياسية من خلال حكومات خاضعة بقيادة مدنية.

اظهار أخبار متعلقة


وأضاف أن حسينة قد نجحت في إبقاء الجيش والتشدّد الإسلامي تحت السيطرة، إلى أن استخدم قائد الجيش الانتفاضة التي قادها الطلاب للتخطيط للإطاحة بها من خلال السماح لعنف الغوغاء بالخروج عن سيطرة الشرطة والقوات شبه العسكرية. كانت حسينة قد عينت زمان قائداً للجيش قبل أسابيع قليلة من سقوطها، حيث وجدت العزاء في حقيقة أن الجنرال متزوج من ابن عمها.

وتابع بأنّه بفضل تركيزه على الربح والسلطة، فإن الجيش لديه تاريخ طويل من الانتهاكات، فضلاً عن ارتباطه بالمتطرفين. وكما هي الحال مع الجيش في باكستان، الذي انفصلت عنه بنغلاديش في عام 1971 بعد مقتل ما يصل إلى ثلاثة ملايين بنغالي في إبادة جماعية في باكستان، فإن القوات المسلحة البنغلاديشية تحافظ على مصالح تجارية واسعة النطاق، تمتد من العقارات والفنادق إلى الخدمات المصرفية والتصنيع وبناء السفن.

وأضاف أن بعد الانقلاب الصّامت هذا الشهر، لن تصبح الديمقراطية أكثر صعوبة فحسب، بل إن المجتمع المدني الضعيف بالفعل سوف يتأثر سلبا.
التعليقات (0)