ملفات وتقارير

تفاوض عبر رجال الاستخبارات.. ما هو تاريخ منصب "منسق المخطوفين" لدى الاحتلال؟

منسق "المخطوفين" تعرض لانتقادات بعدما اتخذ مركز الصدارة في مشهد الإفراج عن الأسيرتين رعنان رغم أنه جاء لـ "أسباب إنسانية"- منصة "إكس"
منسق "المخطوفين" تعرض لانتقادات بعدما اتخذ مركز الصدارة في مشهد الإفراج عن الأسيرتين رعنان رغم أنه جاء لـ "أسباب إنسانية"- منصة "إكس"
يتواصل الحديث حول مصير الأسرى والجنود الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مع مواصلة الوسطاء الضغط من أجل إبرام صفقة تبادل واتفاق لوقف إطلاق النار من خلال المفاوضات.

وتستمر المفاوضات الحالية وسط عقد اجتماعات متكررة في قطر ومصر، وبحضور شخصيات تمثل مناصب رفيعة مثل رئيس الموساد، ورئيس الشاباك، ومستشار نتنياهو السياسي، إضافة إلى شخصيات أخرى لها علاقة بـ"الأسرى والمعتقلين والمخطوفين".

ما هو منصب "منسق المخطوفين" الموجود منذ أكثر من 35 عاما؟ ومن هم كبار السياسيين والمحامين الإسرائيليين وشخصيات الموساد والشاباك والمخابرات العسكرية الذين شغلوه طوال السنوات الماضية؟

ويتم اختيار هذه الشخصيات بسبب "قدراتهم التفاوضية ومهاراتهم في صياغة العقود وخلفيتهم الاستخباراتية وعلاقاتهم مع القادة الدوليين وأجهزة الاستخبارات الأجنبية"، بحسب تقرير سابق لصحيفة "معاريف".

اظهار أخبار متعلقة


وبغض النظر عن مدى موهبته، فإن قدرة "منسق المخطوفين" على إبرام صفقة محدودة، رغم أن جميع "أدوات الدولة" تحت تصرفه دون حدود تقريبا من معلومات استخباراتية سرية، والوصول إلى وسطاء دوليين وميزانية كبيرة نسبيا، تسمح له ولفريقه بالطيران إلى أقاصي الأرض. 

المنسق الحالي
غال هيرش، أصبح القائد العسكري الإسرائيلي في قوة الاحتياط، مسؤولا عن قضية الأسرى الإسرائيليين، الذين أسرتهم حركة حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023،  بتعيين من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.

هيرش من مواليد عام 1964، وهو قائد عسكري في الاحتياط لكن تم استدعاؤه بعد إعلان "إسرائيل" أنها في حالة حرب، وهو كاتب ورجل أعمال وخبير في القيادة والاستراتيجية وزميل في معهد سياسات "مكافحة الإرهاب" في جامعة رايخمان، ومحاضر لدرجتي البكالوريوس والماجستير في مجالات القيادة في "إسرائيل".

وخدم هيرش في جيش الاحتلال في مناصب قيادية عدة لمدة ثلاثة عقود، وكان قائدا لوحدة "شيلداغ" الخاصة التابعة للقوات الجوية، كما أنه كان قائدًا لوحدات المظليين، ومن ثم تولى هيرش قيادة الفرقة 91 من خلال حرب لبنان عام 2006.

وكشف موقع "تايمز أوف إسرائيل" إنه في عام 2015، تم ترشيحه من قبل وزير الشرطة آنذاك غلعاد إردان، للعمل كقائد للشرطة، لكن تم رفض ترشيحه بسبب شبهات تتعلق بمعاملات تجارية غير مشروعة.

وفي عام 2019، حاول الترشح للكنيست، لكنه لم يحصل سوى على حوالي 3400 صوت فقط، وانضم لاحقًا إلى حزب الليكود لكن لم يتم وضعه على قائمته في الانتخابات.

ولم يلعب المسؤول الإسرائيلي عن ملف الرهائن المعين حديثا، دورا فاعلا في المفاوضات لإطلاق سراح اثنتين من الأسرى الإسرائيليين خلال الأسبوع الماضي، بحسب ما قال مسؤولان دبلوماسيان أجنبيان لـ "تايمز أوف إسرائيل".

وانتقد بعض الإسرائيليين هيرش لأنه اتخذ مركز الصدارة في مشهد الإفراج عن الأسيرتين الأميركيتين جوديث رعنان وابنتها ناتالي، رغم أن حركة حماس أكدت أن الإفراج جاء لـ "أسباب إنسانية"، متهمين إياه بإقحام نفسه في الصورة دون أن يكون له دور في ذلك.


وعندما قامت حماس بإطلاق سراح يوخفيد ليفشيتس ونوريت كوبر لدواعٍ إنسانية أيضا في الـ 23 من الشهر ذاته، لم يظهر هيرش في الصورة عند استقبالهما على الحدود.


المنسق السابق
يرون بلوم، عيّنه نتنياهو في تشرين الأول/ أكتوبر أيضا لكن من عام 2017 خلفًا ليؤور لوتان الذي أمضى ثلاث سنوات في الخدمة، وهو من سكان حيفا، وأنهى خدمته في وحدة جولاني، وانضمّ إلى جهاز الأمن العام "الشاباك" وشغل وظائف عدة من بينها ضابط تجنيد عملاء في لبنان وداخل الخطّ الأخضر، ثم تمت ترقيته ليكون الضابط المسؤول عن كامل قسم تجنيد العملاء. 

اظهار أخبار متعلقة


بعد ذلك، انتقل بلوم إلى مجال الأمن، وتولّى الأمن في فرع طيران "العال" في باريس، وحصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من ميونيخ وروما.

عند عودته إلى الأراضي المحتلة، عمل بلوم في قسم العلاقات الخارجية ضمن جهاز الشاباك، وتولى قسم العلاقات الخارجية، وكان ممثل الجهاز الأمني في فريق التفاوض برئاسة منسق المخطوفين في ذلك الوقت ديفيد ميدان.

ومثلت صفقة إطلاق سراح جلعاد شاليط المعروفة فلسطينيا باسم "وفاء الأحرار، أزمة جديدة بالنسبة لبلوم، بسبب نتائجها المٌخيّبة، وتشكيلها لوعي معين لدى قيادة الاحتلال يجعل مهمة الترويج لاتفاق آخر مع حماس مهمة صعبة، بحسب تقرير لصحيفة "معاريف".

 طريق مسدود
شغل ليئور لوتان منصب مُنسّق المخطوفين والمفقودين حتى عام 2017 وكان متطوعا في المنصب على مدار ثلاث سنوات، إلا أنه قرر الاستقالة بعد أن أدرك أن الاتصالات مع حماس قد وصلت إلى طريق مسدود، وأن مساحة المناورة التي يسمح بها المستوى السياسي في هذه الاتصالات محدودة للغاية، بحسب تقرير لصحيفة "هآرتس".

وذكرت العديد من المصادر أن لوتان كان يهاجم عائلة مانغستو (أفيرا منغستو، إسرائيلي من أصول إثيوبية، محتجزا في غزة لأكثر من تسع سنوات) بشكلٍ عنصري، ويطالبهم بعدم ربط قضيته بالجالية الأثيوبية في "إسرائيل" وإلا سيبقى لعام آخر في غزة، وحملهم مسؤولية فقدانه، إلا أنه واعتذر عن ذلك فيما بعد، بحسب بما جاء في تقرير آخر للصحيفة.


صفقة شاليط
أمّا في وقت إجراء صفقة شاليط، فقد كان ديفيد ميدان يشغل منصب المُنسّق، وهو رجل أعمال في القطاع التقني الخاص والتسويق الدولي، وناشط في مختلف القضايا الاجتماعية، خدم في الموساد لأكثر من 30 عاما ضمن مناصب مختلفة داخل "إسرائيل" وخارجها، إذ كان آخرها رئيس قسم العلاقات الدولية.

استلم ميدان مهامه في عام 2011 خلفا لرجال المخابرات المتمرسين، عوفر ديكل، وحاجي هداس، بعد سنوات من الجهود الفاشلة، وجاء هذا مع مغادرة الوسيط الألماني غيرهارد كونراد حينها للمشهد بعدما قدم إلى حكومة حماس مخططا تفصيليًا للصفقة، وتزامنًا مع زيادة التعقيد بسبب رفض حماس للوساطة الأوروبية، وتعذرت الوساطة المصرية بسبب عزل الرئيس المصري حسني مبارك ورئيس مخابراته عمر سليمان في ذلك الوقت.

اظهار أخبار متعلقة


وبعد إتمام الصفقة، انتهت خدمة ميدان التي امتدت طوال 35 سنة كضابط موساد ومنسق للمخطوفين والمفقودين بالاستقالة من منصبه والتوجه إلى العمل في القطاع الخاص. 

بعد صفقة شاليط 2011 والنقد الشديد الذي تعرضت له رفقة الصفقات مع حزب الله عامي 2004 و2008 تقرّر تشكيل لجنة لفحص ماذا حدث وأين فشلت هذه الصفقات، إذ سميت هذه اللجنة فيما بعد باسم “لجنة شيمجر”، لأن من ترأسها كان رئيس المحكمة العليا مائير شيمجر، بحسب موقع "واينت".

صُنّفت توصيات لجنة شيمجر ضمن الملفات الأمنية السرية للغاية، وكان جزء من التسريبات التي وصلت إلى وسائل الإعلام يظهر بندا يتعلق بتحرير أسير فلسطيني واحد مقابل استعادة جندي أسير واحد، وبحثت توصيات خاصة تتعلق بالمفاوضات وكيفية إجرائها.

وجاءت هذه التوصيات بناء على أن "إسرائيل" لن تكون قادرة على دفع هذا الثمن الباهظ مرة أخرى إذا تم خطف جنود إضافيين، إذ تم إطلاق سراح 1027 أسيرًا فلسطينيًا مقابل شاليط، ومن بينهم المئات الذين أدينوا بالتورط في القتل، وكان أبرزهم رئيس المكتب السياسي الجديد لحركة حماس يحيى السنوار.
التعليقات (0)